Site icon صحيفة الأمم اليومية الشاملة

هكذا يغير التنفس الصحيح حياتك للأفضل

 اعتقدت إيمي هارتلي، طوال حياتها كمعظم الناس، أنها تعرف كيف تتنفس، وقد أعادت التفكير في الأمر، بعد أن تدربت كمعلمة يوغا، لكنها بعد ذلك أخذت درساً مع مدرب التنفس الذي أخبرها بخطأها في التنفس، وأشار إلى أنها لم تكن تسمح للهواء بالوصول إلى الجزء الأسفل من رئتيها لكنها، كانت “تتنفس من أعلى الصدر”، كما قالت لصحيفة “الجارديان” البريطانية.

وأضافت: “ثم علمني (المدرب) هذا التنفس الواعي وشعرت أن بطني السفلي مفتوحة، كما أحسست بالتحسن في التنفس بعد جلسة واحدة فقط، لذلك أعجبني ما تعلمت”.

بملاحظة طلابها في فصل اليوغا، وملاحظة الناس في الحياة اليومية، بدأت تلاحظ أنه لا أحد تقريباً يتنفس جيداً، أي بطريقة توسع البطن وترفع الجزء العلوي من الصدر والظهر قليلاً في حركة سلسة، لكن الاستثناء كان الأطفال حتى سن 3 سنوات، وبعد ذلك ينسون كيف يتنفسون بشكل جيد.

اهتمام متزايد

ازداد الاهتمام بـتحسين التنفس في السنوات القليلة الماضية، ضمن مجال الصحة العامة في الغرب على الأقل، فيما عرفت الممارسات الروحية في الديانات البوذية والهندوسية منذ فترة طويلة فوائد التنفس جيداً، وتعمل هارتلي كمدربة في التنفس التحولي، وهي الطريقة التي ابتكرتها جوديث كرافيتز في السبعينيات، وهناك طرق أخرى للتنفس  بما في ذلك “باتيكو” و”هولوتروبيك”، بالإضافة إلى البراناياما القديمة، أو ممارسة التحكم في التنفس، في اليوجا.

وتقدم هارتلي جلسات التنفس الجماعي والخاص، وقد نشرت كتاباً في وقت سابق من هذا العام بعنوان “تنفس جيداً”، وكتابها هذا ليس سوى واحد من عدد من الكتب المتخصصة في نفس هذا الموضوع.

وتساعد هذه التمارين في تحسين النفس، وهي ما يمكن أن تغير صحتنا الجسدية والعقلية من خلال تحسين وظائف المناعة، والنوم، والهضم، وأمراض الجهاز التنفسي، وخفض ضغط الدم والقلق، كما يزعم ممارسوها.

هناك القليل من الأبحاث المعتبرة التي تدعم هذه الادعاءات، على الرغم من أنه أصبح من المقبول على نطاق واسع أن “التنفس الحجابي” – أي إشراك العضلات الكبيرة بين الصدر والبطن في سحب الرئتين الهواء بصورة أكبر وأعمق – يمكن أن يقلل من الشعور بالتوتر والقلق، وهو ما أصبحت توصي به هيئة الخدمات الصحية البريطانية.

فوائد

وتقول هارتلي: “إذا كنا نتنفس في الحجاب الحاجز جيداً، فإننا نرسل رسائل إلى الجسد بأننا في أمان”، مضيفة أن التنفس البطيء والعميق ينشط الجِهاز العصبي اللَّاوُدِّيّ، فيما أظهرت الدراسات أن التحكم في التنفس يمكن أن يقلل من مستويات هرمون الإجهاد الكورتيزول في اللُعاب، كما أظهرت دراسة أخرى أن التحكم في التنفس يمكن أن يغير كيمياء الدماغ، مما يؤثر على مستويات هرمون الإجهاد الآخر، النورادرينالين، والذي يمكن أن يعزز التركيز ويحافظ على صحة الدماغ في الأجل الطويل، كما أن هناك تزايد في استخدام تمارين التنفس لمساعدة المصابين بالربو.

وربما تكون جائحة كورونا قد زادت من الإقبال على التدريب على التنفس في مواجهة الفيروس الذي يؤثر على الجهاز التنفسي، ويهاجم رئتي المصابين بشراسة، وغالباً ما يترك حتى أولئك الذين يعانون من أعراض خفيفة مع ضيق في التنفس يستمر لأشهر.

وترى هارتلي أن نحو 80% من الأشخاص الذين تراهم في خلال حصصها التدرييبة يتنفسون من الجزء العلوي من الصدر، لذلك فإنهم عندما يتنفسون، يستخدمون عضلاتهم الوربية (بين الضلوع) وعضلات الكتف بشكل مفرط، ولا يكاد أي شخص يتنفس جيداً في بطنه، وهو ما يجب أن تكون عليه عملية التنفس الصحية، كما أن هناك من يتنفسون من أفواههم بدلاً من أنوفهم، لذلك يجدون الكثير من التعقيدات في الطريقة التي يتنفسون بها.

تصميم على الخطأ

وتقول: “راقب طفلاً صغيراً يتنفس تنتفخ بطنه مع كل نفس، إنه يفعل ذلك بشكل غريزي”، مضيفة أنه عندما يبدأ الأطفال المدرسة، تبدأ العادات السيئة في الظهور في تلك الفترة الأخيرة من العمر – فهم يجلسون لفترات طويلة، ويتحركون أقل، ويبدأون في التعامل مع الضغوط العاطفية التي تؤثر على التنفس. 

وتتابع: “نحن مصممون على التقاط أنفاس قصيرة ضحلة تحت التهديد، ما يجعلنا نشعر الآن كما لو أننا تحت التهديد طوال الوقت. دخل في وضع القتال أو الطيران هذا وتنقبض العضلات، ثم نبدأ في حبس أنفاسنا أكثر مما ينبغي”.

وتشير هارتلي إلى أن الإنسان الطبيعي يأخذ 23000 نفساً يومياً، لكنها تقول إن هناك متسعاً لتنفس أفضل، كما أن هناك إشكالية في استخدام التكنولوجيا الحديثة وما يستتبعها من وضعيات الجلوس التي يمكن أن تعيق نظامنا التنفسي، فسواء كان الشخص منحنياً على جهاز كمبيوتر أو مطأطئاً رأسه ورقبته لأسفل وهو ينظر إلى هاتفه.

طريقة تحسين التنفس

وتقول هارتلي إن الخطوة الأولى لتحسين التنفس هي إدراك الخطأ، فقد يلاحظ أحدنا أنه يحبس أنفاسه أكثر مما يدرك، أو أنه يأخذ أنفاساً ضحلة ليست عميقة، مضيفة: “التنفس هو أمر لا شعوري يستمر لمدة 24 ساعة في اليوم ولا نلاحظ كيف نلتقط معظم أنفاسنا، لكنه النظام الوحيد في الجسم الذي لدينا بعض القدرة على تغييره. اكتشف كيف تتنفس أولاً – ضع إحدى يد على أسفل البطن، والأخرى على الجزء العلوي من الصدر، وخذ أنفاساً قليلة ولاحظ أي جزء من الجسم يرتفع أكثر (لتحديد ما إذا منت تتنفس من خلال الجزء العلوي من الصدر أم من خلال الحجاب الحاجز)”.

وتوصي بتمديد الزفير كوسيلة للشعور بمزيد من الاسترخاء، قائلة: “تنفس من خلال الأنف على أن تلتقط النفس وأنت تعد من واحد إلى 4، واحبس أنفاسك وأنت تعد من 1 إلى 6، ثم أخرج النفس في زفير 6 عدّات كذلك، ثم كرر ذلك لبضع مرات”.

وتضيف أنه يمكن التدرب أثناء التنقل، وهو أمر مثالي أثناء المشي أو التنقل اليومي، وحتى بعد العودة من العمل، قائلة: “خذ شهيقاً لخمس خطوات أثناء المشي، واخرجه زفيراً للخطوات الخمس التالية، ودائماً يكون الشهيق والزفير من خلال الأنف”.

أما إذا كان شخص ما يريد أن يتهياً للنوم فعليه أن يشد كل عضلات الجسد أثناء الشهيق من الأنف، ثم إطلاقها أثناء الزفير من خلال الفم، وتكرار هذه العملية عدة مرات، ثم يترك مسافة بين الأسنان، مع وضع اللسان على أعلى باطن الفم (الجزء الصلب) ، والتنفس من خلال الأنف والعد حتى 3، والاحتفاظ بالنفس مع العد حتى 4، ثم إخراجه من خلال الفم، ثم تكرار العملية مع إرخاء اللسان، كما تنصح هارتلي بتكرار هذه العملية 10 مرات على الأقل.

Share and Enjoy !

Shares
Exit mobile version