من عمر ضمرة – قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز إننا بتنا نشهد اليوم خطابا متطرفا من نوع آخر، انه خطاب كراهية مبتذل، مليء بالحقد والكذب، والفبركات الإعلامية، وتشويه الحقائق، هدفه ابتزاز الدولة الأردنية، وتنفيذ أجندات خارجية.
وبين خلال رعايته مساء أمس في غرفة صناعة الزرقاء الاحتفال بإطلاق مبادرة “لا للتطرف”، التي أطلقتها جمعية نشامى ملكا الخيرية في الزرقاء، ان ذلك الخطاب الملوث يأتينا من خلف المحيطات، عبر منصات التواصل الاجتماعي، من أشخاص يبثون سمومهم بكل الاتجاهات، ويشككون بكل منجز وطني، وبمواقفنا العروبية التي رفضنا المساومة عليها، وأرخصنا دمنا الغالي لأجلها.
وأشار إلى أن بعض الأقلام المأجورة والخبيثة تطل علينا اليوم، وهي التي تعودت أن ترتمي بأحضان من يدفع أكثر، ولاؤها الثابت للدوائر الأمنية الصهيونية، حيث تطل علينا بتحليلات مليئة بالحقد والكراهية، ضد الأردن وقيادتنا السياسية، تحليلات تتماهى مع الأفكار الصهيونية، وأفكار من يروجون لها ولصفقة القرن، هدفها المس بوحدتنا الوطنية، وزرع الفتنة بين مكوناتنا الاجتماعية.
وتابع ان تلك التحليلات المزعومة والمسمومة يتم ترويجها تحت مسمى (تقول مصادر، وذكرت صحف، وأشار كتاب، ويرى محللون)، إذ تدعي ان هناك انفصالاً بيننا وبين قيادتنا السياسية، وأن نظامنا الهاشمي تحميه “إسرائيل”، وأن هذا الكيان الصهيوني لن يسمح بوقوع الفوضى في الأردن.
ولفت إلى أن تلك التحليلات المسمومة والأقلام الحاقدة تناقض نفسها حينما تقول مرة أخرى، ان إسرائيل لا تحمي إلا مصالحها، وان مصلحتها الآن إسقاط النظام الأردني، الذي يحول دون تمدد إسرائيل، ولا يسمح بترحيل الفلسطينيين إلى الأردن، حيث يستمر هؤلاء بتكرير نشر الروايات الصهيونية، التي توحي بأن الأردن دولة ضعيفة، تحركها إسرائيل وأتباعها كما يريدون.
وأكد ان هذا الحمى الأردني الهاشمي، سيبقى عصياً على الانكسار والانهزام، وسيبقى بقيادته الهاشمية، شامخاً حراً سيداً كعهده على الدوام، إذ نعيد تذكير هؤلاء بمعارك باب الواد واللطرون، والكرامة، وبالشهداء من قادتنا الهاشميين وقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، الذين روت دماؤهم كل بقعة في هذا الحمى الأردني الهاشمي الطهور، وسالت دماؤهم الزكية، في فلسطين والجولان وغير ذي مكان، وذلك دفاعا عن أعراضنا وكرامتنا، وعن شرف امتنا وقضياها العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ووجه الفايز حديثه لهذه الزمر التي تنشط في هذه الظروف الصعبة، التي تواجهنا وتواجه أمتنا، في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن صفقة القرن، ومخططات تصفية القضية الفلسطينية، مضيفا “ان قيادتنا الهاشمية صاحبة الشرعية الدينية والتاريخية، لم تهادن يوما على قضية وطنية أو قومية، بل نذرت نفسها من أجل الوطن والأمة، ولم تساوم يوما على دماء الشهداء، ولم تبع مواقفها بثمن بخس، واستمرت مسيرتها طاهرة، يكللها الفخار والعز والكبرياء”.
وأكد ان الأردنيين بجميع توجهاتهم، لن يقبلوا التفريط بوطنهم وترابه الطهور، وجميعهم يقفون خلف جلالة الملك عبد الله الثاني دفاعا عن عزتنا وكرامتنا، هذا هو ديدنهم على الدوام، يرخصون الغالي والنفيس من أجل الوطن وقيادته الهاشمية، اذ ستبقى سيوف الأردنيين مسلولة، دفاعا عن الوطن وقيادته الهاشمية، وسنقطع اليد التي تحاول المس بقائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني .
وعبر عن تقديره للقائمين على مبادرة جمعية نشامى ملكا “لا للتطرف” والداعمين لها، في ظل هذه الظروف التي تمر بها أمتنا، وما يواجه الوطن من تحديات، مؤكدا “أننا بحاجة إلى كل جهد خير، والى كل كلمة سواء، توحد صفوفنا، وتعزز تماسكنا الاجتماعي، لنكون كالبنيان المرصوص خلف قيادتنا الهاشمية، في مواجهة تحدياتنا، وما يحاك لأمتنا من مؤامرات، ولاسيما محاولات تصفية القضية الفلسطينية”.
وأشار إلى ان قوى الإرهاب والتطرف، ما هي إلا عصابات دموية، تتستر خلف أفكار ظلامية أو دينية لتحقيق أهدافها، وبخلاف خطرها الأمني فهي تسعي إلى تشويه القيم النبيلة والأخلاق الحميدة، حيث تتبنى ثقافة الاستهتار بالنفس البشرية والكراهية، غير آبهة بالكرامة الإنسانية .
وأوضح أن تلك القوى المتطرفة، ظهرت وانتشرت بقوة في منطقتنا العربية لعدة أسباب، منها حالة التفكك والهوان التي تعيشها أمتنا، وبعد ما يسمي بـ “الربيع العربي” الذي لم يخلف إلا الدمار والقتل والفوضى، كما ساعد في ظهورها وانتشارها، سياسات بعض الأنظمة التي لا تؤمن بقيم العدالة وحق الأفراد في حياة كريمة، ولا تؤمن بان كرامة الإنسان قيمة عليا، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالفقر والبطالة وانعدام العدالة الاجتماعية.
وشدد على ضرورة وضع استراتيجيات واضحة ومحددة، تبدأ بالعمل على إحداث التنمية الشاملة، وتتبنى خطابا ثقافيا وإعلاميا ودعويا مستنيرا، للتوعية بمخاطر خطاب الكراهية والتطرف على المجتمع، اذ أن المطلوب مواجهة التطرف، بالفكر والمنطق، وبالحجة المقنعة، لتعريف الناس بالقيم الإنسانية النبيلة، وتعزيز المواطنة الصالحة والانتماء الوطني، وعلى الجميع تحمل المسؤولية، في حربنا على هذا الفكر الظلامي والتصدي له، دفاعا عن وطننا وامتنا وعقيدتنا.
ولفت الفايز إلى أن للإعلام، دورا بارزا في مواجهة التطرف والغلو، وكذلك ضرورة وجود تشريعات قانونية، تمنع نشر خطابات الكراهية والترويج للأفكار المتطرفة، أو تدعو إلى الفتنة، مثلما أن هناك مسؤولية كبيرة على علماء الأمة والدين، وعلى المثقفين ومؤسسات المجتمع المدني، اذ أن واجبهم يحتم عليهم تعرية الأفكار المنحرفة، إضافة إلى الدور الذي يقع على عاتق البيت والأسرة والمدرسة، ودور العلم والجامعات التي هي مطالبة، بتدريس مناهج التربية الوطنية وتفعيلها، وغرس قيم المواطنة الحقة، وتربية الأجيال على القيم الفضلى والنبيلة .
وقال المنسق العام للمبادرة المستشار الإعلامي الزميل محمد الملكاوي إن المبادرة تهدف الى تأسيس حاضنة في الأردن للتصدي للتطرف المجتمعي في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، فيما ستعمل على بناء شراكات مع منظمات مجتمع مدني أردنية في مختلف مناطق المملكة للتصدي للتطرف والإرهاب.
كما سيتم استحداث مركز لتلقي الشكاوى والاقتراحات بحق الأشخاص الذين يعانون من التطرف وخطاب الكراهية بهدف دراسة الحالات وتقديم الدعم النفسي والمعنوي والإرشادي لهم بالتنسيق مع عائلاتهم ومع الجهات المختصة، وسيتم توفير التدريب والإرشاد لبعض الآباء والأمهات الذين تعاني أسرهم من أفراد متطرفين على آليات التعامل الحكيم معهم لإعادة دمجهم بالمجتمع .
بدوره قال عضو اللجنة التحضيرية للمبادرة الدكتور خالد البلوي ان المجتمع يتحمل عبئاً كبيرا بمكافحة كل فكر متطرف ومنحرف، إذ يتعين علينا اتخاذ تدابير احترازية تقي المجتمع قبل الوصول الى مرحلة فرض العقوبات من قبل الدولة على المتطرفين .
وتابع ان الأسرة يقع على عاتقها التربية والتنشئة القويمة والمراقبة والبحث وتلمس سلوكيات الأبناء، كما يتعين تكثيف البرامج التوعوية الإرشادية التي يقوم عليها متخصصون في هذا المجال، حيث ان التطرف وخطاب الكراهية يمارس من قبل البعض لأجندات معينة بهدف إحداث الإرباك وضرب مكونات المجتمع المتنوع .
وقال عضو اللجنة التحضيرية للمبادرة الدكتور هايل عياش ان التطرف لا يقتصر على دين بعينه بل ان الأديان كافة عرفت التطرف، حيث ظهرت في أوروبا طوائف متطرفة خرجت على تقاليد المجتمع والفهم الصحيح للدين مما استدعى تدخل الكنيسة للتصدي لها .
وبين ان التطرف ظاهرة خطيرة تلوث عقول الشباب، إذ أن إطلاق هذه المبادرة يهدف لحماية الأردن من مخاطر التطرف ولأجل ترسيخ مبادىء الوطنية الصادقة وتعظيم قيم التسامح والعيش المشترك .
كما أكد رئيس الجمعية يحيى الملكاوي محاور المبادرة التي تتمثل في: التأكيد على أن الإسلام هو دين السلام، والتصدي للتطرف، ورفض خطاب الكراهية، ومعاً للتسامح والعيش المشترك، وشراكة مجتمعية لحياة آمنة، ونحو عام 2020 بداية التصدي المجتمعي للتطرف والإرهاب في الشرق الأوسط ونحو عام 2030 بدون تطرف بالشرق الأوسط.
وحضر إطلاق المبادرة محافظ الزرقاء الدكتور محمد السميران ورئيس مجلس المحافظة الدكتور أحمد عليمات والنائب فيصل الأعور ورئيس غرفة الصناعة المهندس فارس حمودة وعدد من ممثلي السفارات وممثلي المجتمع المحلي .