Site icon صحيفة الأمم اليومية الشاملة

سياسيون أردنيون يحذّرون من أجندة نتنياهو بتهجير قسري لسكان غزة

 حذّر سياسيون أردنيون من أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى إلى الاستثمار في الدعم الدولي والاميركي غير المسبوق لإسرائيل، عبر تنفيذ أجندة قديمة- جديدة تتمثل في القيام بتهجير قسري لسكان قطاع غزة، وهو الأمر الذي يمثّل جزءاً من عملية تاريخية تسعى خلالها إسرائيل إلى التخلص من الفلسطينيين في جميع الأراضي الفلسطينية.

وأبدى المشاركون مخاوفهم من أن التصريح الأخير لوزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في زيارته مؤخرًا إلى تل أبيب، بأنه لا مجال للحياد أو لأي أعذار حيال الهجوم الذي تعرضت له إسرائيل، يعطي نتنياهو شيكاً على بياض للقيام بعملية التهجير.

جاءت هذه الأراء والاتجاهات في جلسة نقاشية عقدها معهد السياسة والمجتمع في عمان واستضافت، د. مروان المعشر ونخب أردنية وباحثين للحديث حول الأبعاد الاستراتيجية والدولية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفي هذا التقرير نستعرض ملخصًا لأبرز ما دار في الجلسة النقاشية من نقاط أساسية:

1- رأى المشاركون أن هنالك أجندة دولية تعمل بشكل عام لتشويه صورة الفلسطينيين وحركة حماس تحديدًا وشيطنتها وربطها بتنظيم الدولة “داعش”، وهذه الأجندة تمكنت من السيطرة على الإعلام الغربي، رغم أن الفترات السابقة -قبل الحرب- كانت قد شهدت تصاعدًا في التعاطف مع الفلسطينيين من قبل الغرب، لكن ما تفاجأ به الفلسطينيون اليوم أن الإعلام الغربي يعزف بسيمفونية واحدة ضد الفلسطينيين، فكُسر كل ما بُني للرواية الفلسطينية من تثقيف ومحاولات توثيق لجرائم الاحتلال وتعزيزها بحملات المقاطعة.

خلص المشاركون في هذه النقطة إلى أهمية استعادة زمام المبادرة والدخول بشكل أكثر فاعلية على خط مواقع التواصل الاجتماعي وبناء سردية واضحة للرواية العربية والفلسطينية؛ فالجهود اليوم رغم أنها تقتصر على أفراد متفرقين إلا أن بعض الخبراء من المشاركين لاحظوا أنها بدأت تمارس تأثيرًا من الضروري تطويره وصب الجهود مزيدًا فيه. وأمام هذه الدعوة يُطرح تساؤل رئيسي متعلق بمنطلقات الخطاب وهويته إن كان يجب أن يظهر بمظهر المنتصر أم الضحية؟ وكان رأي أغلبية المشاركين بأن يكون منطلق الخطاب (إنسانيًّا) يركز على خطورة الاحتلال وبصفته المسؤول الأول عن الجرائم الواقعة اليوم في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الدائر. إلى جانب ذلك، فإن المرحلة المقبلة تتطلب إظهار حقيقة ما يجري من خلال عرض صور الضحايا من الأطفال والنساء لتحريك المياه الراكدة -على الصعيد الفلسطيني- في الغرب، على مؤسسات المجتمع المدني والسياسيين والمثقفين والرأي العام الذي لا يجب أن يُترك وكأنه مقدّر له دائمًا أن يسير في ركاب الرواية الإسرائيلية.

2- على الرغم من الاختراقات العسكرية التي حققتها حركة حماس عبر ذراعها العسكري، كتائب عز الدين القسام، والصدمة والترويع الذي وقع على الجانب الإسرائيلي، وما حظيت به العملية من أصداء إيجابية على العالمين العربي والإسلامي، إلا أنه من الواضح أن العمليات العسكرية الدائرة اليوم تأخذ مستويين؛ المستوى الأول عسكري، والمستوى الثاني هو الاستثمار السياسي، ولربما أن السياسات التي يقوم بها نتنياهو وحكومته اليمينية تأتي بسبب موقف الغرب غير المسبوق في إعلان التأييد والتعاطف والتضامن مع نتنياهو، لأسباب تتعلق باللوبي الإسرائيلي وبالسياسات الإسرائيلية والسياسات الأوروبية، وبالتالي فإن هذا يدفع بالقلق الشديد باتجاه أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يحاول استثمار التعاطف سياسيًّا لتنفيذ أجندته -التي بدت أنها أجندة مسبقة- بتهجير الفلسطينيين سواء في غزة أو لاحقًا في الضفة الغربية، ما يعني أن نجاح سيناريو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية سيكون بمثابة نموذج بالإمكان استنساخه في الضفة الغربية. وبالتالي من الضروري اليوم -من وجهة نظر المشاركين- وقف الهجوم الإسرائيلي على غزة ومحاولة عدم تمرير هذا السيناريو، لأنه خطير في مآلاته على القضية الفلسطينية، كما أنها تشكل فرصة مناسبة لنتنياهو اليوم ليعيد إنقاذ إرثه السياسي لعلمه التام بأنه لن يبقى بمنصبه بعد أن تضع الحرب أوزارها، وهو ما يدفعه لإنهاء مسيرته السياسية بانتصار إسرائيلي غير مسبوق واستعادة الصورة ورد كرامة الإسرائيليين بعد هزيمة غير مسبوقة مُنيوا بها.

3- تكمن خطورة الرواية الإسرائيلية اليوم والتي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية والمتمثلة بـ”دعشنة” حركة حماس، ومحاولة القضاء عليها، في أن الأخيرة ليست تنظيمًا سياسيًّا أو عسكريًّا، بل تطورت إلى (أيديولوجيا)، وبالتالي فإن مسألة القضاء على حماس ضمن المخطط والمشروع الإسرائيلي هي مسألة غير واقعية؛ فالتجارب السابقة المتعلقة بمحاولة القضاء على أيديولوجيا مع جماعات ذات طابع راديكالي -بالمقارنة مع حماس- عبر القضاء على رؤوسها وقادتها أثبتت فشلها، رغم أن تلك الحركات لا تمتلك القاعدة الاجتماعية التي تمتلكها حماس. وبالتالي، الافتراض جدلًا أن إسرائيل استطاعت القضاء على قيادات الحركة وعلى حكمها السياسي، وهو أمر بعيد المنال، فذلك سيكون له تداعيات تتمثل في تأجيج مزيد من مشاعر الغضب ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، ما يعني أن الطرف الآخر الذي سيستفيد من هذه الصيغة الجديدة هو تنظيم “داعش” والحركات الراديكالية الأخرى التي تستثمر دائمًا مشاعر الإحباط وخيبة الأمل والشعور بعدم الفرق بين إسرائيل والولايات المتحدة والغرب وتتهم النظم العربية بالتواطؤ وعدم القدرة على مواجهة التحديات، ومثل هذه الحركات هي المستفيد الرئيسي.

4- حول الأبعاد الإقليمية للعلميات العسكرية، كان هنالك توافق واضح بين المشاركين في الجلسة النقاشية على أن قرار القيام بعملية “طوفان الأقصى” بدرجة كبيرة هو قرار حركة حماس ولم يكن قرار حزب الله وإيران، رغم أن الحرب الحالية عززت وأعادت ترميم معسكر الممانعة وتلقي حماس الدعم بشكل مباشر وغير مباشر من هذا التحالف بصورة دائمة ماليًّا وعسكريًّا، وهو ما اعترفت وتعترف به الحركة، إلا أن المشاركين رجحوا أن القرار هو قرار حركة حماس وقرار الجناح العسكري بصورة أدق، وبالتالي فإن حزب الله وإيران لديهما حسابات مختلفة في دخول المعركة التي لا يريدان منها أن تتحول لمعركة إقليمية، إلى جانب الضغوط الدولية والإقليمية على حزب الله بعدم التدخل، كما أن اشتباك حزب الله مع المعادلة في غزة هو اشتباك لا يعدو أن يكون تكتيكيًّا. لكن المشاركين في المقابل، رأوا أن حزب الله وإيران لا يمكنهم التخلي عن حماس إلى اللحظة الأخيرة وتركهم لمواجهة الإبادة وينتهي فيها قطاع غزة؛ لأن هذا سيؤدي لإضعاف جزء كبير من قوة ونفوذ إيران وحزب الله في الوقت نفسه، وبالتالي يسعى الطرفان، إيران وحزب الله، للوصول إلى صفقة مع الوساطات بأن لا يكون هنالك قضاء كامل على الحركة وإلا فإن ذلك سيدفعهم للتدخل بشكل استراتيجي. وهو ما يفسر تحركات حزب الله التكتيكية على صعيد محدود ولم يصل إلى مستوى كبير، إلى جانب شعور حزب الله بالقلق مع وجود الولايات المتحدة وحاملة الطائرات الامريكية الذي قد يفضي إلى أن يكون الهدف ليس فقط القضاء على حركة حماس بل القضاء على الترسانة العسكرية للحزب في المرحلة المقبلة، وهو ما يعني تنفيذ أجندة نتنياهو على أكثر من صعيد، خاصة وإن كان قد صرح بأن وجه الشرق الأوسط سيتغير مع هذه الحرب.

5- ما يتعلق بالموقف الأردني، كان هنالك من المشاركين تقدير للتحديات التي يواجهها الموقف الأردني وللحسابات المعقدة التي ترتبط ببناء الموقف، فالخطاب الدبلوماسي الأردني جزء منه يمكن وصفه بالموقف القوي والمتماسك في التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية وعلى عدم إمكانية تجاوزها في الحلول، وهذا ما كان قد أكد عليه الأردن وكان يؤكد عليه في الفترة الماضية، لكن دعا عدد من المشاركين إلى تطوير الخطاب الدبلوماسي الأردني ليركز بصورة أساسية على الاحتلال وعلى الجانب الإنساني وعن خطورة ما يحدث على مستوى المنطقة.

وأكد مشاركون على ضرورة بناء وتعزيز الحضور الأردني في الرواية الغربية، فما يزال محدودًا حتى اللحظة، وهو ما يستدعي مراجعة هذا الخطاب وإعادة صياغته نحو خطاب مغاير يتجاوز التقليدية.

Share and Enjoy !

Shares
Exit mobile version