القضاء في مواجهة غاسلي الأموال .. 24 حُكمًا بالإدانة وحبس مجرم 26 سنة
abrahem daragmeh
على مدى السنوات الماضية كان القضاء بالمرصاد لجرائم غسل الأموال وبما يُحقِّق الرَّدع العام والخاص في هذه الجريمة السَّافرة التي تترك آثارا خطيرة على اقتصاد الدولة وتنمية المجتمع حيث طبَّق قُضاة المحاكم المختصّون قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لسنة 2021 وأصدروا أحكامًا بالإدانة في 24 قضية خلال 17 شهرًا الأخيرة وصلت عقوبة الحبس فيها إلى وضع أحد المجرمين خلف القضبان لمدة 26 سنة.
وتم تتبع مجريات هذه الجريمة في المحاكم النِّظامية في الفترة بين آذار من العام الماضي وحتى نهاية شهر تموز من العام 2024، وتبين لها أنَّ إجراءات المجلس القضائي في مواجهة هذه الجريمة انتهت بإصدار 24 حُكمًا بالإدانة ومصادرة مبالغ مالية وصلت قيمتها إلى 2 مليون و167 ألفًا و 110 دنانير، وخلال العام 2024 فصلت المحاكم المختصَّة في 16 قضية غسل أموال وأصدرت أحكاما بإدانة وحبس الأشخاص المتورطين بهذه الجريمة حتى 5 سنوات، ومصادرة المبالغ المالية التي نجمت عن هذه الجريمة.
وفي قضية واحدة من هذه القضايا قررت المحكمة مصادرة مليون و666 ألفا و112 دينارًا، ووضع المحكوم عليه بالأشغال المؤقتة لمدة 24 سنة والحبس سنتين و ثلاثة أشهر والرسوم، والغرامة المالية التي وصلت إلى 21 ألفا و370 دينارًا وتضمينه النفقات الإدارية والقضائية ومصادرة قطعة الأرض المحجوزة وما عليها من بناء بحدود المتحصلات غير المشروعة البالغة قيمتها 18 ألف دينار.
وتبين أنَّ المجلس القضائي تعامل مع هذه الجريمة بشكل مؤسسي وعلمي ومدروس ومتعاون مع كل الجهات لتحقيق الرَّدع العام والخاص من خلال تشكيل لجنة قضائية متخصصة تضم 15 قاضيًا ومدَّعيًا عامًا من مختلف الدَّرجات يرأسها النَّائب العام في العاصمة عمَّان، مهمتها جمع كل ما يتعلق بهذه الجريمة وتقديم التوصيات بشأنها لضمان اتخاذ الوصول إلى أفضل النتائج في تحقيق وملاحقة جريمة غسل الأموال ومن هذه التوصيات تخصيص قضاة لقضايا غسل الأموال سواء في المحاكم أو الإدعاء العام ورفع قدراتهم وتأهيلهم في هذا النوع من الجرائم وبحيث يكون القاضي والمدعي العام الذي يحقق بالقضية على درجة عالية من المعرفة والكفاءة في هذا المجال للوصول إلى أفضل النتائج.
وتنفيذا لهذه التوصية تمَّ عقد 44 برنامجًا تدريبيًا متخصصًا في مجال غسل الأموال خلال الفترة الواقعة بين الاول من تموز 2021 والثالث من آذار 2022 تناولت عدة محاور منها جرائم غسل الاموال، التحقيقات المالية الموازية، التحقيق بقضايا الفساد كجريمة أصلية في جريمة غسل الاموال وجمع الأدلة فيها، مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب، وتقييم مخاطر غسل الاموال وتمويل الارهاب المتعلقة بالاشخاص الاعتباريين والترتيبات القانونية وفهمها.
وشمل التوسع بقضايا غسل الأموال تطوير نظام إدارة القضايا “ميزان” لتضمينه بيانات خاصة عن هذه الجرائم واضافة خانات خاصة بها من حيث عدد الاشخاص، اذا كان هناك شـخص معنوي، ونوع الغسل، ونوع المصادرة وقيمتها، واذا كان هناك تحقيق مالي أو مواز، وتحديث البيانات المدخلة وإضافة خانات جديدة.
وبحسب القانون تتم مصادرة جميع المتحصلات الجرمية في القضايا التي صدرت بها أحكامً، وتقوم دوائر الإدعاء العام بتنفيذ طلبات المساعدة القضائية الدولية المتعلقة بإلقاء الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة وتنفيذ جميع الطلبات الواردة إليها بما في ذلك إنابات الحجز المتعلقة بقضايا غسل الأموال.
واعتبرت المادة الثالثة من القانون أنَّه “يعد مرتكباً لجريمة غسل الاموال، كل شخص يعلم بأن الأموال متحصلات جريمة اصلية سواء ارتكب الجريمة الاصلية ام لا وذلك في حال قيامه عمداً بتحويل الأموال أو نقلها لغايات تمويه أو إخفاء مصدرها غير المشروع أو لغايات مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب الجريمة الأصلية أو ساهم في ارتكابه، وإخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للأموال أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف بها أو حركتها أو ملكيتها أو أي من الحقوق المرتبطة بهذه الأموال، واكتساب الأموال أو استخدامها أو إدارتها أو استثمارها أو حيازتها، و كل شخص يشرع في ارتكاب أي من الأفعال السابقة أو يساعد أو يحرض أو يسهل أو يخفي ارتكاب هذه الجريمة أو يتدخل في ارتكابها أو يعمل كشريك أو يرتبط مع أو يتآمر لمحاولة ارتكاب هذه الجريمة، وعند اثبات ان الاموال هي متحصلات جريمة فلا يشترط أن يكون قد تم إدانة شخص بارتكاب الجريمة الاصلية”.
وعرَّفت الفقرة ذاتها متحصلات هذه الجريمة بأنها، “أيُّ متحصلات ناجمة عن ارتكاب فعل اجرامي خارج المملكة شريطة أن يشكل هذا الفعل جريمة في المملكة وفي الدولة التي وقع فيها، وأي متحصلات ناجمة عن أي فعل يعتبر جريمة بمقتضى اتفاقيات دولية صادقت عليها المملكة شريطة ان يكون معاقبا عليها في القانون الاردني”. وتشير المادة 30 من القانون إلى أنَّه “يعاقب كل من ارتكب أو شرع او تدخل او شارك او حرض او تآمر في ارتكاب جريمة غسل الأموال أو تمويل الارهاب المنصوص عليهما في هذا القانون بالأشغال المؤقتة وبغرامة لا تقل عن مثل الأموال محل الجريمة ومصادرة متحصلاتها وايراداتها ومنافعها وأي وسائط أو أدوات استخدمت أو كان من المنوي استخدامها في الجريمة مع مراعاة حقوق الغير حسن النية”.