على عجل تلملم اللاجئة السورية سلمى إسحاق (45 عاما) المواد الغذائية التي أعدتها منذ أيام لعرضها في أحد البازارات الخيرية لبيعها.
تعمل سلمى ليل نهار لتأمين قوت يومها وحاجات عائلتها الضرورية، خاصة تدفئة الشتاء. فالحياة تضيق على اللاجئين كل يوم بسبب تراجع المساعدات الدولية وصعوبة العودة إلى سوريا نظرا لاستمرار الحرب وتدمير البيوت.
حالة الضيق التي يعيشها اللاجئون السوريون حاليا، يتوقع أن تستمر خلال العام الجاري 2020، وقد تزداد شدتها، خاصة وأن نتائج التمويل الدولي لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية جاءت مخيبة لآمال اللاجئين والدولة المضيفة.
وسجل التمويل الدولي لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية تراجعا بنسبة 58%، فمنذ ثماني سنوات قدرت خطة الأردن لمواجهة أزمة اللجوء السوري المستمرة بـ2.4 مليار دولار، في حين بلغ حجم التمويل حتى نهاية العام الماضي 1.015 مليار دولار، وبنسبة تمويل 42%، مسجلة عجزا بقيمة 1.38 مليار دولار، وفق أرقام وزارة التخطيط الأردنية.
وتصدرت الولايات المتحدة قائمة الجهات المانحة الرئيسية لخطة استجابة الأردن، بتمويل بلغ 407 ملايين دولار، تلتها ألمانيا بـ205 ملايين دولار، والأمم المتحدة 170 مليونا، والاتحاد الأوروبي 45 مليونا وغيرها من الدول المانحة.
ويقول وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني وسام الربضي للجزيرة نت “الأردن يتحمل نيابة عن المجتمع الدولي أعباء استضافة اللاجئين السوريين، وعلى المجتمع الدولي والجهات المانحة العمل مع الأردن من خلال أربعة محاور تحوّل أزمة اللاجئين السوريين إلى فرصة تنموية تجذب استثمارات جديدة”.
وتشمل هذه المحاور إضافة لدعم المجتمعات المستضيفة، توفير تمويل كاف لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، وتأمين منح كافية وتمويل ميسر لتلبية الاحتياجات التمويلية في الأردن على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ودعم المؤسسات الوطنية ورفع كفاءة العاملين بها، وتعزيز الأنظمة الصحية والتعليمية والبنية التحتية، وتمويل المشاريع ذات الطابع الرأسمالي، وكل ذلك بهدف إيجاد حلول مناسبة من شأنها الحد من الآثار السلبية للجوء.
وبدأت وزارة التخطيط بإعداد خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية 2020-2022 بمشاركة الجهات المعنية من الوزارات والمنظمات الأممية، والمتوقع إطلاقها خلال يناير/كانون الثاني الحالي.
حلول مستدامة
تقول الخبيرة في شؤون اللاجئين سمر محارب للجزيرة نت “يفترض بالأردن التفكير في حلول أكثر استدامة لإغاثة اللاجئين، وحلول تدفع اللاجئين للاعتماد على أنفسهم عبر تصاريح العمل التي منحها لهم الأردن، وإعادة الإعمار في سوريا لتشجيع اللاجئين على العودة الطوعية لديارهم”.
وتابعت أن تخفيض التمويل الدولي سيدفع الأردن إلى تخفيض الإنفاق على قطاعات مهمة، مثل الصحة والتعليم والغذاء، مما سيؤدي إلى تفريغ المدارس وانتشار عمالة الأطفال وانتشار الجريمة وتدهور الواقع الصحي والمعيشي للاجئين.
وتشكل خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية آلية لشراكة إستراتيجية بين الحكومة الأردنية والجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، في وقت أُشرك فيه ممثلون عن القطاع الخاص، وتتمحور الخطة حول ضمان استجابة وطنية شاملة مدعومة دوليا لمجابهة التحديات وتعزيز المنعة.
من جهته قال الناطق الإعلامي باسم مفوضية اللاجئين محمد الحواري للجزيرة نت إن “الخطورة المترتبة من تراجع التمويل الدولي لأزمة اللاجئين السوريين في الأردن ستضر بالبرامج الإغاثية القائمة، بحيث سيجري تقليص الكثير منها والتي تندرج تحت شريان الحياة مثل برنامج المعونة النقدي”.
ويرى الحواري أن أي تقليص للمعونات النقدية يعني طرد اللاجئين من البيوت التي يستأجرونها لعدم تمكنهم من تسديد إيجاراتها، إضافة إلى تقليص المساعدات الغذائية والصحية وغيرها، مما سيضر بحياة اللاجئين وبيئتهم المعيشية.
ووفق وزارة الداخلية الأردنية يستضيف الأردن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري قدموا هربا من القتل والتدمير، منهم نحو 654 ألف لاجئ مسجلين في المفوضية السامية للاجئين، يعيش منهم قرابة 120 ألفا في مخيمات الزعتري والأزرق، في حين يعيش البقية في المحافظات الأردنية.
المصدر : الجزيرة