Site icon صحيفة الأمم اليومية الشاملة

الخلط بين العلاقات المدنية والعسكرية والتوافق القانوني والدستوري من عدمه

الصحفي علي فواز العدوان
لا يمكن وضع العسكريين في مقارنة من خلال استطلاعات الراي او استخدام الجيش مع مفردات الإدارة الحكومية المسؤولة عن سلامةتقديم الخدمات للمواطنين مثل الوزرات الامنية والاقتصادية والخدمية و الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني.

معروف ان الحكومة بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية،أما العسكريون هم أحد الفاعلين الموجودين في إطار النظام السياسي بما يكفله الدستور بالدرجة الاولى ،ناهيك عن تنامي الضغط الشعبي بضرورة تحسين الادارات الحكومية بما يختص في تقديم الخدمات والحريات العامة واستغلال هذه المؤسسات لتخفيف الضغط الشعبي على مؤسسات القرار الحكومي المعنية بالإدارة .
والعلاقات المدنية العسكرية شأنها شأن كل المفاهيم الاجتماعية العامة والسياسية كونها علاقة بين القوات المسلحة والهيئات التنظيمية المدنية عموما، وقد كان صمويل هنتنجتون في مقدمة من تبنا بهذا التعريف للعلاقات المدنية العسكرية و فرضية وجود تناقض أو تعارض بين المدنيين والعسكريين في مصالح كل منهم بما يهدد الاستقرار في المجتمع.

و هناك أربعة أسس رئيسية طرحها صمويل هنتنجتون للتعرف على العلاقات المدنية العسكرية تتمثل في أن العسكريين والمدنيين يشكلون جماعتين مختلفتين وأن هناك تمايزات فرعية داخل كل منهما، وأن التحول فى العلاقات المدنية العسكرية عبر الوقت يتوقف على درجة فاعلية السيطرة المدنية.
فالعلاقات المدنية العسكرية بطبيعتها يغلب عليها جانب الصراع و ما يجعل الصراع داخل حدود، هو خضوع العسكريين للمدنيين وأن التحول في العلاقات المدنية العسكرية عبر الوقت يتوقف على درجة فعالية السيطرة المدنية.
ويمكن النظر إلى العلاقات المدنية العسكرية على ثلاث مستويات، العلاقة بين القوات المسلحة ككل والمجتمع ، والعلاقة بين القيادة العليا في القوات المسلحة والقيادة السياسية العليا في الدولة ، والعلاقة بين نخبة القوات المسلحة والنخب الأخرى الموجودة في المجتمع.
وفى هذا الإطار فإن العلاقات المدنية العسكرية تمثل أحد جوانب سياسة الأمن القومي التي تهدف إلى زيادة درجة الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي ضد التهديدات الخارجية و تنطوي على قدر كبير من المرونة وعدم الرسمية من خلال علاقات واضحة ومتمايزة بين المؤسسات المختلفة السياسية والأيديولوجية التي تتم عبر حدود المنظمات الرسمية للدولة .
“كلودويلش ” صنفت العلاقات المدنية عسكرية على انها علاقة بريتورية مرادفه للتدخل العسكري واسع النطاق فى عملية التغير السياسي اعتمادا على الاستخدام الفعلي للقوة أو التهديد بإستخدامها، او جود مؤسسة عسكرية مسيسة تقوم بتنفيذ الأهداف والمبادئ التي يضعها الحزب الذي يمثل العسكريين جزءا من النخبة الحاكمة به ويرتبط هذا النمط بوجود جيش ثورى يمثل أداة للشعب والحزب الحاكم يمتد دوره إلى مجالات السياسة التعليمية والثقافية والصحية ضمن علاقات مدنية عسكرية متداخلة أو متغلغلة .
والعلاقات المدنية اي عسكرية الديموقراطية تقوم على مبدأ الاحتراف والتأكيد على السيطرة المدنية وضرورة الفصل بين المدنيين والعسكريين كضمان لعدم تدخل العسكريين في الحياة السياسية وتمثل الدول الغربية الديموقراطية وعلى رأسها الولايات المتحدة الصورة المثلى لهذا النموذج، والتى أرسى أسسها “صمويل هنتجتون”و”موريس جانووتيز” فى دراسة العلاقات المدنية العسكرية الديمقراطية والتى ارتبطت بشكل خاص بالنموذج الغربي المعاصر حيث يؤكد أنصار هذه النظرية على أن الأحتراف يمثل الألية الرئيسية لضمان السيطرة المدنية على العسكريين وإقامة علاقات مدنية عسكرية ديمقراطية.
ويعتمد هنتجتون على أسلوبين لتحقيق وإحكام السيطرة المدنية على العسكريين يتمثلان في السيطرة المدنية الذاتية والسيطرة المدنية العسكرية ، من خلال تعظيم قوة المدنيين فى مواجهة العسكريين ويمكن أن يحدث هذا التكتل بين المدنيين في مواجهة العسكريين حتى ولو كانت المصالح متعارضة بين الجماعات المدنية ذاتها.

ويؤكد”صمويل هنتجتون” أن تعظيم وتكتيل مصالح المدنيين فى مواجهة العسكريين لا يشترط أن يحدث من قبل كافة القطاعات المدنية بل يمكن أن تقوم به بعض القطاعات المدنية والأسلوب الثانى سيطرة مدنية موضوعية يرى من خلال زيادة درجة الاحتراف بين العسكريين والاعتراف باستقلالية العسكريين وتحويل العسكريين إلى أداة في يد الدولة وهذا النوع من الاحتراف هو الذى يحقق زيادة درجة الاحتراف ويضمن الحياد السياسي لأعضاء المؤسسة العسكرية.
ويرى “موريس جانووتيز” أن تدخل العسكريين فى ظل النظم الديمقراطية يكون محدود وعادة ما يقتصر تأثيرهم على مجال السياسة الخارجية وسياسات الدفاع حيث تمارس النخبة السياسية السيطرة على العسكريين من خلال مجموعة من القواعد الرسمية التي تحدد مهام العسكريين و يؤكد على ضرورة مشاركة العسكريين فى وضع أسس النظام الديموقراطي وذلك لأنه من الصعوبة النظر إلى العسكريين كمحايدين حيث أن ذلك يعنى أنهم مرتزقة وليسوا مواطنين ولذلك لابد وأن يكون لهم توجه سياسي بالرغم من استمرار عدم مشاركتهم في السياسات.

Share and Enjoy !

Shares
Exit mobile version