Site icon صحيفة الأمم اليومية الشاملة

حكمة القيادة في مواجهة التحديات: مقاربة سياسية بين صلح الحديبية وقرار التهجير

رؤية استراتيجية تحمي الأرض والإنسان
لطالما كان الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، صوتًا عربيًا صادقًا ضد مشاريع التهجير والاستيطان، مؤكدًا في كل مناسبة أن القضية الفلسطينية ليست مجرد ملف سياسي، بل هي حق تاريخي، لا يقبل المساومة، وعندما التقى جلالته بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أوج الحديث عن “قرار التهجير”، حمل همّ القضية الفلسطينية على كتفيه، ودافع عنها بصلابة، رافضًا أي تسويات تمسّ حقوق الفلسطينيين، أو تغيّر الواقع الجغرافي والسكاني للفلسطينيين، ولم يكن ذلك مجرد موقف دبلوماسي، بل كان تعبيرًا صادقًا عن التزام الأردن التاريخي بقضية الأمة المركزية، واستجابة لرغبة شعبه الذي يرى في فلسطين قضيته الأولى.
الحديبية: سياسة النبي في زمن التحديات


إذا عدنا إلى التاريخ، نرى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية واجه معارضة شديدة من بعض الصحابة الذين رأوا في الشروط المفروضة تنازلًا عن حق المسلمين في أداء العمرة، لكن النبي، ببصيرته النافذة، أدرك أن السياسة ليست مجرّد رد فعل عاطفي، بل هي فنّ إدارة التحديات لمصلحة الأمة، فقبل ببعض الشروط، لأنه كان يعلم أن المستقبل يحمل في طياته نصرًا أعظم، وبالفعل، لم تمضِ سنوات قليلة حتى دخل المسلمون مكة فاتحين، دون إراقة دماء، بفضل قرارات النبي السياسية الحكيمة.
تشابه الرؤية واختلاف الأزمنة
إن المتأمل في موقف جلالة الملك عبدالله الثاني من قضية التهجير، وفي صلح الحديبية، يجد تشابهًا في الرؤية السياسية التي تراعي البعد الاستراتيجي، بعيدًا عن المزايدات والمواقف الشعبوية، فكما أدرك النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن الحفاظ على وحدة الصف وبناء الدولة أهم من انتصار لحظي، يدرك جلالة الملك أن حماية الأردن وتعزيز دوره الإقليمي والدولي في الدفاع عن القدس والقضية الفلسطينية، يتطلب حنكة سياسية، وتوازنًا دبلوماسيًا، يضمن بقاء الأردن طرفًا فاعلًا لا يمكن تجاوزه في أي معادلة سياسية.
الأردن بين المبادئ والثوابت
في ظل الضغوط الدولية والمتغيرات الإقليمية، حافظ الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني على موقفه الثابت، رغم قلة الموارد وكثرة التحديات، فكما قدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديبية نموذجًا للحاكم الذي يراعي مصالح رعيته ويحافظ على استقرار أمته، يقدم جلالة الملك نموذجًا حديثًا للحكمة السياسية، التي تجمع بين الثبات على المبادئ، والتعامل الواقعي مع المتغيرات السياسية.
القيادة الحقيقية رؤية طويلة الأمد
التاريخ يعلمنا أن القادة العظماء هم من يدركون أن السياسة ليست مجرد قرارات لحظية، بل هي رؤية بعيدة المدى، تضمن استقرار الأوطان، وتحمي مصالح الشعوب، وهنا، نجد في موقف جلالة الملك عبدالله الثاني امتدادًا للحكمة السياسية التي جسدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، حيث يكون القرار الصعب اليوم، هو مفتاح النصر في المستقبل.
وهكذا، يبقى الأردن على ثوابته، شامخًا بمواقفه، مستمدًا من تاريخه العريق دروس الحكمة، ومن قيادته الهاشمية بوصلةً لا تحيد عن درب الحق.

Share and Enjoy !

Shares
Exit mobile version