Site icon صحيفة الأمم اليومية الشاملة

الأردن ثالثا عربيا في مؤشر الفجوة بين الجنسين بنسبة 65.5%

 – أصدر المنتدى الاقتصادي الأردني ورقة بعنوان “المرأة الأردنية والمساواة في الفرص: أداء الأردن في مؤشر الفجوة بين الجنسين 2025″، وذلك في إطار دعم مسيرة التنمية الوطنية، وتعزيز موقع المملكة في المؤشرات الدولية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.

وأشار المنتدى، في بيان صحفي، إلى أن تضييق الفجوة بين الجنسين لا يمثل فقط استحقاقًا حقوقيًا، بل يُعد رافعة تنموية واقتصادية أساسية تُسهم في تحسين كفاءة الاقتصاد الوطني وزيادة إنتاجيته.

وأشار المنتدى إلى أن مؤشر الفجوة العالمية لعام 2025 أظهر أن نسبة سد الفجوة عالميًا بلغت 68.8%، في حين سجل الأردن 65.5%، ليحتل المرتبة الثالثة عربيًا بعد الإمارات (72.4%) والبحرين (68.4%) وفيما يتعلق بالتوجهات الوطنية، أكد المنتدى أن الأردن أبدى خلال العقد الأخير التزامًا ملموسًا بتضييق الفجوة بين الجنسين، سواء عبر استراتيجيات تمكين المرأة أو من خلال تضمين هذا الهدف في رؤية التحديث الاقتصادي وبرامج التنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، أظهرت الخطة الاستراتيجية لوزارة التنمية الاجتماعية للأعوام (2022–2026) التزامًا واضحًا برفع نسبة مشاركة المرأة التنموية إلى 27% بحلول عام 2025، إلى جانب إدماج مفهوم النوع الاجتماعي في السياسات المؤسسية وبرامج الحماية والرعاية.

وأشار المنتدى إلى أن هذه الجهود بدأت تنعكس تدريجيًا على أداء الأردن في مؤشر الفجوة بين الجنسين، حيث سجل المؤشر العام 0.593 في عام 2014، ليرتفع إلى 0.655 في عام 2025، ما يعكس تحسنًا تدريجيًا ناتجًا عن ارتفاع نسب التحاق الإناث بالتعليم العالي، وتوسع مشاركتهن في قطاعي التعليم والصحة.

وفي ذات السياق، بيّن أن محورَي المشاركة الاقتصادية والتمكين السياسي ما يزالان يمثلان تحديًا رئيسيًا، فمعدل مشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل لا يزال من بين الأدنى إقليميًا، في حين بقي التمثيل السياسي محدودًا رغم التحسينات التشريعية، خصوصًا الكوتا التشريعية.

وحول الإصلاحات السياسية، أوضح المنتدى أن قانون الإدارة المحلية رقم (22) لعام 2021 شكّل نقطة تحوّل هامة من خلال رفع نسبة تمثيل النساء في المجالس المحلية والإقليمية من 10% إلى 25%، بما يعكس التزام الدولة بتوسيع المشاركة النسائية في مواقع صنع القرار، في حين جاء قانون الأحزاب السياسية لعام 2022 لينص على ألا تقل نسبة النساء عن 20% من الأعضاء المؤسسين لأي حزب سياسي، مما يعزز حضور المرأة في الهياكل الحزبية.

وأشار المنتدى إلى أن دراسة تقييم الأثر التشريعي لعام 2024 حول مشاركة المرأة في الحياة السياسية أظهرت نتائج إيجابية، حيث بلغت نسبة النساء المشاركات في الأحزاب السياسية الأردنية نحو 44% في عام 2025، ما يمثل تطورًا ملموسًا في مسار التمكين السياسي.

وأكد المنتدى أن المسار الأردني يُظهر معادلة مزدوجة؛ حيث توجد إرادة واضحة للإصلاح وتبني السياسات، إلا أن الواقع الاجتماعي والاقتصادي يبطئ من وتيرة الإنجاز.

وعلى ضوء ذلك، دعا المنتدى إلى استمرار الإصلاحات في بيئة الأعمال، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وتشجيع ريادة الأعمال النسائية، والتي تُعد ضرورات لتسريع سد الفجوة وتحقيق قفزة نوعية في المؤشر.

وفيما يتعلق بالمحاور الفرعية للمؤشر خلال العقد الأخير، أوضح المنتدى أن الأداء لم يكن متوازنًا، ففي محور التحصيل العلمي، تجاوز المؤشر 0.97 في عام 2014، ليصل إلى 0.99 في 2025، ما يعكس تفوق المرأة الأردنية في التعليم، وفي محور الصحة، ارتفع المؤشر من 0.94 في عام 2014 إلى 0.956 في عام 2025، في إشارة إلى تحسن نسبي في خدمات الرعاية الصحية وتكافؤ الفرص الصحية بين الجنسين.

أما في محور المشاركة الاقتصادية والفرص، فقد تراوح المؤشر بين 0.50 – 0.55 خلال العقد، ليستقر عند 0.552 في عام 2025، ما يشير إلى ضعف قدرة الاقتصاد الأردني على استيعاب النساء المتعلمات، وفي المقابل، أظهر محور التمكين السياسي بعض التحسن، لكنه بقي عند مستويات متواضعة، إذ ارتفع من 0.07 في عام 2014 إلى 0.12 في عام 2025 فقط.

وفيما يتعلق بأهمية العلاقة بين التمكين الاقتصادي والسياسي، أشار المنتدى إلى أن التجارب الدولية والمراجع الأكاديمية تؤكد أن تحسين مشاركة المرأة في الاقتصاد والسياسة يساهم في تعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين جودة الحوكمة، لافتا الى أن ضعف المشاركة الاقتصادية والسياسية هو السبب الأبرز لاستمرار الفجوة الجندرية في الأردن.

وفي هذا الإطار، لفت إلى أن نموذج “الرجل المعيل”، المدعوم بقوانين اقتصادية وأسرية تقليدية، ساهم في اعتبار عمل المرأة خيارًا ثانويًا.

وأشار المنتدى إلى أن فجوة الأجور بين الجنسين تتراوح بين 17–21% في الأردن، ولا يمكن تفسيرها فقط باختلاف الكفاءة، بل تعكس عوامل تمييز ضمنية.

كما أوضح أن قيودًا كضعف النقل العام، وضعف تنوع القطاع الخاص، والعقبات الثقافية تؤثر سلبًا على مشاركة المرأة في الاقتصاد.

وأكد المنتدى أن ما يُعرف بـ “مفارقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” تنطبق على الحالة الأردنية، حيث لم تتحول المكاسب التعليمية إلى فرص عمل حقيقية، وذلك نتيجة ضعف التوظيف الحكومي وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب الخريجات.

وفيما يتعلق بالتقدم التشريعي، أشار المنتدى إلى أن تعديلات عام 2019 على قانون العمل الأردني رسّخت مبدأ المساواة في الأجور ومنعت التمييز في أماكن العمل، وألزمت المؤسسات بإنشاء حضانات في أماكن العمل لتيسير الجمع بين الحياة الأسرية والعملية.

وبيّن المنتدى أن تشكيل اللجنة الوزارية لتمكين المرأة في عام 2015 ساعد على توحيد الجهود الحكومية وتعزيز المساءلة وتوجيه السياسات بما يتوافق مع التزامات الأردن الدولية.

وعلى ذات السياق، أوضح المنتدى أن رؤية التحديث الاقتصادي (2022–2033) شكّلت محطة مفصلية في دعم النوع الاجتماعي، حيث ركزت على دعم ريادة الأعمال النسائية، الشمول المالي، وزيادة مشاركة المرأة في القطاعات المستقبلية كالتكنولوجيا والطاقة المتجددة.

كما لفت المنتدى إلى دور المجتمع المدني والقطاع الخاص في دعم مشاريع تقودها النساء، خاصة في المناطق الريفية والبادية، مشيرًا إلى أن هذه المبادرات تُعد مكملة للجهود الحكومية.

وحول أبرز التحديات البنيوية، أوضح المنتدى أن معدل مشاركة النساء في سوق العمل بلغ فقط 14.9% في عام 2024، نتيجة عوامل متعددة، مؤكدا أن ضعف تطبيق المادة (72) من قانون العمل والمتعلقة بالحضانات، يُعد من الأسباب المباشرة لانخفاض مشاركة المرأة، حيث تشير تقارير البنك الدولي إلى انخفاض الامتثال وضعف العرض الرسمي لخدمات الرعاية.

وأشار أيضًا إلى أن التحيّزات الاجتماعية، كما تظهر في مسوح مثل الباروميتر العربي وGSNI، تحد من تقبّل عمل المرأة، وتؤثر على قرارات الأسر وجهات التوظيف، رغم توفر التأهيل.

وبيّن المنتدى أن سوق العمل يعاني من تركّز قطاعي في مجالات مثل التعليم والصحة، وهي قطاعات مشبعة ومنخفضة الأجور، بينما يغيب فيها العمل الجزئي أو المرن في القطاع الخاص، ما يقلل من فرص المرأة.

وأكد أن فجوة الأجور في القطاع الخاص تبلغ نحو 17%، وتزداد مع الترقي، مما يقلل من الحوافز الاقتصادية لاستمرار المرأة في العمل على المدى الطويل، خاصة في ظل أعباء رعاية الأطفال والتنقل.

وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية، أوضح المنتدى أن اشتراطات الضمان الاجتماعي ذات الكلفة المرتفعة، وقلة العمل الجزئي أو المرن، تضعف من جدوى دخول المرأة لسوق العمل مقارنة بالبقاء خارجه.

وفي ضوء ما سبق، أوصى المنتدى إلى مجموعة من السياسات والتدخلات الملموسة، أبرزها: تفعيل المادة (72) من قانون العمل، وربطها بحوافز ضريبية للمؤسسات الملتزمة، وتوسيع برامج دعم الحضانات بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإقرار ترتيبات العمل المرن مع حماية الحقوق الاجتماعية للعاملات، وتحسين منظومة النقل العام لتكون آمنة ومنخفضة التكلفة.

كما دعا الى إطلاق برامج تدريب وتأهيل موجهة للنساء في قطاعات النمو كالتكنولوجيا والطاقة، وتحفيز القطاع الخاص على توظيف النساء من خلال ربط الحوافز الحكومية بمستويات التوظيف النسائي، واعتماد آلية وطنية لقياس فجوة الأجور بين الجنسين ونشر نتائجها سنويًا.

وأكد ضرورة تعزيز التفتيش العمالي الجندري وتدريب المفتشين على رصد التمييز، ورفع تمثيل النساء في المجالس المنتخبة والهيئات الاقتصادية إلى 30% على الأقل، وإعداد قيادات نسائية في الأحزاب والنقابات والمجالس المحلية، وتضمين منظور النوع الاجتماعي في السياسات العامة والموازنات الوطنية.

ودعا أيضا الى إطلاق مرصد وطني للمساواة بين الجنسين لرصد المؤشرات وتحليل أثرها على التنمية البشرية، ومراجعة القوانين ذات الأثر الجندري كقوانين العمل والضمان الاجتماعي والأحوال الشخصية، وإدماج مفاهيم المساواة في المناهج الدراسية، وإطلاق حملات توعية لتغيير الصور النمطية.

وفي ختام الورقة، أكد المنتدى أن تمكين المرأة الأردنية ليس فقط مسألة عدالة، بل خيار اقتصادي واستراتيجي يعزز الإنتاجية ويرفع القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.

Share and Enjoy !

Shares
Exit mobile version