بلغت الإجراءات الحكومية في مواجهة فيروس “كورونا” أمس ذروتها بإعلان الدولة عن 12 قرارا جديدا تهدف إلى حصار الوباء الذي تزايدت أعداده. إجراءات حاسمة وصعبة لم تأخذ بالحسبان سوى مصلحة المواطنين وضمان الحفاظ على سلامتهم وصحتهم. وهي قرارات لاقت استحسانا لدى عامة الناس وتقديرا للجهود المبذولة من قبل الدولة.
بلدنا بألف خير، وتحت السيطرة، ويجب على كل أردني أن يكون مؤمنا بأن كل مسؤول ومواطن في المملكة على قدر الهمة، وعلى قدر التحديات والصعاب. جنود بواسل في جميع الساحات، يحرصون على تنفيذ القرارات والإجراءات، والتي مهما زادت حدتها وصعوبتها وقسوتها، فهي في النهاية من أجل أردن آمن صحيا.
كل ما هو مطلوب الآن، أن نطرد من مخيلتنا وسلوكنا الخوف والقلق والارتباك، وأن نعي جيدا أن المرحلة صعبة، ليست على الأردن فقط، فالعالم كله يئن تحت وطأة هذا الوباء. اقتصاديات كبيرة لدول غنية باتت تعاني. الأمن الاجتماعي والصحي فيها في أدنى مستوياته، وهذه درجة لم نصل إليها حتى الآن، ولا أظن بأننا سنصل بفضل الإجراءات الاستباقية الاحترازية التي انتهجتها الحكومة في هذا الإطار. لذلك فنحن تغمرنا طمأنينة كبيرة ما دمنا نمسك بزمام الأمور ونتعامل مع الأزمة بعقلانية تحترم قرارات الدولة وتوجيهاتها.
انتشار الجيش يوم أمس مدعاة للأمن والأمان، فهذه المنظومة ظلت على الدوام موضع ثقة المواطن وتبعث في نفوس الأردنيين الهدوء والسكينة، فهي قادرة على التعاطي مع جميع المسائل، وكل المطلوب منا هو أن نكون على قدر هذه المنظومة وألقها واحترافيتها.
ليس منطقيا أبدا ضرب قرارات الدولة عرض الحائط والتعامل معها باستخفاف وتعال، فالتجربة الإيطالية يجب أن تكون حاضرة أمام أعيننا، وما وصل إليه الحال في تلك الدولة الأوروبية هو نتاج استهتار الشعب وحكومته مع الفيروس الذي قتل حتى الآن نحو 7400 شخص حول العالم، فيما أصيب أكثر من 183 ألفا آخرين، بعد أن حط ركابه في 146 بلدا. إسبانيا أيضا هي مثال حي على عدم احترافية التعامل مع “كورونا”.
انتقدنا دائما الحس غير المسؤول الذي يمارسه البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، تجاه مختلف القضايا، لكن اليوم نرى الأمر بعين أخرى، فما يعلنه المواطنون من مواقف تضامن وتكافل مع جميع أجهزة الدولة، يؤكد أننا أمام شعب حضاري يدرك مصلحته ومصلحة وطنه جيدا. وعليه فإن هذا الحس يجب أن يستمر دون تنمر أو تذمر أو اعتراض، ولا يعني هذا عدم التعبير عن الرأي وتقييم جميع القرارات، لكن بصورة علمية منطقية، وبخطاب لا يقلل من حجم المنجز المتحقق حتى الآن، ولا يسلب الناس فخرهم بدولتهم.
ما توفره الدولة حتى الآن، يفوق قدرتها على التحمل، وطاقتها تبلغ ذروتها، فما أن تخرج المملكة من أزمة حتى تتعثر بأخرى، وفي كل حين نجدها صامدة متماسكة صلبة، بقيادتها وشعبها ومؤسساتها، فقدرة هذا الوطن على تجاوز الصعاب لا تضاهيها قدرة. وقد شاهدنا ما يحدث في دول ذات اقتصاد قوي.
ربما تكون قرارات يوم غد أو بعد غد أكثر صعوبة وصرامة، ولم لا؛ ما دامت النتيجة في النهاية ستصب في مصلحتنا جميعا، وستؤدي إلى أردن أفضل وأقوى. لن نجني الثمار سوى من خلال التحلي بالصبر والتحمل وبث الروح الإيجابية.