Site icon صحيفة الأمم اليومية الشاملة

الوضع تحت السيطرة .. أزمة وسنعبرها

لم تدع المؤسسة الرسمية أنها تملك حلا سحريا لتلبية احتياجات المواطنين تحت الحظر. قالت منذ البداية إن عملية لوجستية بهذه الضخامة لم يسبق تطبيقها من قبل ستخضع للتطوير المستمر استنادا لمعطيات الميدان يوما بيوم.

أمس، بدأت الحكومة توزيع الخبز على المواطنين في مناطق سكنهم وفتحت الباب لتوصيل الدواء وحليب الأطفال من الصيدليات للمنازل. وكما كان متوقعا، شهد اليوم الأول تسجيل حالات ازدحام عند حافلات الخبز في بعض الأحياء السكنية المكتظة.

العملية مستمرة على مدار الساعة، ووعد وزير الإدارة المحلية المواطنين بتمديد ساعات التوزيع لشمول جميع العائلات.

اليوم سيختلف الوضع حتما، الازدحام سيخف كثيرا بعد تزود المواطنين باحتياجاتهم أمس، وبعد أيام ستمضي العملية بشكل طبيعي.

ليس مقدرا أن تستمر مؤسسات الدولة بهذا الوضع لفترات طويلة، ربما لأسبوعين أو أكثر بقليل، وخلال هذا الوقت ينبغي العمل على تطوير آليات توزيع تعتمد على القطاع الخاص، خاصة وأن الخطة الحكومية تتجه سريعا لتوسيع دائرة المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية والصحية المشمولة بخدمة التوصيل للمنازل.

والمطلوب هنا تحقيق هدفين أساسيين؛ الأول تلبية احتياجات الناس الضرورية والأساسية، وثانيا تشغيل القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية المعنية بإنتاج السلع وتوزيعها، للتقليل من خسائر الاقتصاد الوطني وإبقاء دورة العمل قائمة ولو في حدها الأدنى.

في غمرة الانشغال بتنفيذ الواجبات الثقيلة حاليا، ينبغي التفكير بمنح الأولوية في توزيع الخبز والمواد الغذائية لعائلات أفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والكوادر الصحية والطبية. المنتسبون لهذه الأجهزة في حالة استنفار وطورائ مديدة ولا يجدون الوقت لرعاية أطفالهم وعائلاتهم، ويتولون نيابة عن الشعب كله خوض المعركة مع الوباء، ولذلك يستحقون رعاية خاصة ومعاملة تفضيلية.

والمسؤولية في هذه المواجهة الكونية لا تقتصر على مؤسسات الدولة، بل على المجتمع برمته. توفير الحد المعقول من احتياجات الناس لفترة زمنية قصيرة، يتطلب منا التضحية بنمط معيشة اعتدنا عليه طويلا، وهي فرصة نادرة لوضع أجيال من الشباب على المحك، ليخوضوا تجربة معيشية لا تتاح فيها كل متطلباتهم التي اعتادوا عليها، والتأقلم مع تغيير جوهري في كل من سلوكهم اليومي والغذائي.

سكان المدن، تحديدا، سيلمسون هذه التجربة أكثر من سواهم، لأن نمط الاستهلاك الذي حكم حياتهم كان قاتلا ومتساهلا، وعزز شعورا بالاتكالية والوصول السهل لكل ما يحتاجونه من كماليات. حان الوقت لخوض تجربة الحياة الصعبة، كتلك التي عاشها أهلنا من قبل واختبروا قسوتها.

لن نبقى على هذا الحال لفترة طويلة، وما نخسره اليوم على جميع الصعد سيقينا من كوارث باهظة إذا ما تساهلنا في التعامل مع خطر الوباء، كما حصل لدول غيرنا تمسكت بنمط الحياة السائد، فخسرت أرواح محبيها بالآلاف، وتهاوى نظامها الصحي ووقف عاجزا عن خدمة المصابين.

أمامنا أسبوعان حاسمان، وليكن شعارنا خبزنا كفاف يومنا، لنعبر اللحظة القاتلة.

Share and Enjoy !

Shares
Exit mobile version