Site icon صحيفة الأمم اليومية الشاملة

أفضل تكريم لجيشنا الأبيض

يحظى العاملون بالقطاع الطبي الحكومي، من أطباء وممرضين وممرضات ومهن طبية مساندة، بتقدير عالمي واسع لدورهم الشجاع في التصدي لفيروس كورونا والمخاطرة بحياتهم لإنقاذ المصابين في المستشفيات. وقد حازوا عن جدارة لقب “الجيش الأبيض”.
وهم بحق جيش بكل معنى الكلمة، حتى أنهم أصبحوا يقدمون الشهداء في ساحة المعركة. المئات من الأطباء والممرضين والممرضات قضوا شهداء في عديد البلدان الأجنبية والعربية، جراء إصابتهم بالفيروس الخبيث، أثناء تأدية عملهم.
ليس هذا فحسب ما منحهم التقدير والثناء على دورهم البطولي، بل كفاءتهم العالية، بعد أن كان الانطباع السائد عنهم عكس ذلك تماما. لقد تمكنوا من إنقاذ حياة مئات الآلاف حول العالم، وطبقوا على نحو متقدم التعليمات الطبية وإجراءات الرعاية الصحية، المقرة من منظمة الصحة العالمية، بأقل الإمكانيات والتجهيزات الطبية المتوفرة.
الكادر الطبي والتمريضي الأردني كان في قلب المعركة ضد الفيروس المستجد منذ اليوم الأول، وواجهوا مثل أقرانهم في العالم، تحديا غير مسبوق للتعامل مع فيروس غامض ومستجد فعلا، ولا تتوفر حوله خبرات يمكن الرجوع إليها للتغلب عليه، باستثناء القليل من المعلومات عن التجربة الصينية في مواجهته، مع عدم توفر دواء أو لقاح يحد من انتشاره.
لكن بالرغم من ذلك، سخّر الكادر الصحي في مستشفيات وزارة الصحة كل قدراته ومعنوياته لخوض المعركة باقتدار وشجاعة، وأظهروا تفانيا كبيرا في العمل لساعات طويلة لاحتواء الفيروس وتقديم أفضل رعاية طبية ممكنة للمصابين.
حدث تبدل كبير في نظرة المواطنين للعاملين في المستشفيات الحكومية، وتسابق الأردنيون من مختلف الفئات الاجتماعية للتبرع دعما للقطاع الطبي الحكومي، بعد أن أدركوا بالفعل لا بالقول بأنهم خط الدفاع الأول عن صحة الناس.
حصل هذا بعد سنوات طويلة من العلاقة المشحونة بين الطرفين، وشعور بعدم الرضى عن مستوى الخدمات المقدمة، تصاعدت على نحو سيئ للغاية في السنوات الأخيرة، بلغ حد الاعتداء المشين على الكوادر الصحية والأطباء في أماكن عملهم.
وقد تحول موضوع الاعتداء على الكوادر الطبية إلى ملف وطني مطروح على الطاولة الحكومة والمجتمع بشكل دائم، مما استدعى توفير حماية أمنية دائمة في المستشفيات للتخفيف من وتيرة الاعتداءات المتزايدة.
عادة ما تتجاوز المجتمعات إشكالياتها في أوقات الأزمات، وتجنح للتعاضد والتكاتف في مواجهة الأحداث المصيرية، خاصة عندما تظهر مختلف الأطراف الاجتماعية أفضل ما عندها من قيم ومبادئ.
لمسنا ذلك في الموقف الشعبي من الكوادر الطبية والتمريضية، والتقدير العالي لدورهم في أزمة كورونا.
اليوم يحتل الأطباء والممرضون في المستشفيات الحكومية مكانة رفيعة عند الأردنيين، وهم يستحقون ذلك دون شك. لكن ما نتمناه جميعا، هو المحافظة على هذا المستوى من العلاقة والثقة، وأن لا نعود إلى الوراء بعد أن نتجاوز محنة كورونا.
يستحق الأطباء والممرضون في القطاع الحكومي نظرة منصفة من الحكومة، ورعاية أكبر لمصالحهم المعيشية وتحسينا على أجورهم يفيهم حقهم، لكنهم قبل ذلك يطمحون بأن نطوي كمواطنين ملف الاعتداءات إلى الأبد، ونتوقف عن تلك الممارسات المشينة بحقهم، ونقدم اعتذارا جماعيا عمّا بدر من بعضنا حيالهم. هذا أفضل تكريم يمكن أن ينالوه في المستقبل.

Share and Enjoy !

Shares
Exit mobile version