سميح المعايطة
محزن ان تصل بعض المؤسسات ذات التاريخ والدور والحضور إلى حالة تصارع فيها من أجل البقاء ،وأن يصل العاملون فيها إلى حالة من اليأس المعيشي وهم ينتظرون بابا من الفرج يقدم لهم رواتبهم ومصدر عيشهم ،وأن تقف كل الجهات التي كانت تعتمد على صحيفة الرأي في الأزمات والمحطات الصعبة ،تقف متفرجة وكأنها تنتظر ان تعلن الراي خروجها من الحياة .
معاناة الراي والصحف شبه الرسمية قبل أزمة كورونا ،لكن هذه الأزمة اضافت عبئا جديدا وعمقت المعاناة ،عندما تم توقيف الصحف الورقية عن الصدور فخسرت مالها من مورد من البيع والإعلانات ،وغاب الراتب عن العاملين لشهرين ،وكانت المساعي لتعلن الحكومة خطوة مالية لكنها ليست كافية للخروج من الأزمة الحالية .
الراي في احد أشكالها شركة يمتلك فيها الضمان الاجتماعي اكثر من خمسين بالمئة من أسهمها ، لكنها من الناحية السياسية صحيفة الحكومة والدولة ،فالدولة هي التي تعين قياداتها الصحفية والادارية ، وخلال مراحل أزمتها يقال لها أنها شركة ولا تستطيع الحكومة مساعدتها ماليا ،لكن سياسيا وصحفيا فإن الراي في نظر الحكومة صحيفتها ،فإن ظهر فيها مقال ناقد للحكومة -أي حكومة – تتم معاتبتها او ربما شيء آخر ،وأن كان هناك أزمة تكون الراي هي رأس الحربة الإعلامية للحكومة ، وحتى اتهامها من البعض بعدم المهنية فإنه ناتج عن استجابتها المطلقة لمطالب الحكومات وبخاصة في الأزمات والمعارك السياسية .
الواقع يقول ان أدوات الإعلام تغيرت في ظل التطور التكنولوجي ،لكن الحل ليس على طريقة التعامل مع خيل الإنجليز بالإعدام ،بل بالتطوير وفتح أبواب أخرى للمؤسسة ،وهذا الكلام يقال للمسؤلين منذ سنوات طويلة لكن بلا أي استجابة .
الضمان الاجتماعي قام بدور مهم جدا في مساعدة الحكومة في ملف عمال المياومة فلماذا يغيب دوره في إنقاذ شركة يملك أكثر من نصف اسهمها ،والحكومة التي تستعمل الراي الدفاع عن سياستها لماذا لا تقوم بإنقاذ المؤسسة التي هي جزء من التاريخ السياسي للدولة الأردنية .
هنالك أوراق كثيرة تم تقديمها تحمل حلولا منذ سنوات ،وتم تطبيق بعض الخطوات لكن لم يكن هنالك مسار منتظم ،لكن المشكلة الكبرى ان هناك قناعة لدى بعض أصحاب القرار ان حسابا على الفيسبوك افضل من الراي وغيرها ،ولهذا لم يكن هنالك عمل جاد لحل المشكلة ،فتراكمت الديون وقل الإيراد وزادت معاناة العاملين حتى وصلت إلى ما تعانيه اليوم .
الراي شركة وفق التعريف القانوني لكنها عنوان من عناوين مسيرة الأردن منذ ان كانت في بداية السبعينات حتى اليوم ،والحل لمشكلتها يبدأ من عودة القناعة بالمؤسسة ودورها ،وضرورة المحافظة عليها ،ومنع تحول موظفيها إلى بطالة جديدة .
نتمنى أن نرى اهتماما يوازي غضب الحكومات عند ظهور مادة صحفية في الراي تنتقد رئيسا او وزيرا او لا تدافع عن قرار حتى لو كان خاطئا.