عبدالرحمن البلاونه
كانت الشائعات وعلى مر الزمان، وما تزال لغاية الآن، تستخدم كمعول هدم، لبث الخوف والهلع بين الناس، وكانت سبباً لنشر الفاحشة، وتفكيك الاسر، وهدم المنازل، وبها هُزمت جيوش، ودُمرت دول، فالشائعات تقتل كما يقتل الرصاص، وتهدم كما يهدم المدفع، وتُدمر كما تُدمر القذائف والقنابل، وفي وقتنا الراهن ساهم توفر الشبكة العنكبوتية، وشبكات التواصل الاجتماعي، بنشر هذه الشائعات بكل سهولة ويسر.
وكما هو معلوم لدى الكثيرين من ابناء المجتمع أن الشائعات هي نشر لأخبار مشكوك بصحتها، تدور حول موضوع حساس وهام، لدى شريحة كبيرة من أفراد المجتمع، فيسعى بعض الاشخاص إلى تمرير بعض المعلومات والاخبار غير الصحيحة، وغير الموثوقة، لأهداف واغراض متنوعة، يسعون من خلالها خلق فجوة في المجتمع، لينفثوا سمومهم، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وبث الخوف والذعر بين الناس، ويساعدهم في ذلك الفضوليون الذين " يهرفون بما لا يعرفون " دون ادنى مسؤولية، وهم يعلمون أو لا يعلمون، بأنهم يدمرون مجتمعهم بجهلهم، وهناك الحكمة التي تقول : " إن الشائعات يؤلفها الحاقد، وينشرها الجاهل، ويصدقها الاحمق"
ونعلم علم اليقين ان الشائعات تنشط في الظروف الاستثنائية وغير الطبيعية، التي يعيشها مجتمع أو دولة، سواء في حالات الحروب، أو الكوارث، و اجتياح الأمراض كما هو حاصل لدينا هذه الفترة، وكذلك تنشط بشكل أكبر و أوسع، عند غياب المعلومة الصادقة، والصحيحة من مصدرها الموثوق، فتفتح الأبواب مشرعة أمام العابثين الذين يسعون ليلاً ونهاراً للإساءة لأوطانهم والنيل منها، لإحداث الفرقة والفوضى، وخلخلة الأمن والاستقرار.
من هذا المنطلق، ولقتل الشائعات في مهدها، وعدم فتح المجال أمام العابثين، سعت الحكومة جاهدة، ومنذ بداية الأزمة، لتضع المواطن في صورة الحدث أولاً بأول من خلال الموجز الصحفي اليومي الذي يقدم أهم المعلومات المتوفرة حول المرض الذي يسببه فيروس "كورونا" ومدى انتشاره، والاجراءات الحكومية المتبعة لمجابهته والقضاء عليه قبل انتشاره بشكل كبير يصعب بعدها السيطرة عليه، كما حدث في دول أخرى، مراهنة على وعي المواطن وحكمته وتقديره للظرف الذي تعيشه مملكتنا الحبيبة، وحرصه على أمنها واستقرارها.
ومن هنا يأتي دور الإعلام الوطني، المهني، الحر، المستقل، لمجابهة الشائعات، من خلال التبَيُن، وتقديمه المعلومة الصادقة، والخبر اليقين، أولاً بأول، من مصدرها الموثوق بدقة وأمانة، دون زيادة أو نقصان، أو تحريف، محذراً من مغبة وخطورة تداول الأخبار الكاذبة غير الموثوقة بين صفوف المجتمع، مصداقاً لقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إن جاءَكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " صدق الله العظيم.