احتل الأردن الرتبة 130 عالميا، و 7عربيا على مؤشر حرية الصحافة للعام الماضي 2019 وفقا لتقرير منظمة مراسلون بلا حدود السنوي عن حرية الصحافة في العالم، والذي تناول 180 دولة وأشار التقرير إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال هي المنطقة الأصعب والأخطر على سلامة الصحفيين . وكما قال احد الصحفيين تشخيص أزمة الإعلام في الأردن على نحو او آخر يتكرر منذ عودة الحياة إلى الديموقراطية، وباختصار جوابي انهم لم يتقبلوا، ولم يتعايشوا مع فكرة صحافة حرة مستقلة تراقبهم وتحاسبهم، ولهذا فإن معظم التوجهات والقرارات لا تذهب فعلياً لتعزيز حرية الإعلام. تتحدث الدولة الأردنية بكافة مؤسساتها عن دعم حرية الإعلام وحين تدقق في التشريعات التي تقر او السياسات التي تتبع، او الممارسات التي تطبق تكتشف بسهولة ويسر انها لا تقود ابدا لتحسين واقع الإعلام، بل في أحسن الاحوال تبقيه على حاله ان لم يتراجع.. في الاردن يا سادة المئات من الصحفيين يعانون البطالة والسواد الاعظم الذين يعملون رواتبهم ضمن الحد الادنى للاجور والعشرات منهم هجروا المهنة بسبب رداءة العيش وذهبوا الى مهن في مجال الزراعة والدواجن والتجارة بعد ان شاهدوا ان هذه المهنة ( لا تطعم الخبز) ، طبعا وهذا الضغط جاء من قبل الحكومات المتوارثه التى كانت لا تريد من يبحث عن الحقيقة ويقيض مضاجعها حيث اغلقت الصحف الاسبوعية وبعدها عدد من الصحف اليومية وبعدها المواقع الالكترونية من خلال تغليظ القوانين والحبل عالجرار وبعد قليل ربما يصدر أمر دفاع وقرار ببيع صحون الستلايت اللاقطة الجاثمة على سطوح منازلنا الى تجار الخردة . الصحفي الاردني يعاني الامرين مع هذه المهنة فهو لا يبحث عن اليوم العالمي للحريات الصحفية ولا عن تشريعات ومقررات بقدر بحثه عن رغيف خبز حاف يسد رمق ابنائه الجياع ، هو اليوم يبحث عن راتب معاش ربما لا يتجاوز 300 دينار شهرياٌ لم يستلمه منذ شهرين رغم ازمة كورونا معظمهم لا يريدون ممارسة الحرية والاستقلالية في مهنة المتاعب بقدر البحث عن راتب اخر الشهر لكي يسترهم مع زوجاتهم واولادهم ويدفع اجرة المنزل والقسط المدرسي والجامعي المستحق على ابنائه وظروف الحياة القاسية في هذا الزمن الرديء ، خلال الشهور الفائته اصدر رئيس الحكومة مئات القرارات بسبب جائحة كورونا لكننا لم نرى قرارا واحدا موجهاٌ الى الحفاظ على كرامة العاملين بالسلطة الرابعه وهناك الكواليس التي تتحدث عن التخلي عن اكبر أعمدة الصحافة على مستوى الوطن العربي وهما صحيفتي الراي والدستور وهناك رائحة طبخات الاغلاق تشبه طبخات اغلاق صحف العرب اليوم والديار والسبيل التي تم تشييع جثامينها بمباركة الحكومة. أعجبني وصف لكاتب في صحيفة يومية عندما قال تحولت مهنة الصحافة في الاردن إلى “لعنة” تطارد أصحابها، وكيف وقف الجميع صامتين أمام “محنة” الصحافة الورقية التي كثيرا تسابقوا للاستعانة بها في نشر أخبارهم وإنجازاتهم، أو للتغطية على أخطائهم وتقصيرهم، وكيف تحول الصحفيون إلى أيتام على موائد فارغة حتى من “مقبلات” الوعود وجبر الخواطر المكسورة. واضاف عن أي حريات صحفية نتحدث ونحن نواجه صراعا على الوجود لا على الحدود، وعن أي مهنية نتساجل والصحفيون يودعون مهنتهم، ويهاجرون إلى البطالة، أو ينتظرون موعد إشهار وفاة صحافتهم الفقيدة للمشاركة في الجنازة التي ربما لن يسير فيها إلا القليل من الذين ما زالت المهنة تسري في دمائهم، وعن أي انحيازات أخلاقية لرسالة الصحافة يطالب البعض ونحن في “مأتم” أخلاقي انتحرت فيه قيم واعتبارات كنا نظن أنها حقائق فاذا بها مجرد أوهام؟! كثيرة هي الالقاب التي اطلقت على مهنة الصحافة مثل مهنة المتاعب والسلطة الرابعه لكن لقب صاحبة الجلالة يبقى اللقب الأفضل لمهنة الصحافة، إذ بذلك تتوج بوسام الفخر والاعتزاز ويمنحها الرقي والرفعة بين باقي مكونات المجتمعات ، لكن كل هذه الالقاب لم تشفع للصحفيين والاعلاميين مع حكومات لا زالت لا تؤمن بحرية الكلمة. الحكومات تريد إعلام يفصل على مزاجها ومقاسها الخاص ولا يكشف عيوبها وفسادها واخطاءها … هل يريدون البلد بلا إعلام..ولا أخبار…او إستطلاعات…او رأي…تخيل ..انه عالم ينتشر فيه الظلام في كل ركن وزاوية…حيث تكون الحقيقة لعنة…والمعرفة سير في المجهول . وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة لا أريد أن أقول ( كل عام ونحن الى حرية الكلمة أقرب) بل أريد أن أقول ( كل عام والصحفيين لرغيف الخبز أقرب) .