تعيش معلمات حالة من الانزعاج لانعدام خصوصيتهن، لانتشار أرقام هواتفهن الشخصية لدى أهالي الطلبة، بهدف التواصل الالكتروني في التعليم عن بعد، ويزداد الامر صعوبة، جراء قلقهن على أجهزتهن الالكترونية، لاستقبالها عددا هائلا من فيديوهات وصور بشأن واجبات الطلبة، وبكم هائل.
الى جانب ذلك، فإن تخوفهن من عدم معرفتهن الكافية باستخدام تطبيقات، احتجنها اثناء التعليم عن بعد، يزيد من مخاوف انتهاك خصوصيتهن الكترونيا.
تقول المعلمة سهى انها وجدت نفسها فجأة، مضطرة للتعامل مع تطبيق “زووم”، دون ان تعرف كيفية استخدامه، فعانت في البداية من ذلك، فهي لم تكن تعرف إذا كانت الكاميرا مفتوحة او مغلقة، واحيانا كانت تغلق السماعة بدون انتباه، ما كان يشعرها بالاحراج من طلبتها.
اميرة؛ مخاوفها مختلفة، تقول “من كثر ما نزّلت تطبيقات دمج صور وصوت وغيرها، نزل معها فيروسات على موبايلي، وبضطر كل فترة اعمل فورمات للجهاز لأنه ما عندي حاسوب، الموضوع مرهق ومزعج جدا الي”.
معلمة أخرى تشكو قلقها الدائم لتعرض بياناتها للسرقة من الهاكرز، فهي حريصة على عدم تحميل أي برنامج او تطبيق قد يضر بهاتفها او جهاز اللابتوب، لكن مع العمل عن بعد، لم يكن لها خيار تحميل بعض التطبيقات.
شكاوى المعلمات اللواتي عبرن عنها عبر صفحة “معلمو ومعلمات الأردن”، تظهر أهمية عقد تدريبات خاصة بالمعلمات والمعلمين حول حماية انفسهم رقميا.
منسقة مشاريع الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح رايا شاربين؛ تبين ان مصطلح السلامة الرقمية يشير لسلامة المستخدمين عبر الإنترنت، لحماية الخصوصية وعدم اختراق الحسابات والابتزاز وما الى ذلك، لافتة الى انه خلال ازمة كورونا “رأينا ارتفاعا في حالات الاختراق والتصيد (سرقة بيانات شخصية عن طريق ضغط روابط خبيثة)”.
ولفتت الى ضرورة ان يتأكد مستخدمو مصادر التطبيقات، بتحميلها من مصادر موثوقة، كمواقع الشركات نفسها التي طورتها، مشيرة الى وجود مواقع تقدم نسخا غير أصلية قد تحتوي بفيروسات.
ولفتت شاربين لوجود إجراءات تقنية، تحمينا على الانترنت، ولا تتطلب جهدا كبيرا، كاستخدام كلمات مرور (قوية) تحتوي على أحرف ورموز، وضرورة عدم مشاركتها مع الآخرين، وتفعيل خاصية المصادقة الثنائية، أو ما يسمى أيضا بالتحقق بخطوتين، إذ تزيد هذه الخاصية مستوى أمان إضافي عن طريق استخدام تطبيق خاص على الأجهزة.
“بالإضافة الى ذلك، ننصح بمعرفة إعدادات الأمان للتطبيقات، وهي متوافرة في التطبيق، كتطبيق زوم: كأن تضيف كلمة سر للاجتماع وتزويدها فقط مع الطلاب، في الوقت نفسه، يمكن تفعيل خاصية “غرفة الانتظار”؛ وهي متاحة في بعض التطبيقات ولا تسمح بدخول الطالب الا بعد موافقة المعلم، حتى لو أن الطالب أدخل كلمة السر من قبل”.
بدورها؛ تقول منسقة برنامج السلامة الرقمية في الأردن الذي تنفذه مؤسسة سيكدف لينا المومني، ان أهمية السلامة الرقمية في ظل وباء كورونا، تكمن في ان هذه الظروف التي اصبح فيها تزايدا للهجمات عبر الانترنت بانواعها، يؤكد أهمية ضمان حماية معلوماتنا الشخصية والمالية وانشطتنا المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت المومني “نظرا لأن السلامة الرقمية ليست مشكله فنية او قانونية فقط، بل تتعلق بالصحة العامة، لهذا يجب على الأفراد ذكورا واناثا، الالمام بالادوات والاجراءات الرقمية الضامنة لخصوصيتهم عند استخدام الانترنت، اكان للعمل او للتعليم، او لأي انشطة أخرى”.
المحامية من جمعية معهد تضامن النساء رنا أبو السندس، لفتت الى أن مركز الإرشاد القانوني والاجتماعي والنفسي التابع لها، يستقبل شكاوى نساء تعرضن للانتهاكات عبر الانترنت، بخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقدمت “تضامن” الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي المناسب، وساهمت بالحفاظ على استقرار الأسر وحمايتها من التفكك، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم الى القضاء.
وأشارت أبو السندس الى ان “مسح استخدام وانتشار الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المنازل 2017” والصادر عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة، بأن 98.4 % من الأسر في الأردن لديها هاتف خلوي، و10.2% من الأسر لديها هاتف ثابت، و38 % لديها أجهزة حاسوب، و88.8 % من الأسر لديها خدمة الإنترنت، فيما أكدت 98.8 % من الأسر على موافقتها على حجب المواقع الإباحية.
وتشير نتائج الاستطلاع الى أن أكثر طرق الإتصال بالإنترنت كانت عن طريق الهواتف الخلوية وبنسبة 97.3 % ، في حين كان تطبيق Whatsapp الأكثر استخداما وبنسبة 91 %، تلاه Facebook وبنسبة 87.6 %. وشكلت الإناث 47 % من عدد الأفراد الذين أعمارهم 5 اعوام فأكثر ويستخدمون الإنترنت مقابل 53% من الذكور.
وتؤكد أبو السندس؛ بأن مواجهة هذه الانتهاكات الإلكترونية يصطدم بشكل مباشر مع حقيقة أن أغلب النساء والفتيات اللاتي يتعرضن لها ويقعن ضحايا لأشكالها المختلفة، لا يملكن الأدوات والمعرفة لما يجب اتباعه لمواجهة هذه الاعتداءات ووقفها وملاحقة مرتكبيها.
كما أن التشريعات لمواجهة هكذا جرائم؛ قد تكون قاصرة في حمايتهن من الأشكال الجديدة للعنف الذي يتعرضن له، وبالتالي تبرز الحاجة الى التصدي لهذه الانتهاكات عبر برامج وسياسات وتشريعات، للتوعية بخطورتها وكيفية مواجهتها، وإنهاء سياسة إفلات مرتكبيها من العقاب وتعويض الضحايا/ الناجيات