في كل اللقاءات الصحفية مع جلالة الملك وخاصة الصحافة الغربية والعالمية كان بدبلوماسيته المعهودة يوصل رسالته ضمن اطار معايير التوازن والوسطية آخذا بعين الاعتبار توجهات الرأي العام الغربي وقوة تأثير الاعلام الصهيوني وبذلك كان يوصل فكرته ورأيه دون الاصطدام مع معايير ومرتكزات الرأي العام ويضع حقائق بنعومة دبلوماسية تجعل المتلقي الوقوف طويلا امام رؤيته ويعيد التفكير بما أوضحه جلالته.
وبذلك يستطيع أن يجيش بشكل ناعم توجهات الرأي العام لصالح قضيته ورسالته، وهذا ما صنع ذلك الاحترام لشخصيته ليس فقط بما يخص موقفه من القضايا العربية والإقليمية ولكن باعتباره احد ابرز حكماء العالم المعاصر لأدائه الإنساني أولا والسياسي ثانيا.
من هذه الزاوية تبرز أهمية اللقاء الصحفي التاريخي الذي أجرته معه ابرز الصحف الألمانية دير شبيغل فقد اطلق جلالته صاروخا بقوة دبلوماسية مزلزلة غابت عنها النعومة وتحولت الى خشونة لأنها اقتربت من الثوابت وكان عنوانها الثانوي الكيان الصهيوني وعنوانها الإستراتيجي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الاقليميين والدوليين أن وجدوا بان التمادي في المنهجية الصهيونية اتجاه قرار الضم وخروجها كمشروع خارج التوظيف الإعلامي والانتخابي والتوجه إلى مسار التطبيق والتنفيذ هو بمثابة كارثة يرتكبها اليمين الصهيوني.
لأن ذلك يعني أن الصراع المحتدم بين الكيان الصهيوني والمملكة الأردنية والذي كان يجري تحت زبد الأمواج المتلاطمة سيبرز بكل وضوح على السطح وأن هذا التجلي يعني وبكل وضوح اصطدام كبير كبير ويضع الأردن أمام استحقاق التجاوزات المتراكمة للكيان الصهيوني مما يؤدي إلى وضع كل الخيارات على طاولة المواجهة الكبرى مع هذا الكيان متسلحا بإسناد وإجماع وطني وشعبي وحصانة غير مسبوقة للجبهة الداخلية وتجربة معركة كورونا دلت بكل وضوح عن المستوى المتطور للوعي الجمعي للشعب الأردني وأنه عند المنعطفات الحادة والاستحقاقات الإستراتيجية الكبرى يجسد نماذج استثنائية في التكافل والتكامل والوئام والأسناد والأستعداد للتضحية بكل ما يملك من أجل الإنتصار في أي مواجهة كبرى مستمدة ذلك الزخم النضالي من الثقة المطلقة في قائده وحارس مسيرته ورسالته لأنه وعلى مدى كل التجارب السابقة أثبت أنه يملك رؤية إستشرافية للتحولات الخارجية والداخلية والتي حمت الأردن من كل الزلازل التي اجتاحت المنطقة وكان الخاسر الأكبر فيها الإنسان.
لقد رسخ جلالة الملك في عقول كل الأردنيين رسميا وشعبيا من أعلى إلى أدنى أن الإنسان الفرد المواطن هو المحور الأصيل والحقيقي للدولة الأردنية.
كل ذلك أعطى ثقة مطلقة بأننا مستعدون لكل الاحتمالات وأن الثوابت الأردنية من القضية الفلسطينية هي وجدان لا يخضع للتحول فالثوابت لا تقبل الزحزحة وأن الصدام القادم سيكون انعطافته بزاوية حادة لن يكون ما قبلها كما بعدها فالأردن وفلسطين تسيران معا رسميا وشعبيا وتنسقان خطاهما لحظة بلحظة وعلى كل الأصعدة لان خطورة المرحلة تتطلب اليقظة وسياسة الانتظار خارج قاموسها ومعايير قياس المرحلة هو في جعل الذكرى 72 للنكبة الفلسطينية بداية مرحلة المواجهة الكبرى الحاسمة والشاملة والمظفرة بإذن الله.
حماك الله سيدي جلالة القائد