لا يحتاج الأمر لإحصائيات ودراسات معمقة لمعرفة أن نسبة العاطلين عن العمل ارتفعت وسترتفع بشكل كبير وغير مسبوق خلال هذه المرحلة وفي المدى المنظور جراء الظروف الصعبة التي فرضتها “أزمة كورونا”؛ لذلك، فإن وزير العمل نضال البطاينة لم يأت بجديد غير معروف في تصريحاته أول من أمس حول ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل.
إن الأهم من توقع الزيادة في نسبة البطالة هو البحث وإيجاد الوسائل المناسبة لوقف هذا الازدياد الذي سينعكس سلبا على الجميع.
الحكومة لم تحدد بالضبط الإجراءات التي ستفعلها للحد من ارتفاع نسبة البطالة وتشغيل الأردنيين، إلا أن الحديث بشكل عام كان حول الأمر، حيث قالت الحكومة إنها “تفكر بحلول خارج الصندوق ومنها تسويق الكفاءات الأردنية وإعادة تصميم الإطار الوطني للتمكين والتشغيل وتطبيق سياسة الإحلال للعمالة الأردنية بدلاً من الوافدة”.
طبعا كلام الحكومة عن تسويق الكفاءات وإعادة تصميم الاطار الوطني للتمكين والتشغيل وإحلال للعمالة الأردنية بدلا من الوافدة غير جديد، ولا يمكن اعتباره حلولا خارج الصندوق، فهي مطروحة منذ زمن، وتواجهها وخصوصا إحلال للعمالة الأردنية بدلا من الوافدة وتسويق الكفاءات في الخارج، عقبات عديدة زادت مؤخرا.
الحديث عن تسويق الكفاءات الأردنية في الخارج في ظل هذه الأزمة التي تعاني منها كل دول العالم حيث ارتفعت نسب البطالة في غالبية الدول، لا يمكن تمريره هكذا، فتطبيقه على الأرض صعب جدا ومن غير الممكن توقع الكثير منه، سيما أن العديد من الدول وسيما دول الخليج العربي التي تشغل عشرات الآف العمال الأردنيين تواجه الكثير من المشاكل على هذا الصعيد، وقد استغنت عن الكثير منهم وستستغني عن آخرين بحسب ما يأتي من هناك من أخبار ومعلومات.
فرئيس غرفة تجارة الأردن العين نائل الكباريتي توقع قبل أيام عودة 20% من العمالة الأردنية في الخارج بحال استمرار انكماش اقتصادات هذه الدول. وهذا يفرض على الدولة الكثير من التحديات الخطيرة، التي ستضاف لتحدياتها الأخرى، ما يضع الحديث عن تسويق الكفاءات الأردنية في الخارج بإطار “الأحلام”.
قد يقصد الوزير بحلول خارج الصندوق توقيع مذكرات تفاهم مع 4 نقابات مهنية هي المهندسين والصيادلة والممرضين والأطباء لتعليم نحو 5000 من منتسبي هذه النقابات اللغة الالمانية تمهيدا لتشغيلهم في ألمانيا، ولكن هذا التوجه سيواجه الكثير من العقبات وقد لا تنتج عنه فرص عمل كما هو مأمول.
إن مواجهة البطالة في هذه الظروف يجب أن تكون في أولوية أهداف الحكومة، فالإجراءات التي اتخذتها لحماية الاقتصاد الأردني وحماية العاملين فيها أدت للأسف لدفع الكثير منهم إلى صفوف العاطلين عن العمل، وحدت كثيرا من الدخول الشهرية لأخرين.
ومن غير المتوقع أن تبقى أحوال العمال في المرحلة المقبلة على هذا الحال بل ستزداد صعوبة، فالخشية من ارتفاع أعداد العاطلين لن تتوقف، فهناك المزيد من الإجراءات المحلية التي سرفع نسبة البطالة. كما أن أحوال الدول العربية التي تشغل الأردنيين تزداد صعوبة ودول العالم المتقدم لديها تحديات كثيرة على هذا الصعيد.
الواقع الحالي، والتوقعات بتعقد أحوال العمال، توجب على الحكومة إيجاد اليات حقيقية وقابلة للتطبيق على المدى القصير والطويل لتخفيف نسبة البطالة.. لا مجال للانتظار الطويل لتحقيق ذلك، فطول المدة الزمنية سيفاقم أوضاع العمالة الأردنية على كل الصعد، ويعمق من “أزمة الاقتصاد”.
إن حماية العاملين واتخاذ الخطوات لمنع تحول الكثيرين منهم لعاطلين يجب أن تحتل أولوية أهداف الحكومة.. هذا يفرض عليها أن تفكر وتدرس بعمق قراراتها على هذا الصعيد، فأي خطأ سيفاقم مشكلة البطالة ويرفع نسبتها ويجعل من تطويق المشكلة في غاية الصعوبة.