باضطراد تتسارع أعداد المصابين في فايروس كورونا لتقارب الخمسة ملايين على مستوى العالم؛ وهذا الرقم في صعود بمعدل كبير في خضم تباين الإجراءات والرؤى في التعامل مع الفايروس بين دول العالم؛ وحيث أن هذا الفايروس عابر للقارات وللحدود؛ وحيث أن فترة حضانته أسبوعين والبعض يتحدث عن نوع آخر منه ذي فترة حضانة تصل لتسع وأربعين يوماً؛ وفي ظل هذا وذاك فإن عجلة الحياة لن تتوقف وكذلك عجلة الاقتصاد لأن الناس بأمس الحاجة للتشغيل وفرص العمل؛ ولهذا فإن كان اليوم أو الغد فإن الجهود العالمية يجب تشبيكها لغايات تضافر الجهود للوصول إلى حلول واقعية وعملية للقضاء على الفايروس من خلال لقاح يتم إنتاجه خصيصاً لمقاومة الوباء؛ والكل بالعالم يعمل هنا وهناك لكن دون تناغم أو تراتبية.
نجحت في البداية خطة الحكومة والإجراءات الرسمية وتواجد وحماية أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والكوادر الطبية التي نعتز بها ونثق فيها من القلب؛ والتي آلت في مرحلتها الأولى لأرقام صفرية كنتيجة لضبط حالة الحظر والتزام الناس بالعزل المنزلي فانحسرت أرقام المصابين بالرغم وجود بؤر انشطارية للفايروس هنا وهناك؛ لكن بعد التدرج في عودة القطاعات الإنتاجية والاقتصادية عاودت الأرقام بارتفاع كنتيجة لخللين أولاهما في مسألة ضبط فحوصات القادمين من الخارج على الحدود وثانيهما عدم التزام من بعض المواطنين في مسألة التباعد الاجتماعي والمسافات الآمنة؛ وما شاهدناه في الأسواق في اليومين الأخيرين صادم ونخشى نتائج سلبية لذلك!
لكن مرة أخرى عندما نعاود التفكير في حال لو وصل عدد المصابين للصفر أو أرقام قريبة من ذلك؛ وسنعود للعمل والمدارس والجامعات والقطاع الخاص وغيره؛ وتعود عجلة الحياة وتفتح المطارات والمعابر والحدود ويحضر أبناؤنا من الخارج وكذلك الضيوف؛ والدنيا حولنا كلها كورونا العابرة للحدود؛ فحتماً سيكون بعض المصابين القادمين من الخارج؛ ولذلك هل من المعقول العودة للمربع واحد! لذلك فالحل التعويل على حالة الوعي عند كل من المواطن والجهات الحكومية الصحية والحدودية كلها والتعايش مع الفايروس؛ وهل من المعقول بعد ذلك كله أن نذهب للعمل من جديد وتعود الذروة بالفايروس من جديد ويبقى جزء آخر من الناس في بيوتهم دونما عمل سوى العمل عن بُعد بالأنظمة الإلكتروني؛ وبعض الشركات تعمل والبعض الآخر يتأخر وآخرون يستغنون عن بعض موظفيهم؛ وفي ذلك تراجع للاقتصاد الوطني وتباطؤ في النمو وضعف في فرص العمل.
وهل من المعقول أن نغلق حدودنا كل شهرين لتنظيف الوطن من الفايروس ونعود لنفس الإجراءات من جديد! بالطبع أنا أعلم الإجابة في خضم جملة الأسئلة الاستنكارية؛ لا يمكن أن ننسلخ عن العالم؛ والواقع يقول أن نفتح الحدود بحذر وضرورة التأكد من الفحوصات ونجاعتها واتخاذ إجراءات تحوّطية للمصابين والمخالطين كالإسوارة الإلكترونية والتطبيقات الذكية وغيرها؛ فالعالم قرية صغيرة والتواصل بين الشعوب ضرورة وفي مختلف المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية؛ ولذلك أتطلع لتوحيد الجهود العالمية صوب مكافحة الفايروس بكل الطرق المتاحة.
أتطلع لإيجاد مؤشر عالمي للقضاء على الفايروس من خلال نمذجة وجوده في كل دولة على حدا؛ لغايات مواصلة الجهود وتوحيدها والتشبيك بين الدول ريثما يتلاشى رويداً رويداً؛ وكأني أقول لا يمكن عزل أي بلد عن العالم والمطلوب أن نتواصل ونتشارك لتوحيد الجهود وهنالك ضرورة للاستفادة من العولمة في هذا الشأن كما أشّر لذلك جلالة الملك حفظه الله؛ وأتطلع ليؤمن كل مواطن بضرورة المبادرة الذاتية والتعايش مع حتمية أن الفايروس قادم اليوم أم الغد لغايات أن تستمر الحياة؛ وبالتالي عليه أن يؤمن بالعزل المنزلي والتباعد الاجتماعي والمسافات الآمنة دون تعطّل عن العمل وتبقى عجلة الحياة قائمة؛ وأتطلع للإيمان من قبل كل الناس برب الناس والأخذ بالأسباب والعمل على النظافة الشخصية والبيئة المحيطة والمسافة الآمنة والعزل المنزلي لنكبح جماح فايروس كورونا وليؤمنوا الجميع بالقضاء والقدر بعد الأخذ بالأسباب.
وأخيراً؛ فالمدرسة الواقعية تقتضي أن ننظر كأناس لخطورة فايروس كورونا في حال كانت أعداد المصابين بتزايد؛ والمدرسة البراغماتية تقتضي أن نخافه أيضاً لو كانت في تناقص لأن الفايروس يتعامل مع العالم ككل وليس بلد بعينه وبالتالي قد يعود إلينا بأي لحظة كما حدث مع حالات قادمة عبر الحدود؛ مطلوب الاعتدال بتفكيرنا تجاه كورونا لنصل لمرحلة التعايش الشخصي والاجتماعي معه ووقاية أنفسنا بالعزل المنزلي والتباعد والمسافات الآمنة.
وكل عام وأنتم والوطن وقائد الوطن والجيش والأمن والشعب بألف خير