ترددتُ في الكتابة بذكرى الخامس من حزيران… إذْ لا يستطيع المرء أن يأتي بجديد في نكبة تكرر ذكراها منذ (53) ثلاثة وخمسين عاماً… كنت قارئاً ومتابعاً لما يحصل في اسبوع الذكرى:
مرّت الذكرى بطريقٍ سالك… فثمة أقطار عربية لم تتعرض لها: رسمياً أو شعبياً؛ وبعض الأقطار العربية حملتْ صحافتها الرئيسية خبراً موجزاً في الصفحات الداخلية، وقليلة هي الصحافة العربية التي احتلت الذكرى صفحاتها الأولى أوالرئيسية، وباستثناء الأردن وفلسطين، كانت الذكرى هامشية على الساحة العربية، سياسياً وإعلامياً ودبلوماسياً. وهذا بحدّ ذاته مؤشر خطير على مكانة الإحتلال الإسرائيلي في أجندة النظام العربي، وربما اكتفى النظام العربي بما صدر متأخراً عن ( جامعة الدول العربية: فأكدت في بيانها (أن قضية فلسطين ستبقى قضية العرب المركزية، ودعت المجتمع الدولي لرفض السياسة الإسرائيلية في ضمّ الأراضي الفلسطينية).
• بعد انتهاء حرب (1948)، بإعلان (دولة إسرائيل)، وعادت جيوش الدول العربية السبعة من حيث أتت، باستثناء احتفاظ الجيش العربي الأردني بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، واحتفاظ الجيش المصري بقطاع غزة؛ بعد انتهاء تلك الحرب، اهتز الوجدان العربي، مؤرخين وأدباء، وكان المؤرخ العربي المرحوم قسطنطين زريق أول من أطلق مصطلح النكبة، ( نكبة 1948)… وكانت على مدى سنوات ذكرى مؤلمة ومحرّكة للأجيال العربية التي كانت تعلن رفض تلك النكبة وتطالب بالتحرير.
• وفوجئ العالم العربي بالخامس من حزيران (1967)، ليصبحوا على احتلال صهيوني كامل لفلسطين التاريخية، وادعى (المرحوم هيكل) أنه استخدم مصطلح (النكسة) بدلاً من مصطلح (الهزيمة) في خطاب التنحي الشهير، حفاظاً على معنويات الأمة، التي ما زالت تعيش (النكسة) وفي ذكراها الثالثة والخمسين… وقد تستمر الذكرى إلى أجل غير معلوم.
• وإذا ما أريد مواجهة الواقع فإنه يمكن القول أن مصطلح (النكبة) الذي أطلقه المرحوم زريق، كمؤرخ مرموق، أصبح متجذراً في ضمائر الأجيال العربية، منذ (72) اثنين وسبعين عاماً، وسيظل كذلك.
أما (النكسة)، والتي لم تحرّك الوجدان العربي في ذكراها المتكررة، فقد حان الوقت لتسمى بمسمّاها الحقيقي.. فهي (نكبة) لا تقل خطورة وآلاماً ومآسي عن (النكبة-1948) وهي النكبة الأولى..
• فالدعوة موجهة إلى كل ذي فكر وقلم أن يكون مصطلح (النكبة الثانية) هو التعبير عن كارثة حرب حزيران (1967)؛ فلعل وقْع (النكبة) أشدّ تأثيراً، وأعمق دافعية لضمائر الأجيال العربية!