بقلم الكاتبه المصريه: نعمة الشيخ
تقف العربات في الطريق والكل يعطي جرس تنبيه لسيارة تستقلها كاميليا؛ ولكن كاميليا لا تنتبه إلى الاشارة ولا إلى الناس، ويأتي إليها ضابط المرور يدق على الزجاج، وتخرج كاميليا من السيارة وتتحدث الي الضابط وتقول : أنا أعتذر لك لم انتبه إلى الإشارة فيحذرها الضابط أن تنتبه إلى الطريق ولا تشرد في التفكير أثناء القيادة مرة أخرى، تركب كاميليا السيارة وتقودها في الطريق إلى المطار.
قادت السيارة وهي تفكر في آخر موعد جمعها بجون. تذكرت آخر ليلة عندما عادت من العمل في وقت متأخر وكانت مجهدة، ومن كثرت الإرهاق نامت بمسحوق التجميل دون أن تغسل وجهها أو تأخذ حمامها الدافئ كما تفعل كل يوم حتي يساعدها على الاسترخاء. في تلك الليلة نامت كامليا مرهقة من تعب العمل، واستيقظت بعد ٣ ساعات فقط من النوم على جرس التليفون لتجيب
كاميليا: من معي ؟
جون : انا جون يا كاميليا اتصلت بكٍ كي أخبرك أنني سوف أرحل. وأنا الآن جالس في المطعم بجور منزلك وسوف اتناول الافطار مع الاصدقاء وبعد ذلك سوف نذهب إلى المطار ونغادر وأحببت أن أودعك قبل رحيلي. انتفضت كاميليا من على سريرها وألقت بالغطاء التي كانت تتدفأ به، وقامت تفرك عينيها وتقول… كاميليا: انتظر يا جون. لا ترحل. انتظر ٥ دقائق فقط وسوف آتي إليك، أرجوك لا ترحل دون أن اودعك
جون : كما تحبي يا كاميليا سوف انتظرك؛ ولكن لا تتاخري في الوصول إليّ.
أغلقت كاميليا الهاتف وخلعت قميص النوم وارتدت البنطلون والبلوفر والأيس كاب. ونظرت إلى الحمام وهي تريد أن تغسل وجهها من مسحوق التجميل وتأخذ حماماً تغسل جسدها المرهق؛ ولكنها تخشى أن تتأخر على جون؛ فتزل مسرعة تهرول على السلالم وهي تتحدث الي تفسها ارجوك الا ترحل يا جون دون أن أراك.
تنزل كاميليا إلى المطعم بجوار منزلها لتجد جون يتناول طعام الإفطار هو وأصدقائه، فتأخذ نفساً عميقاً، وتهدأ وتقول :
صباح الخير يا جون متى موعد الطائرة الخاصة بك ؟
فيقول جون: في الثانية عشرة موعد رحلتي للعودة إلى الوطن.
كاميليا : هل ستعود مرة أخرى إلى بلادي حتي أراك؟
جون : لا اعلم .
كاميليا تجلس بجوار جون وهي تفكر. وتقول: ربما تكون تلك المرة الأخيرة التي أراه فيها، ماذا أفعل؟ هل أخذ تذكرة الطائرة منه وأخبأها في ملابسي حتي لا يعثر عليها، ولا يسافر ويجلس معي؟
هل أدعي المرض أوقع على الأرض كي لا يرحل؟
هل اختلق مشكلة الآن مع أحد الزبائن الحاضرين بالمطعم، وينشب خلاف بين جون وبين أي شاب وأدعي انه تغزل بي حتي يتشاجر مع جون وتأتي الشرطة و تقبض على جون ولا يرحل؟
ماذا أفعل يا ربي؟! لا أريده أن يرحل. في تلك الأثناء وكاميليا تفكر ومستغرقة لإيجاد حيلة تجعل جون يجلس في البلاد ولا يغادر يتحدث معاها جون بصوت مرتفع ويقول
جون : هل جئتي كي تودعيني أم أن تجلسي شاردة الذهن وأنتِ معي، فتقول كاميليا : لا لا أنا معك؛ ولكن انا مستيقظة من النوم الآن ، وجئت كي أجلس معك قبل أن ترحل، ولست في كامل وعيي.
تستغرق كاميليا في التفكير مرة أخرى، وتدرك في لحظه أنها لا تريد أن تفعل كل تلك الحيل مع جون حتي لا يغادر البلاد رغما عنه. وتقول لنفسها : لا انا اريده ان يجلس معي بكامل ارادته دون اي ألاعيب مني، و تقول لنفسها سوف اتركك ترحل يا جون؛ ولكنك سوف تعود إليّ مرة أخرى.
ينتهي جون من تناول الأفطار ويقول لكاميليا : هل تريدين احتساء فنجانا من القهوة معي؛ فتجيب بنعم وهي لا تحب القهوة؛ ولكن كاميليا تريد أن تشارك جون ما يفعل. فيأتي عامل المطعم ويحضر القهوة وفي ذلك الوقت تخرج كاميليا الهاتف الخاص بها وتقوم بتصوير جون معها دون أن تقول شيئا، فيعطيها جون تعبيرات ضاحكة وهي تنظر إليه من خلال كاميرا الهاتف، وترسم ابتسامة وقلبها يبكي علي رحيل جون وتنتهي كاميليا من التقاط بعض الصور مع جون؛ لكي تتذكره بها.
وفي تلك الأثناء يأتي أصدقاء جون ليقولوا له: جون لقد تأخرنا علي موعد الطائرة، ويجب أن نرحل الآن وتقف كاميليا ويقف جون وتمشي بضع خطوات إلى أن تصل إلي خارج المطعم في الشارع هي وجون واصدقائه فيلقي جون عليها التحية، ويقول لها : أتركك الآن يا كاميليا وإلى اللقاء.
ولكن كاميليا تفاجئ الجميع وتفاجئ جون ونفسها، وترتمي في أحضانه، وتتشبث به كأنها طفلة تتعلق به ولا تريده أن يرحل، فعلت ذلك دون أن تنتبه إلى المحيطين بها، ودون أن تهتم لحديثهم أو نظراتهم إليها، وتقول : الوداع يا جون ، ثم تقف كاميليا تنظر إلى جون وهو يغادر بالسيارة ولا تستطيع أن تفعل شيئا. وتفيق من صدمة وداع جون وتقول: ماذا فعلت لقد احتضنت جون امام الجميع؟ كيف فعلت ذلك؟ ثم تتوقف عن عتاب نفسها وتقول : ألهذا الحد تحبينه يا كاميليا، ثم تبكي و هي تقول : هل سوف يمهلني الله العمر حتي اراك مرة أخرى يا جون.
وتسيتقظ كاميليا من شرودها وهي جالسة في السيارة تسترجع الذكريات وتصل إلى المطار لتستقبل صديقاتها وهي تقول: اه لو كنت املك تلك الطائرة لذهبت بها إليك يا جون.