قالوا في العالم الثالث يمتلك الحاكم حكمة لقمان ، ويمتلك رجال الاعمال والبزنس مال قارون ، ويمتلك الشعب صبر أيوب ، واذا أردت ان تضيع شعباٌ أشغله بالضرائب وأرفع له رغيف الخبز وفواتير الماء والكهرباء واسطوانة الغاز والبنزين حتى يصبح مثل ( الدجاجة الدايخه) وبعد ذلك غيب عقله واخلط له السياسة بالاقتصاد ، والدين بالرياضة وهنا يصبح خارج التغطية . وقد ورد لفظ السفيه والسفاهة والسفهاء (11) مرة في القران الكريم ، سفهاء جمعٌ لسفيه ، والسفيهُ : هو الجاهلُ ، الناقص العقل ،البذيء اللسان، المُخلّ بالأدب ، وهو الذي يشكو من قصور في النضج ، بسبب خلل في تربيته ، تراه يتجرأ على الآخرين بالسب والشتم ويتهجم على خصومه ، ويطلق الكلام القبيح بسهولة ، ولهذا حذر منهم الامام الشافعي قائلا يخاطبني السفيهُ بكلِّ عيبٍ ـــــ فأكرهُ أن أكونَ لهُ مُجيبا يزيدُ سفاهةً فأزيدُ حِلْمًا ـــــ كعودٍ زادَهُ الإحراقُ طيبا ! إذا نطقَ السفيهُ فلا تُجِبْهُ ـــــ فخيرٌ من إجابتِهِ السكوتُ فإن كلَّمْتَهُ فرَّجْتَ عنــْهُ ـــــ وإن خلَّيْتَهُ كمدًا يموتُ ! وخير مثال ما نشهده في بلدنا التي تعج اليوم بمهرجانات وأسواق الفساد المالي والإداري والسياسي ناهيك عن الاجتماعي والأخلاقي، وليس أروع مما قاله ابن خلدون عن هذه الشريحة التي تسلطت على رقاب البشر من منافذ ديمقراطية أتاحت لها في لعبة الانتخابات وقيم القبلية البائسة وتجارة المناصب بالسحت الحرام، أن تنفذ إلى مواقع حذر منها المفكر الكبير منذ أكثر من ستمائة عام حينما قال : ” لا تولوا أبناء السفلة والسفهاء قيادة الجنود ومناصب القضاء وشؤون العامة، لأنهم إذا أصبحوا من ذوي المناصب اجتهدوا في ظلم الأبرياء وأبناء الشرفاء وإذلالهم بشكل متعمد، نظرا لشعورهم المستمر بعقدة النقص والدونية التي تلازمهم وترفض مغادرة نفوسهم ” . للاسف الواسطة والمحسوبية وأختهم الشللية يضاف اليها الفساد المالي والاداري الذي ضرب خاصرة الدولة أنجبت في بلدنا عدد لا بأس به من السفهاء الذين تولوا مناصب في السلطة التنفيذية والتشريعية بمعنى انه لسنوات مضت كانت النزاهه والكفاءة محاربات بسبب تفشي هذه الامراض لذلك كان المصطلح الدارج ( وضع الرجل الغير مناسب في المكان المناسب ) في اماكن صنع القرار وهناك الطامة الكبرى ، فهذا السفيه سيقرب منه مجموعه من السفهاء والسفلة واللصوص على شاكلته ويصبح فرعون زمانه يتجبر ويتشيطن في شؤون البلاد والعباد على هوى سفاهته . وعندما تنظر إلى الاردن التائه فى ملامحه..المهموم المغموم بمليارات من الديون والعجز والفساد.. الاردن الذي حضن فكرة الدولة منذ آلاف السنين وصهرته حضارات وممالك الانباط وعمون ومؤاب وادوم.. وعلّمت العالم كيف تصنع وطناً.. وتبنى مجداً.. وتقدم علماً.. وتبدع فناً.. وتحفر فى الحجر تراثاً.. للاسف عندما تولى امور ادارة الدولة عدد من السفهاء تبوؤا مراكز متقدمة في دفة المسؤوليات والسلطة أصبحنا مسخاً بلا مضمون.. يكون علينا إذن أن نتوقف أمام ما فعله السفهاء فينا.. ما فعله فينا جهلهم وخفة حلمهم ورأيهم المعوج المضطرب، الذين يختصرون الحق فيما يرون حتى وإن كان باطلاً، وتعمى أعينهم عن الحق إذا أتى به غيرهم ويحاربونه.. السفهاء الذين أضاعوا وطناً، وتأخذهم العزة بإثم سفههم.. أهل الطيش فى ثوب الوقار.. أهل الخسة فى ثوب العفة والفضيلة.. الذين إذا قيل لهم ارفعوا أيديكم عن تدمير الاردن قالوا إنما نحن المصلحون.. العارفون.. العالمون.. الصادقون.. وإنما أنتم السفهاء الكاذبون . ومن نوادر مواقف أولي الألباب مع السفهاء ، وردّ فعلهم وأجوبتهم لهم من ذلك : جواب الكاتب الشهير “برنارد شو” حين قال له كاتب مغمور و مغرور أنا أفضل منك ، فإنك تكتب بحثآ عن المال وأنا اكتب بحثا عن الشرف ، فقال له برنارد شو على الفور:- صدقتَ ، كلٌّ منا يبحث عما ينقصه . وسأل سفيه “بشار بن برد” قائلا: يقال انه ما أعمى الله رجلا إلا عوّضه بشيء . . فبماذا عوضك ؟ فقال بشار:- بأن لا أرى أمثالك …!! وكانت احدى سفيهات الفن ( راقصه) تهمّ بركوب سيارتها المرسيدس الفاخرة إذ رأت الأديب “نجيب محفوظ” الحاصل على جائزة نوبل للأدب وهو راكب سيارة (خردة) متواضعة للغاية، فخاطبته قائلة – انظر الأدب عمل فيك اِيه ؟ فردّ عليها نجيب محفوظ بسرعة :- وانظري .. قلة الأدب عملت فيكي اِيه ؟