لا تزال تداعيات الزلزال الذي ضرب برشلونة في لشبونة بقوة 8,2 على السلم البافاري تثير هزات ارتدادية وتداعيات كبيرة في البيت الكتالوني، يفوق وقع الزلزال في حد ذاته، خاصة بعد رحيل كيكي سيتيين والتحاق الهولندي رونالد كومان بالعارضة الفنية، ثم ابداء ليونيل ميسي رغبته في الرحيل رسميا عن البارسا في أقوى هزة ارتدادية قد تأتي على ما تبقى من أركان البيت الكتالوني، وتفتح الباب واسعا على كل الاحتمالات، كما تفتح شهية البياسجي والسيتي والانتر والمان يونايتد واليوفي للدخول على الخط من أجل استقطاب النجم الأرجنتيني الذي يربطه بفريقه عقد ينتهي الصيف المقبل، لكنه يريد تفعيل البند الذي يسمح له بمغادرة البارسا في أي وقت يريد بدون قدرة النادي على تفعيل الشرط الجزائي الذي تصل قيمته 700 مليون يورو.
الصدمة كانت كبيرة لعشاق البارسا، وستكون أكبر لو حدث الطلاق فعلا ما أدى بمجلس الادارة الى مطالبة الرئيس ماريا بارتوميو بضرورة الرحيل لإنقاذ ما يمكن انقاذه، رغم سعيه لإحداث التغيير الذي طالب به ميسي بعد نكسة البايرن، وهو الأمر الذي شرع فيه المدرب الجديد رونالد كومان الذي تحدث لميسي منذ أيام وجدد له رغبته في الاعتماد عليه والتزم معه بإحداث التغييرات التي تعطي النفس الجديد للفريق من خلال الاستغناء عن لويس سواريز وجيرارد بيكي وايفان راكيتيش وأرتورو فيدال وخوردي ألبا وصامويل أومتيتي مقابل استعادة كوتينيو واستقدام لاوتارو مارتينيز وعدد من اللاعبين الهولنديين الدوليين الصاعدين الذين أشرف عليهم في المنتخب، لكن يبدو أن ميسي يرفض الاستغناء عن صديقه وزميله في الفريق سواريز الذي تربطه به علاقات خاصة جعلتهما يتضامنان مع بعضهما بعضا.
ليونيل ميسي لحد الأن لم يتحدث بطريقة رسمية وعلنية مباشرة كعادته، وترك الأمر لمحيطه الذي أخبر الادارة برغبته في الرحيل، مما فسح المجال أمام كل الاحتمالات، بما في ذلك احتمال مرافقة سواريز الى البياسجي والالتحاق بزميلهما السابق البرازيلي نيمار، أو الالتحاق بالسيتي الذي يريده من زمان بأي ثمن، أو حتى المان يونايتد الذي دخل على الخط، وربما الانتر ليلتحق بمواطنه لاوتارو مارتينيز، بدون أن نغفل عن وجهة اليوفي ليشكل مع رونالدو ثنائي الحلم لكل عشاق الكرة العالمية الذين يحتفظون في ذاكرتهم بتلك الصورة الثنائية التي جمعت ميسي برونالدو في حفل تتويج افضل لاعب في العالم السنة الماضية وذلك الحوار الثنائي بين الأسطورتين عندما تبادلا المجاملات وتواعدا على الالتقاء حول مأدبة عشاء على أمل اللعب في فريق واحد يوما وإنهاء مشوارهما الكروي سويا بعد عشر سنوات من التنافس بينهما على الألقاب الفردية والجماعية.
امكانية مغادرة ميسي للبارسا كانت ولا تزال من المستحيلات السبعة، مثل فكرة إنهاء ميسي ورونالدو لمشوارهما سويا ذات يوم، لكن ارتدادات الزلزال البافاري قد يأتي على الأخضر واليابس وتقلب كل المفاهيم والموازين وتزعزع ما كان يعتبر من الثوابت في عالم كرة القدم، ستؤدي بدون شك الى تغييرات لم تكن متوقعة في بعض الأندية لدرجة قد تؤدي الى تحريك رونالدو ونيمار وسواريز وربما مبابي إذا التحق ميسي بالبياسجي مثلا، لتخفيف أعباء التكلفة التي ستكون باهظة الثمن، لكن الخاسر الكبير سيكون برشلونة الذي سيعمل المستحيل من أجل تجديد عقد ميسي لأنه لن يجد له بديلا حاليا، والخاسر الأكبر سيكون الدوري الاسباني الذي فقد رونالدو ونيمار سابقا، وقد يفقد ميسي ومن وراءه الكثير من البريق والموارد المالية المرافقة لتواجد النجوم.
بغض النظر عن وجهة ميسي، فان مغادرته للبارسا ستهز عرش الكرة العالمية الذي سيشهد أكبر وأضخم صفقة في التاريخ، تغير من موازين القوى في الليغا وعلى المستوى الأوروبي، لأن لا أحد من الأندية الكبرى بامكانه دفع قيمة الشرط الجزائي، خاصة في الظرف الاقتصادي الراهن الذي يتميز بتراجع المداخيل بسبب تفشي فيروس كورونا، لذلك يعتبر الكثيرون أن رحيل ميسي عن البارسا سيكون من المستحيلات السبعة لأن الرجل لا يريد الخروج من الباب الضيق من ناد قضى معه كل حياته الكروية، والبارسا لن يفرط في نجمه مهما كانت الظروف، خاصة في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة التي تقتضي اعادة بناء ما هدمه الزلزال البافاري حول ليونيل ميسي العمود الفقري الذي برحيله سيصبح البارسا مجرد فريق كرة لن يقوى على المنافسة على الدوري المحلي.
الشيء الأكيد الى الآن هو أن الرئيس ماريا بارتوميو سيرحل عن البارسا سواء بقي ميسي أو رحل، لأن الجماهير لن تغفر له واحدا من أسوأ مواسم البارسا على مدى قرن من الزمن، وعندها سيبقى ميسي وينهي سواريز موسمه الأخير لتضميد جروح الزلزال وارتداداته وإعادة بناء الفريق على أساس الثابت الذي لا يتحول ولا يمكن تصوره خارج أسوار البارسا بقميص آخر، ولا يمكنه إنهاء مشواره سوى مع البارسا الذي ولد كي يلعب فيه دون غيره مهما كانت المتاعب والاغراءات.