نقرأ مؤخراً عن الجهود التي تبذلها الحكومة في الحفاظ على المستثمر الأجنبي مدركين أهمية وجودهم في دعم الاقتصاد المحلي، وعن الرقي في التعامل مع المستثمر، وكله يتماشى والجهد الكبير الذي يقوم به جلالة الملك عبدالله الثاني لجذب الاستثمارات العالمية للاردن . والحقيقة هي بأننا نتمتع بكل ما يحتاجه أي استثمار على كافة أشكاله. فعندنا جمالية المكان وروعة الطقس وثبات فصوله الأربعة، وعندنا من الثروات الارضيّة والبشرية الكثير، بالاضافة إلى المساحات الارضيّة المتوفرة، ناهيك عن عنصر الامان، والشكر لله، وموقع الاردن الجغرافي المميز، والذي تميز أكثر مع ضعف الاستقرار السياسي للدول المحيطة بِنَا، وهذه فقط بعض مما يمتازه به الاردن الغالي.
فكانت من أهم الخطوات المستقبلية في التعامل مع المستثمر هو عدم جلبهم في حالة حدوث سوء تفاهم إلى مراكز الشرطة، بل حل أي نزاع من خلال الاتصال بهم مباشرة أو الحضور إلى المحافظة أو المتصرفية لمعالجة أية إشكالات. وكل هذا جميلٌ جداً لان هكذا نكون قيادة وشعبا متفقين على أمرٍ والاتفاق هو باب النجاح.
ولكن، باعتقادي بأننا أغفلنا أمرين جداً مهمين وهو الموظف وتطبيق القوانين الداخلية للمؤسسات. من فترة بعيدة تواصل معي أحد المستثمرين، الان هم تركوا البلد، بخصوص معضلة صدموا بها تمثلت بموظف بسيط في إحدى المؤسسات الذي رفض تسهيل معاملتهم إذا لم يأخذ «مكافئة» مقدماً. ومثل هكذا تصرفات للاسف الكبير باتت منتشرة، وليست بعيدة عن أحاديثنا اليومية في تسهيل المعاملات فيقال : «أعطيته عشان يمشيلي المعاملة.»
الموظف والمواطن عليه مسؤولية في تنشيط الاستثمار أو تهجيره. فالمراقبة والمحاسبة يجب أن تبدأ من رأس هرم المؤسسة لتصل الجميع. الجميع مسؤول، والمسؤول الأكبر هو من يرأس ويدير المؤسسة الذي يجب أن يتحمل العقاب أو جزء منه في حالة وجود فساد أو تفشي رشوة. علينا أن نُعلّم، من خلال تطبيق القانون بحزم، كيف على الموظف أن يعتبر وظيفته ليست أمراً أو واجباً بل جزءا من دوره في بناء ورفعة الوطن ودوره في تطبيق المواطنة الحقة الصالحة. السؤال يبقى في كيفية الوصول إلى هذه المرحلة؟ برأيي نصل لها إن كانت عندنا بالحق الارادة للتطور والتقدم والازدهار، ومن بعد الارادة يأتي التطبيق على أرض الواقع من تطهير بعض مؤسساتنا من المحسوبية العمياء الهدامة، وتوظيف من هم بحق أهل للوظيفة وتطبيق القانون على الجميع.
نستطيع كل شيء إن أردنا وإن تحملنا مسؤولية ونشرنا الوعي بأنه علينا واجب تجاه الوطن نؤديه من خلال وظيفتنا، كلٌ في موقعه، والله المعين.
كاتبة وباحثة مختصة في شؤون حوارات الأديان .