واصل زملاء وموظفون في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الأردنية “بترا” وناشطون عبر مواقع التواصل الإجتماعي مطالباتهم بتحقيق العدالة في رواتب موظفي القطاع العام والمؤسسات المموّلة من خزينة الدولة، وتحديدا المؤسسات الاعلامية منها، حيث تبنّى زملاء اعلاميون ومغرّدون وسم #بدنا_حقنا للمطالبة بمساواتهم بأقرانهم في المؤسسات الاعلامية الأخرى. الموظفون اشتكوا من تدنّي أجورهم بشكل كبير مقارنة بزملائهم، رغم أن مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الأردنية هي التي خرّجت أعرق الاعلاميين والصحفيين الأردنيين الذين أثبتوا جدارتهم في كبرى المؤسسات الاعلامية الاقليمية والعالمية، وأكّدوا أن السياسة التحريرية للمؤسسة هي العائق الوحيد أمام تفجّر طاقاتهم، بل إن هذه المؤسسات كانت الرافد الرئيس لقناة مثل تلفزيون المملكة الذي يحصل على تمويله من خزينة الدولة ويمنح العاملين فيه رواتب مميزة.. الغالبية العظمى من الزملاء في التلفزيون الأردني والاذاعة وبترا ووسائل الاعلام الخاصة شاركوا في الحملة وكان لهم مداخلات وازنة تؤكد على مطلب مساواة رواتب العاملين في الاعلام الرسمي، كما تفاعل الرأي العام بشكل ايجابي مع تلك المطالب، متسائلين عن سبب التعامل مع الزملاء في التلفزيون وبترا على أنهم “أبناء البطة السوداء” بينما يحصل نظراؤهم في “المملكة” على رواتب استثنائية. الحقيقة أن تلك المطالبات والمقارنات تؤكد ضرورة اجراء تقييم لأداء قناة المملكة بعد أكثر من عام على انطلاق هذه المحطة التي قيل أنها ستُحدث فرقا وستكون نموذجا للاعلام الرسمي ذا السقف المرتفع ومصدرا للتحليل، قبل أن يصل المراقب إلى قناعة بأننا أمام “صورة ذات جودة مرتفعة، لكنها خالية من المضمون”، فما رأيناه يشير إلى أن استثمار قليل من الملايين في تحسين جودة وشكل وألوان التلفزيون الأردني كان سيُغنينا عن عشرات الملايين المهدورة من أموال دافعي الضرائب. عدد كبير من الزملاء انطلقوا في مطالباتهم من واقع ما يُقدّمه التلفزيون الجديد، فهم لا يرون أن شاشة “المملكة” تقدّم محتوى مختلفا -باستثناء جودة الصورة والجرافيكس-، كما أن هذه الشاشة لم تتمكن من احتلال مركز متقدّم لدى المشاهدين الأردنيين الموزّعين على وسائل الاعلام المحلية الخاصة والعربية والعالمية لاستقاء المعلومة والتحليل الذي يحترم عقولهم، ما يؤكد أن المشكلة ليست في الكوادر بقدر ما هي غياب الارادة السياسية لدى الدولة بأن يكون هناك اعلام رسمي محترف على غرار وسائل اعلام الخدمة العامة الغربية التي تعمل بشكل مستقلّ وتحترم عقل المشاهد ولا تضع سقوفا للخبر أو التحليل. كثير من الأردنيين اكتشفوا -بعد أكثر من عام- أن القناة الجديدة تابعة لأحد مراكز صنع القرار وليست خالصة للشعب ولا الدولة، والمفارقة، أن هذه القناة لم تنجح -رغم الكوادر المؤهلة العاملة لديها- في الترويج لوجهة نظر مراكز صنع القرار ولا خلق رأي عام وانطباع شعبي من أي مسألة، وهذا ليس حصرا على تلفزيون المملكة وينطبق على جميع وسائل الاعلام التي يتبع كلّ منها جهة ما. منقول مشكلة الزملاء في الاعلام الرسمي هي شعورهم بكون “المملكة” هي المؤسسة المحظيّة التي تستحقّ كلّ الامتيازات، وتنال كلّ التسهيلات، رغم أن التلفزيون الأردني ووكالة الأنباء الأردنية تضمّان كفاءات عظيمة واستثنائية قادرة على صياغة اعلام وطني راقٍ، لكن المشكلة تأتي على شكل ادارات جيء بها لافشال هذه المؤسسات الوطنية، حيث أن بعضها لا يملك الخبرة الكافية في العمل الصحفي والتلفزيوني، ولعلّ هذا سبب تراجع المهنية، بالاضافة إلى كون هاتين المؤسستين تعملان تحت وصاية الأجهزة الأمنية والتنفيذية المختلفة.. اللافت، أن قناة المملكة استقطبت نسبة لا بأس بها من العاملين لديها من التلفزيون الرسمي، وقامت الدولة بمنحهم رواتب مرتفعة، ما يؤكد ضرورة تحسين رواتب العاملين في المؤسسات الاعلامية الرسمية من أجل الحفاظ على الكفاءات التي تعمل لديها وضمان عدم تسرّبها إلى مؤسسات اعلامية أخرى. يجب على الدولة أن تصل إلى قناعة بأن تقديم اعلام مختلف يحتاج إلى كسر التابوهات والخطوط المرسوم للاعلام الرسمي -بما في ذلك قناة المملكة- وتحسين رواتب العاملين في المؤسسات الاعلامية الرسمية، فالمشكلة ليست بالكوادر بل بالقرار السياسي والتفاوت في الرواتب بشكل يُحبط جميع العاملين في الاعلام الرسمي..