لم تنه المرحلة الثانوية العامة من مسيرتها العلمية، لكنها مع ذلك راجعت بكل ثقة جهات متخصصة في الوبائيات بادعاء أنها اخترعت دواءً ناجعا يفتك بفيروس كورونا المستجد، مشددة على أن ذلك الاختراع المستوحى من “شجرة بعينها”، سيسجل فتحا علميا غير مسبوق للقضاء على الجائحة.
في حين يؤكد آخر- رغم حيازته لشهادة علمية- انه توصل لمطعوم يُعطى بالوريد عبر محلول يحتوي على مادة كحولية، وهو كفيل بالقضاء الكلي على الفيروس.
لكن لمتخصصين في الوبائيات يقولون إن صاحبي الاختراعين المزعومين ليسا الوحيدين اللذين يصران على نجاعة اختراعهما في التصدي لكورونا، بل أن هناك اكثر من اربعمئة وصفة عشوائية وصلت إليهم، قال متبنوها إنها ستشفي البشرية من كورونا، عدا عن الكم الهائل من وصفات متداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي التي تتراوح في وصفها بين طبيعية وتغذوية، وقوائم تحوي اسماء ادوية معروفة توصف على انها العلاج الشافي، وسط تصديق من البعض لها، ورفض منطقي من البعض الآخر المتيقن من أن الطب لم يتوصل بعد لمطعوم محدد يقضي كليا على الفيروس.
وفي حين يشدد وزير الصحة الدكتور نذير عبيدات على أهمية تعزيز الامن المجتمعي والوعي في التعامل مع الجائحة بدءا من الالتزام بكل الاجراءات الاحترازية، وليس انتهاءً بمتابعة كل ما يصدر عن المرجعيات الطبية والصحية المحلية والعالمية المعتمدة، يؤكد أطباء ومتخصصون في الوبائيات اهمية نبذ كل الإشاعات حول التوصل لعلاج قطعي لكورونا عبر منشورات تجتاح منصات التواصل الاجتماعي ومجموعات “الواتساب” وتطبيقات الهواتف الذكية المماثلة.
ويقول وزير الصحة الدكتور نذير عبيدات: “لم يتوصل الطب كما هو معروف للقاح ضد فيروس كورونا، فكيف بمن يروجون لوصفات تقضي على الفيروس؟”، مشيرا الى أن الترويج لمنتجات لا علاقة لها بأي علاج يذكر ضد الوباء يتسبب في تضليل الرأي العام.
ويتابع: يستطيع كل منا تعزيز مناعته على الدوام وبأبسط الطرق، ومبدئيا عبر نظام صحي غذائي متوازن، وليس باللجوء لتصديق الوصفات الدوائية العشوائية التي يتبرع بنشرها البعض على وسائل التواصل الاجتماعي او مجموعات “الواتساب”، والتي لا تستند لأسس علمية، في ظل عدم وجود لقاح فعال ومعتمد من الجهات المختصة ضد الفيروس.
ويضيف الوزير عبيدات: اذا ما ثبتت اصابة احد بفيروس كورونا فإن الجهات الطبية المتخصصة هي التي تتولى الإشراف على العلاج وصرف الدواء اللازم، رافضا أن ينبري البعض ممن يدعون المعرفة العلمية لإعطائه وصفات دوائية دون رأي طبي، لأن هذا قد يتسبب بمضاعفات للمريض لا تحمد عقباها، وذلك لاحتمال وجود تاريخ مرضي غير مشخص لدى هذا المريض.
وعليه، يتابع عبيدات: لا توجد وصفة غذائية محددة يمكن ان تحمي من الاصابة بالفيروس على وجه القطع لنتخذها بالتالي كوصفة معتمدة مانعة للإصابة، فهذا ليس كلاما علميا على الاطلاق، كما لا توجد قائمة ادوية بعينها يقترحها العامة تطرح على انها علاج ومجرب مئة بالمئة، ليروجها اصحابها على مسؤوليتهم الشخصية، ضاربين بعرض الحائط العلم والطب في آن معا.
ويشدد الوزير عبيدات على أهمية تعزيز نظام المناعة بشكل عام وذلك بالإكثار من تناول السوائل، واخذ القسط الكافي من النوم، واخذ الفيتامينات اللازمة لتقوية المناعة تحت اشراف طبي ومخبري، على ان لا تؤخذ هذه النصيحة على انها العلاج الشافي من كورونا، محذرا من تناول المضادات الحيوية بشكل عشوائي وبدون وصفة طبية، إذ ان المضادات مفيدة للالتهابات البكتيرية وليس الفيروسية، كما ان تناولها اعتباطيا يضعف مناعة الجسم على المدى البعيد.
ويؤكد عبيدات انه وحتى اللحظة، لا يوجد أي علاج قطعي ضد فيروس كورونا، فما بالكم بالوصفات غير المبنية على أي أسس علمية، منوها الى أنه حتى لو اختبرها احدهم، وجاء لإقناعنا بأنه شفي بالصدفة من اعراض كورونا، فهذا ليس دليلا قاطعا على تعميم تجربته على الناس، الامر الذي قد ينطوي على مخاطر كبيرة جراء التقليد الاعمى الذي يجرب بصحة الناس وبلا ادنى مسؤولية.
بدوره يعيد عضو اللجنة الوطنية للأوبئة الدكتور جمال وادي الرمحي التأكيد على ان لا عقار ناجعا ضد فيروس كورونا حتى اللحظة، على الرغم مما تطالعنا به الاخبار من مختلف انحاء العالم بأن هناك من توصل لعقار وانه قيد التجربة، ما لم يعتمد من الجهات الصحية العالمية كعقار ناجع قادر على هزيمة الفيروس كليا.
ويشدد في الوقت ذاته على ان ظاهرة التوجه نحو فيتامينات بعينها، يعد ضربا من المبالغة، سيما تناول هذه الفيتامينات بدون فحوصات مخبرية تثبت حاجته اليها، متسائلا: من اخبر البعض ان هذا الفيتامين فعال ضد كورونا اكثر من غيره؟، موضحا أن هؤلاء قد يكون لديهم اكتفاء من الفيتامين الذي يتناولونه ولا حاجة لهم به، مع كل ما يعني ذلك من مضاعفات او تداخلات دوائية سلبية.
ويلفت الدكتور الرمحي الى أن اعتماد وصفات سواء غذائية او دوائية من العامة او ممن يقول انه جربها وأنها تهزم الفيروس تماما، هو نوع من الخرافة التي تهدر الوقت والجهد والمال، وربما تنعكس سلبا على صحة الناس.
ويؤكد أنه لا توجد علاجات قاطعة ومعتمدة بعينها لعلاج المصابين بكورونا، وإنما هي علاجات مساندة وتُصرف لكل حالة بحالتها، وذلك تحت إشراف طبي يطل على التاريخ المرضي للشخص، وفحوصاته المخبرية، و تطور حالته المرضية، وعمره، ومدى اصابته وتأثرها بأمراض مزمنة، وخاصة الصدرية منها والتنفسية أيضا.
ويعود الدكتور الرمحي للتشديد على أن ارتداء الكمامة في الوقت الراهن، هو أكثر فاعلية من اي وصفات عشوائية، بموازاة التباعد الاجتماعي، وارتداء القفازات والالتزام التام بالتعقيم وتجنب الاختلاط في تجمعات سواء في الاماكن العامة او حتى في المنازل في سياق احتفالي ما او بمأتم، حيث تعج تلك المناسبات بالأشخاص في مساحة جغرافية محدودة، ولا تباعد فيها ولا التزام.
ويشير الدكتور الرمحي الى أن الجهات المعنية بصدد العمل على صيغة لمقاضاة كل من يدلي بمعلومات خاطئة حول علاجات عشوائية، قد تشكل خطورة على صحة الافراد، بدلا من أن تسهم بأي علاج لفيروس كورونا، مشددا على أن الفيتامينات وحدها حتى وإن أخُذت بوصفة طبيب، وبعد فحوصات مخبرية، لا تمنع انتقال العدوى في حال التزمنا بأخذها ولم نرتد الكمامة، ولم نتباعد، ولم نعقم.
الى ذلك كانت الحكومة اكدت على تفعيل أمر الدّفاع رقم (11) لسنة 2020، الذي يُلزِم أصحاب المنشآت والأفراد بضرورة الالتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر، وفرض عقوبات على كلّ منشأة لا يلتزم العاملون فيها، أو مرتادوها بارتداء الكمامات، كما اكدت أن العقوبات لمن يخالف أمر الدّفاع رقم (11) تصل حدّ فرض غرامات ماليّة على الأفراد غير الملتزمين بارتداء الكمّامات والتباعد الجسدي تتراوح قيمتها بين (20 – 50 ديناراً)، بالإضافة إلى فرض عقوبات على المنشآت غير الملتزمة تصل حدّ الإغلاق