كنت على مدار الايام الماضية ادعو للمشاركة الواسعة في الانتخابات بهدف أحداث التغيير في تكونينة المجلس النيابي واعتبرت ان ذلك واجب وطني . وفِي يوم الانتخابات ذهبت على كبر سني انا وافراد اسرتي لممارسة حقنا الدستوري رغم ما يمثله وباء كورونا من مخاطر ، ولكن ولله الحمد فقد وجدنا ان إجراءات الانتخابات قد راعت اقصى سبل الحماية من هذا الوباء . وقد شعرت بمنتهى الاسف لانخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات ولكني مع ذلك تأملت خيراً في نتائجها ، الا انها للاسف فقد كشفت عن جملة من السلبيات ولم تخلوا من بعض الايجابيات وسوف استعرض هذه السلبيات والايجابيات ومن منطلق ان صديقك من صدقك
ا – كان من اهم السلبيات هو ما شاهدته من عشرات الفيديوهات من احتفالات بعض الناجحين وانصارهم ، هذا التجمعات الكبيرة التي لم تراعي ابسط متطلبات الحماية من وباء كورونا والتي اقيمت رغماً عن قرار حظر التجول الذي قُدم موعده من نهاية فرز النتائج يوم الاربعاء الى نهاية الانتخاب يوم الثلاثاء وذلك لمنع حصول مثل هذه التجمعات والاحتفالات لخطورتها على الوضع الوبائي وتخصيص اكثر من خمسين الفاً من عناصر الامن للاشراف على الانتخابات وضمان سيرها بهدوء وانتظام وضمن المعايير الصحية التي تفرضها الحالة الوبائية ولمنع التجمهر امام مراكز الاقتراع ومنع التدخل بها ومنع التعامل مع المال الاسود امام مراكز الاقتراع ومنع التجمع امام بيوت الناجحين أو الراسبين بعد الانتخاب وعند ظهور النتائج وبعد ان تم أخذ تعهد منهم جميعاً بعدم اقامة هذه التجمعات او المشاركة فيها .
ويا ليت ان الامر توقف عند حصول التجمعات ومسيرات السيارات في مخالفة لقرار منع التجول ولكن ذلك الاستعمال الكثيف لمختلف انواع الاسلحة الفردية والرشاشة والحديثة واطلاق وابل من النيران منها والتي شارك بها الاطفال والسيدات رغم ان ذلك ممنوع بحكم القانون وما يمثله ذلك من خطر على حياة المواطنين . وما شاهدته من مقرات للمرشحين بالرغم من صدور قرار سابق من معالي وزير الداخلية باغلاقها امر فاق التصور .
ومهما حاولت ان اعبر عن استيائي لما شاهدته في هذه الفيديوهات فأنني لن اجد الكلمات المناسبة التي تعبر عما بنفسي وانا اشاهدها . ومما ذاد من شعوري هذا انني لم ارى اثر للخمسين الفاً من افراد الاجهزة الامنية عند تلك التجمعات والمقرات ليعملوا على ظبط الامن وتطبيقه ، وان شاهدت في بعضها عدداً محدوداً منهم يقفون وهم لا حول لهم ولا قوة امام هذا الطوفان البشري المسلح ، وكأن واجب هذه الاجهزة قد انتهي مع اقفال صناديق الاقتراع . ولم يخفف من هذا الشعور ما صدر عن الاجهزة الامنية من انها تتابع هذه الفيديوهات لمعرفة من اطلق النار وانها تمكنت من تحديد العشرات منهم وانها ستعمل على ضبطهم وتقديمهم للقضاء . او قولها انها تعرفت على ارقام مئات السيارات التي خالفت قرار حظر التجول وستعمل على ضبطها وحجزها . ولا قولها انها اوقفت عدداً من الناجحين في الانتخابات وانها ستتخذ الإجراءات القانونية بحقهم لأنه وبعد اعلان الهيئة المستقلة للنتائج النهائية للانتخابات وانعقاد اول جلسة للبرلمان سيكتسبون الحصانة النيابية ولا يمكن اتخاذ إجراءات بحقهم . لكني سوف اظل اقول انه كان من واجب هذه الاجهزة ان تتوقع حصول ذلك وان تكون متواجدة في تلك المواقع ، وان من واجبها مراقبة تطبيق قرار حظر التجول لا ان تراقب فيما بعد اشرطة الفيديوا التي ينشرها المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكان بامكانها مشاهدة طوابير السيارات وهي تعبر على الطرق الرئيسية وان ترى المواطنين وهم يسيرون على هذه الطرقات في خرق لقرار منع التجول . كما كان بامكانها سماع اصوات الرصاص وهي تلعلع امام بيوت الناجحين في الانتخابات .
ان ما حصل لايمكن تبريره ولا يمكن الدفاع عنه . وانا الذي اعتبر نفسي من اشد الموالين للنظام والمدافعين عنه والمستعدين لدفع الغالي والثمين للدفاع عنه ، وانا المعروف عني دفاعي المستميت عن اجهزتنا الامنية والعاملين فيها ، الا انه ونتيجة ما حصل طوال ليلة الانتخابات وصباح اليوم الذي يليه ، فلا بد من الاقرار انه كان هناك تقصيراً اضاع الانجاز الذي حققته هذه الاجهزة اثناء الاقتراع يصل الى حد الجريمة وخاصة مع ما سيترتب عن ذلك من تصاعد في حالات الاصابة بوباء كورونا خلال الايام القادمة وما سيترتب على ذلك من حملة على الحكومة واجهزتنا الامنية ، مما يستوجب المسائلة وتحمل المسؤولية ابتداءاً من اعلى المناصب وامتداداً لكل مسؤول في الميدان قصر بالقيام بواجبه في تلك اليلية . ولأنه ان لم يتم ذلك فسوف تفقد هذه الاجهزة هيبتها وفعاليتها والى الابد .
٢ – وكان من سلبيات ذلك اليوم مايتكرر في كل انتخابات تجري في الاردن وهو ادعاء كل من لم يحالفهم الحظ بالنجاح ان هناك تزويراً قد حصل ضدهم بقصد اسقاطهم وقيام مناصريهم وافراد عشائرهم باعمال فوضى وتخريب وتدمير وحرق مما يتطلب تدخل قوات الدرك للتصدي لهم وتفريقهم مع قيام المحتجين بالقاء الحجارة على افراد الدرك وكأنهم من دولة محتلة للاردن . وهنا اقول انه يجب الضرب بيد من حديد على ايدي مثيري الشغب هولاء وتحميل مرشحهم مسؤولية ذلك .
٣ – ومن السلبيات ايضاً انخفاض تمثيل الاناث في هذا المجلس وعدم نجاح أحداهن بالانتخاب المباشر . وان جميع الناجحات هن من حصة الكوتا الخاصة بهن . ولعل سبب ذلك يعود بصورة جزئية الى انخفاض نسبة الناخبين من الاناث . ولكني اعتبر ان السبب الرئيسي في ذلك هو التنمر الرجولي الذي يسمح للاناث بالترشح ضمن قوائمهم من قبيل الديكور وتحسين صورة القائمة والاستفادة من اصوات العنصر النسائي للقائمة .
٤ – ومن السلبيات التي نعاني منها في كل انتخابات هي المال الاسود وشراء لذمم وبيع النفس وبأبخس الاسعار ، وهنا المجرم هو المرشح الذي يريد شراء الاصوات بماله ليصبح عضواً في مجلس النواب الذي من واجباته ان يشرع لمحاربة الفساد والفاسدين . والمجرم الثاني هو من يبع صوته لمرشح لن يعمل لمصلحته بعد نجاحه في الانتخابات ولن يتعرف عليه كونه دفع له ثمن صوته . في حين انه لو انتخب من هو قادر على خدمتة واوصله لعضوية المجلس فسوف يعمل على سن التشريعات والقوانين التي في مصلحته والتي يمكن ان تخفف اعباء الحياة عليه
٥ -ومن السلبيات هو انخفاض اعداد الحزبيين في المجلس الحالي عما كانوا عليه في المجلس السابق حيث كان به اثنان وعشرين حزبياً ينتمون لسبعة احزاب في حين انه في المجلس الحالي انخفضوا الى تسعة عشر حزبياً ينتمون لخمس احزاب بالرغم من مشاركة اكثر من اربعين حزباً في الانتخابات . ويعود السبب في ذلك على الاحزاب بصفة رئيسية لكثرة عددها وتشرذمها وعدم مقدرتها على عمل ائتلافات بينها ولعجزها عن اقناع المعارضين والمقاطعين للانتخابات من المشاركة فيها وانتخابهم .
اما الايجابيات فأنه ورغم هذه السلبيات الا انه مما شك فيه فقد كان لها العديد من الايجابيات وكان اولها واهمها هو وجود النية للتغيير ، حيث بلغ عدد النواب الذين تم انتخابهم للمرة الاولى ١٠٠ نائب فيما نجح من اعضاء المجلس السابق ٢٣ نائباً فقط ونجح سبعة نواب كانوا اعضاء في مجالس سابقة . وقد تبين ان الكثيرين من اعمدة المجلس السابق والنواب المخضرمين قد سقطوا بهذه الانتخابات وحتى ان بعض من نجح منهم لهذا العام فقد حصلوا على عدد متدني من الاصوات وان بعضهم كان على وشك السقوط فيها . هذا مع الاخذ بعين الاعتبار انخفاض اعداد الناخبين وتدني نسبتهم وانهم في المجمل يمثلون الناخبين التقليدين . وهذا يعني ان النية في التغيير والتجديد قد توفرت لدى قسم كبير منهم ، وانه لو شاركت اعداداً اخرى من المواطنين الراغبين بالتغيير في الانتخابات لكان من الممكن تغيير بنية المجلس الحالي الى حال افضل من المجالس السابقة وبذلك نكون قد خطونا خطوة كبيرة في طريق الوصول الى مجالس نيابية قوية تستطيع تعديل الكثير من التشريعات الحالية التي بحاجة الى تعديل بما فيها قانون الانتخابات ، وتستطيع سن تشريعات تتفق مع مصلحة المواطن والوطن . وفي النهاية نبارك لمن نجحوا في هذه الانتخابات. نقول لهم انكم سوف تكونوا تحت النظر والمتابعة لنرى ما هي انجازاتكم ووفائكم بوعودكم .
وحمى الله هذا الوطن وشعبه وقيادته