هلا مراد –
البلاغ الرسمي رقم 15 لسنة 2020، الصادر عن رئاسة الوزراء بتاريخ 22112020، الذي يحدد معالم ومحددات اعداد قانون الموازنة الأردني لعام 2021، ولكن كما تقرأون بعنوان البلاغ يحوي مشروع نظام التشكيلات للوزارات والدوائر والوحدات الحكومية لسنة 2021، وذلك من اجل ضمان تحقيق مزيد من الانضباط المالي الكلي والقطاعي وبما يحقق الكفاءة بالإنفاق والحد من النفقات غير الملحة، وذلك كما جاء بنص البلاغ وكما يأتي عادة.
ولكن ما يهمنا هنا كنشطاء بيئيين نتابع المشهد منذ سنوات قليلة مضت نعرف جيدا ان وزارة البيئة تصارع البقاء وان وجودها مهدد شكلا وفعلا، وانها جسم صلب فوق مائع، ومن يتصفح البنود التي وردت في البلاغ السابق يرى خلوها من أي نص محدد له علاقة بالبيئة، وصفا او توصية او عملا، وبما اننا تتبعنا ما يدور منذ اشهر حول ما اذهلنا من إحالة اعمال مديرية الرصد البيئي لتصبح مع هيئة جديدة ضمن مقترح قانون اطلق عليها قانون هيئة الجودة يضم ايضا مؤسسة المواصفات المقاييس العريقة – بوابة امان الأردنيين-
وإن مديرية الرصد البيئي في وزارة البيئة مديرية دسمة تعطي الثقل الحقيقي لفلسفة وجود وزارة للبيئة يكمن دورها الأساسي بالدور الرقابي والاشرافي على اعمال الجميع وبما يخدم مصالح البيئة انطلاقا من حقوق المواطن بالعيش الآمن والصحي ضمن ظروف بيئية واشتراطات وجودية لا يمكن ان يتمتع الانسان بباقي حقوقه في ظل غيابها وهذا ما اكدنا عليه بكل اجتماع ولقاء وكلمة ، وبصدور هذا البلاغ وغياب البيئة اسما ورسما ضمن بنوده ، مع ذكره لجميع القطاعات الحيوية الأخرى صراحة وتلميحا، عاودنا القلق الذي اورثتنا إياه الحكومات المتعاقبة بتعاطيها مع وزارة البيئة كوزارة ترضية او دمجها مع وزارة أخرى ، او وزارة منزوعة الصلاحيات ، وان عملها بروتوكولي يعتمد على ما يدور بالعالم من احداث ، كما عبر عن ذلك صراحة مدير حماية الطبيعة في معرض رده على تساؤلي حول نظام حماية الطبيعة الذي كلف احدى المنظمات الدولية جهدا وعملا ومالا وما زال في درج المدير ينتظر ما سيصدر بالعالم من تعليمات ليتماشى معه، وهذا ابعد ما يكون عن فهم حقيقي للدور الذي يمكن ان تلعبه مديرية هامة كمديرية حماية الطبيعة وطنيا وما ننتظره نحن منها على الصعيد البيئي والحيوي وحفظا لنظمنا الطبيعية .
نتفهم ان الهم الأكبر اليوم هو الهم الصحي والاقتصادي، وان المشكلة الأساسية التي يعاني منها الشعب الأردني يوميا هي مشكلة النقل ، وان التعليم عن بعد اصبح الشبح المرعب لمستقبل مجهول وان حكومات تستسهل الاستثمار السياحي المدر للدخل السريع (نظريا لا واقعا ملموسا) ،ولكن علينا ان نتنبه جميعا ، حكومة وناشطين ومؤسسات ومجتمع مدني أن الأساس للاستثمار بكل ما تم ذكره يقع تحت الاهتمام الأكبر بالبيئة ، فإذا اعدمناها واهلكناها نكون ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا ) ، ونكون قد جمدنا العمل لتلافي هم بالضرورة قادم ، فما تأثيرات وتداعيات تغير المناخ على سبيل المثال لا الحصر وما يرافقها من تهديدات لجميع القطاعات إلا هما عظيما لا يمكن تفاديه واستيعابه وتفهمه إلا بالعمل الحقيقي ضمن مؤسسات قوية تقع على رأسها وزارة البيئة المستقلة الممكنة ذات الميزانية الواضحة والتي تلبي القطاع شكلا وعملا.