تحيي الأسرة الأردنية، غداً الأحد السابع من شباط، الذكرى الثانية والعشرين ليوم الوفاء والبيعة، ذكرى الوفاء للمغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي تسلّم سلطاته الدستورية في مثل هذا اليوم من العام 1999 ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية.
وإذ يستذكر الأردنيون في يوم رحيل الملك الباني، الحسين بن طلال، مسيرة حياة حافلة بالعطاء والإنجاز على مدى سبعة وأربعين عاماً، فإنهم يتطلعون بفخر وأمل إلى إنجازات عهد الملك المعزز عبدالله الثاني، الذي سار على نهج آبائه وأجداده من بني هاشم، في استكمال مسيرة التنمية والتطوير.
وفي مثل هذا اليوم من العام 1999، تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، ليعلن بقسمه أمام مجلس الأمة العهد الرابع للمملكة، التي كان تأسيسها قبل مئة عام على يد جلالة الملك عبدالله الأول ابن الحسين بن علي، ثم صاغ دستورها جده جلالة الملك طلال، وبنى المملكة ووطّد أركانها والده جلالة الملك الحسين، طيب الله ثراهم.
وقال الراحل الكبير في الرسالة الأخيرة التي بعثها لنجله جلالة الملك عبدالله الثاني “عرفت فيك، وأنت ابني الذي نشأ وترعرع بين يدي، حب الوطن والانتماء إليه، والتفاني في العمل الجاد المخلص، ونكران الذات، والعزيمة وقوة الإرادة وتوخي الموضوعية والاتزان والاسترشاد بالخلق الهاشمي السمح الكريم، المستند إلى تقوى الله أولاً، ومحبة الناس والتواضع لهم، والحرص على خدمتهم والعدل والمساواة بينهم”.
وفي ذكرى رحيل الحسين، يستذكر الأردنيون سجلاً تاريخياً لمسيرة الدولة الأردنية منذ العام 1952، حين نودي بالحسين طيب الله ثراه ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، وفي الثاني من أيار1953 أتمّ الحسين الثامنة عشرة من عمره، فأقسم اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.
وشهد عهد الراحل الكبير خطوات مهمة لخدمة الأردن، مثل تعريب قيادة الجيش الأردني في عام 1956، وإلغاء المعاهدة البريطانية عام 1957 لإكمال السيادة الوطنية.
كما اضطلعت المملكة في عهد الملك الحسين، بدور محوري في دعم جامعة الدول العربية، وتعزيز التعاون العربي، ودعم القضايا العربية، ولاسيما القضية الفلسطينية.
وحقق الأردن بقيادة جلالة الملك الراحل، انتصاراً كبيراً في معركة الكرامة الخالدة عام 1968، التي تم فيها كسر أسطورة الجيش الذي لا يهزم.
كما كان الحسين رجلَ حرب وسلام، فمثلما كانت معركة الحرب بكل شرف وشجاعة، كانت معركة السلام التي توّجت بتوقيع معاهدة السلام في عام 1994، إذ أكد الأردن ثوابته الأساسية.
واليوم، وبعد 22 عاماً من أداء جلالة الملك عبدالله الثاني اليمين الدستورية، ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، يواصل الأردنيون مسيرة البناء والتقدم والإنجاز، خلف قيادتهم الهاشمية الحكيمة، لتعزيز ما بناه الآباء والأجداد.
ويؤمن جلالة الملك، كما آمن والده جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، بأن ثروة الأردن الحقيقية هي المواطن، وأنه المحرك الرئيسي في التنمية والتقدم، وهو هدفها ومحورها، كما يؤكد جلالته ضرورة الاستثمار في المواطن من خلال تطوير التعليم في مختلف مراحله ومستوياته، ووضع البرامج والاستراتيجيات الهادفة، لتزويده بالمعرفة والمهارة والخبرة للدخول إلى سوق العمل.
وتتمثل أولويات جلالة الملك في رفع مستوى معيشة المواطن، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة له، مثلما يؤكد جلالة الملك، أهمية تكريس مبدأ الشفافية والمساءلة وسيادة القانون وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وتعزيز منظومة مكافحة الفساد، ويشدد دوماً على أهمية التعاون والتنسيق بين جميع المؤسسات.
ويتجلى حرص جلالة الملك على حماية صحة المواطنين، في متابعته تفاصيل إدارة أزمة كورونا منذ بدايتها، لتجنيبهم خطر الإصابة والحد من انتشار الفيروس.
ويقع الشباب الأردني في صُلب اهتمامات جلالة الملك، ويحظون برعايته ومساندته، كما يؤكد جلالته دوما ضرورة تحفيزهم وتمكينهم من خلال احتضان أفكارهم ودعم مشروعاتهم، لتتحول إلى مشروعات إنتاجية مدرّة للدخل وذات قيمة اقتصادية، حيث تقوم رؤية جلالته على الاستثمار في الإنسان الأردني المبدع والمتميز بعطائه.
وعلى صعيد القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، يولي جلالة الملك، القائد الأعلى للقوات المسلحة، الجيش العربي والأجهزة الأمنية، جل اهتمامه، ويحرص على أن تكون هذه المؤسسات في الطليعة إعداداً وتدريباً وتأهيلاً، لتكون قادرة على حماية الوطن ومكتسباته والقيام بمهامها على أكمل وجه، إضافة إلى تحسين أوضاع منتسبيها العاملين والمتقاعدين.
ويؤمن جلالة الملك بأن الأردن وارث رسالة الثورة العربية الكبرى، ولذلك يجب أن يظل الأكثر انتماء لأمتيه العربية والإسلامية، والأكثر حرصاً على التنسيق مع الأشقاء العرب والقيام بواجبه تجاه قضايا الأمتين، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ويبذل جلالته جهوداً كبيرة باعتباره وصياً وحامياً وراعياً للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات، للحفاظ على هويتها العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم وتثبيت سكانها، مسلمين ومسيحيين، وتعزيز وجودهم في مدينتهم.
كما يحظى الأردن، بقيادة جلالته، بمكانة متميزة دولياً، نتيجة السياسات المعتدلة والرؤية الواقعية لجلالة الملك إزاء القضايا الإقليمية والدولية، إلى جانب دور جلالته المحوري بالتعامل مع هذه القضايا، وجهوده لتحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وإذ يحيي الأردنيون اليوم ذكرى الوفاء والبيعة، فإنهم يواصلون مسيرة البناء والتنمية والإنجاز، لتحقيق مختلف الطموحات والأهداف التي ترتقي بالوطن والمواطن، رغم ما يحيط بهم من أزمات، لإيمانهم العميق بقدرتهم على تحويلها إلى فرص، والمضي بتقدم وثبات نحو مستقبل أفضل.