يبدو أننا في غمرة تهافتنا على الدول الغربية واستنجاد ثوراتنا العربية بكل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وبعد أن أصبحت واشنطن وباريس ولندن مقر انعقاد مؤتمرات المقاومة العربية الحديثة بدءاً برجالات الثورة العراقية وانتهاء برجالات المعارضة الليبية والسورية . أننا قد نسينا بعضا من تاريخ أمتنا وبالذات تاريخ القضية الفلسطينية والأمة العربية لا سيما في بدايات القرن العشرين ويبدو أن أعداء الأمس ومستعمري العالم العربي والإسلامي قد أصبحوا اليوم حلفاء للثورات العربية .
وإنني كأي باحث استراتيجي أريد البحث عن الوسائل التي تنقذ العالم العربي الغارق في الفوضى الخلاقة وفي شتاء الثورات التي لا زالت تشهد نزيف الدم العربي بالمال العربي وتشهد تزايد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفي دول الخليج العربي .
لقد تغنينا في القرن الماضي بحركات التحرر والتخلص من الإستعمار وتغنينا بالقومية والوحدة العربية ولكننا خسرنا كل حروبنا مع إسرائيل بإستثناء ثورة أطفال الحجارة وقد يعارضني أحد الأخوة بأن حزب الله قد صمد في وجه إسرائيل أكثر مما صمدت الدول العربية وأن هذا الصمود هو نصر معنوي وواقعي لأن الخسائر في الجيش الإسرائيلي كانت كبيرة والخسارة الأخلاقية للآلة العسكرية الإسرائيلية أمام العالم كانت أكبر من أي انتصار عسكري .
لقد تغنينا بالتطور العمراني وتحدثنا عن أرقى الفنادق وأعلى الأبراج وأفخم أنواع اليخوت والسيارات والطائرات ولم نذكر أبداً أننا لم نصنع مسماراً أو هاتفا نقالا واحداً . ولم نذكر أبدا أننا أضحينا أسواقا للإستهلاك ولولا رحمة الله بنا أن أعطانا نعمة البترول لكنا جعنا ونهشنا لحم بعضنا بعضا.
أعذروني فأنا أريد أن أذكركم ببعض صفحات التاريخ التي يجب ألا تنتسى وببعض الوثائق والمعاهدات التي لم تسربها ولم تشملها وثائق ويكيلكس لربما نتعلم شيئا منها فهي تحدثنا عن إنشاء دولة إسرائيل وهي تحدثنا عن دور بعض الدول وبالذات بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في تحقيق أهداف إسرائيل .
بريطانيا:
بين عامي 1905 لغاية عام 1907 تم عقد مؤتمر يضم كلا من كثيرون من الساسة العرب لم يسمعوا بوثيقة بنرمان التي صدرت عام 1907 والتي تم فيها التخططيط للإستيلاء على العالم العربي الممتد من الخليج الفارسي إلى المحيط الأطلسي وإبقاء هذا العالم تحت رحمة وسيطرة أوروبا وتم فيه إقرار زرع إسرائيل في قلب فلسطين.
بتاريخ 16 أيار عام 1916 تم التوقيع على اتفاقية سايكس – بيكو بين بريطانيا وفرنسا من أجل تقسيم العالم العربي فيما بينهما.
بتاريخ 2 تشرين الثاني عام 1917 أصدرت بريطانيا وعد بلفور المتضمن إقرار الحكومة البريطانيه بإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين .
في عام 1919 تم الإشراف من قبل بريطانيا على وضع المنهج الدراسي العبري في المدارس في فلسطين.
في عام 1920 تم تأسيس اتحاد العمال اليهودي وتأسيس المجلس الوطني اليهودي بالإضافة الى تأسيس منظمة “الهاجاناه” العسكرية.
في عام 1921 تم تأسيس المكتب التنفيذي لأعضاء المنظمة الصهيونية العالمية في فلسطين وما أن تم تعيين السير هيوبرت صامويل حاكماً عاماً لفلسطين بعد أن فرضت بريطانيا الإنتداب والذي أقرته بكل أسف عصبة الأمم بتاريخ 24/7/1922 حتى قامت بريطانيا بالتمهيد لعمليات إجلاء الفلسطينيين وفتح باب الهجرة لليهود وبعد أن كانت الأراضي التي احتلها اليهود عام 1922 تساوي 60 ألف هكتار أصبحت خلال عام 1939 تساوي 55 ألف هكتار وبعد أن كانت نسبة اليهود بتاريخ 24/7/1922 لا تتجاوز 10% من سكان فلسطين أصبحت عام 1939 تساوي 29% وبلغ عدد المهاجرين اليهود في عام 1948 ما يزيد على 452 ألف مهاجر يهودي.