Site icon صحيفة الأمم اليومية الشاملة

هيكلة الهيئات الحكومية (3) قطاع المياه

تحدثنا في المقالات السابقة عن ضرورة هيكلة الهيئات الحكومية وضرورة إعتماد معايير علمية لإلغاء وأو دمج هذه الهيئات بالشكل الذي يحقق التوازن مابين الكفاءة والفاعلية في الأداء .

قطاع المياه في الأردن يدار من عدة جهات حكومية، وزارة المياه والري ،سلطة وادي الأردن ، وسلطة المياه ، إضافة الى شركات المياه المملوكة للحكومة (اليرموك ، مياه الأردن ، والعقبة)، والوزير يرأس مجالس ادارة السلطتين إضافة الى عضوية امنائها بمجالس هذه الإدارات ، كما أن شركات المياه لها هيئة مديرين من امناء عامين سابقين ويتقاضوا مكافآت وبدلات مالية مرتفعة لقاء هذه العضويات.

بتحليل مهام الجهات الحكومية تجد التداخل في بعض الصلاحيات بين السلطتين وهذا ما يشير له التقرير السنوي لسلطة المياه 2018 اضافة الى أن الوزارة هي المرجعية الرئيسية لإدارة هذا القطاع ، كما أن هناك تكرارا في مهام هذه الجهات .

          تتولى وزارة المياه وضع السياسات الإستراتيجيات لقطاع المياه ، والتخطيط لموارد المياه والطلب عليها ، أما سلطة المياه والتي تتولى تقديم خدمات المياه والصرف الصحي، تجد أن قانون سلطة المياه وتعديلاته لسنة 1988 ينص في الماده (10)أ منه على مهام مجلس الإدارة ومنها ” وضع سياسة مائية هدفها المحافظة على حقوق المملكة في المياه ومصادرها …الخ ، وتنص الفقرة ب  منه ” الموافقة على السياسة المائية للمملكة وعلى الخطط الخاصة بتطوير الموارد المائية وحفظها وتحديد إستثمارها في الأوجه المختلفة”.

          وبخصوص سلطة وادي الأردن فقد انيط بها مهمة تطوير وادي الأردن خاصة السدود وتوزيع مياه الري والأراضي في وادي الأردن على المزارعين.

          وبتحليل مهام هذه الجهات وهياكلها ، يمكن أن نخلص ، وبإختصار شديد ، أنها متداخلة ومكررة في مهامها ، كما أن هناك بعض التداخل بين مهام وزارة الزراعة وسلطة وادي الأردن والتي يمكن أن تنفذ مهامها من خلال مديرية واحدة تتبع للسلطة أو الوزارة في حال توحيد المرجعية بجهة واحدة.

          أما شركات المياه ، والتي أسست لتتولى التوزيع بالتجزئة وغيرها من المهام ، مثل معالجة المياه والصرف الصحي في منطقة الإختصاص و كانت الغايه من انشاءها ؛استقطاب الكفاءات والعمل بمنهجية القطاع الخاص بهدف تخفيض الخسائر ؛الا ان تطبيق ذلك لم يتم بحيث تم نقل موظفي سلطة المياه الى هذه الشركات وحصلوا على تعويضات ومنافع ماليه دون أي تطوير لمستوى الخدمة او أي عائد مالي للشركة ، بحيث أن ثقافة القطاع العام إنتقلت الى هذه الشركات ، والقياديين الذين تم إستقطابهم من سلطة المياه تم إقصائهم بوسائل مختلفة، ناهيك عن غياب توحيد الأنظمة والسياسات لهذه الشركات كأنظمة الموارد البشرية وخدمات الزبائن والمستودعات والمشتريات ، الأمر الذي انعكس سلبا على الولاء التنظيمي للعاملين فيها إضافة الى الصراعات التنظيمية التي إنعكست سلبا على إنتاجيتها.

النتيجة المحزنة وطنيا ، الخسائر الفادحة التي تشهدها شركات المياه وبشكل خاص، مياهنا واليرموك وحسب قانون الشركات فان مياه اليرموك يجب تصفيتها لأن نسبة الدين قاربت على (70%) ويتم حاليا عمل إطفاء للدين ، فيما تقدر خسائر مياهنا بحوالي (12) مليون دينار، أما خسائر مياهنا الزرقاء والتي لازالت عقد اداره وسيتم تحويلها الى شركه اعتبارا من مطلع العام القادم اي بعد شهرين حوالي (20) مليون دينار حيث ان عقد الاداره قد اثبت فشله بشكل كامل واعتقد ان الحكومه ستقوم بتحويل مياه الزرقاء الى هيئه مستقله بعد شهرين بالرغم من الخسائر كما ان التحويل سيؤدي الى تكبيد الخزينه مصاريف اضافيه.

من جهة اخرى ، فإن شركات المياه ، وعلى الرغم من وجود هيئة مديرين لكل منها إلا أنها مازالت تعاني من هيمنة وزير المياه وتدخله المباشر بإدارتها ، وقد يكون إستقالة معالي موسى الجمعاني من رئاسة هيئة مديري مياهنا بعد ثلاثة شهور على تعينة خير دليل على ذلك التدخل ، ناهيك على غياب العمل المؤسسي في هذه الشركات، وكذلك ضعف درجة إمتثالها لمباديء الحوكمة والمسائلة ، وهذا ما تظهره مؤشرات ادائها ونتائج أعمالها الكلية.

          يتردد في ألاوساط الحكومية أن النية تتجه لإلغاء سلطة وادي الأردن ، ونتمنى أن تنشأ جهة تنظيمية واحدة للقطاع إما وزارة مياه فقط ، وإما تلغة الوزارة والسلطتين لصالح هيئة لتنظيم قطاع المياه.

أما بخصوص شركات المياه ، فلابد من الإسراع بمراجعة مدى الحاجة لمثل هذه الشركات أو إعادتها الى الهيئة الرسمية ، وفي حال استمرار التوجه على بقاء ها فلابد من إعادة تنظيمها بشكل يحقق الكفاءة والمساءلة على نتائج أعمالها ، كما يمكن دراسة خيار تولي البلديات الرئيسة في المحافظات مهمة هذه الشركات إن كانت الحكومة جادة في التحول نحو اللامركزية.

abdqudah@gmail.com

Share and Enjoy !

Shares
Exit mobile version