Site icon صحيفة الأمم اليومية الشاملة

نفاع: القطاع السياحي قادر على استيعاب 35% من العمالة الوطنية

أكد الخبير الدولي السياحي والقنصل الفخري للاردن في هنغاريا، زيد نفاع، أن السياحة تعد الرافد الاساسي للاقتصاد الوطني، وثروتنا السياحية بحاجة للكثير من العمل من أجل الارتقاء بها وجعلها في مصاف الدول المتقدمة في هذا الجانب، ووضعها على خارطة السياحة العالمية.

ورأى أن النهوض بالسياحة يعتمد على التخطيط والبناء، للوصول إلى مقومات سياحة عالمية، نستطيع البناء عليها ووضع رؤية واضحة الملامح والعمل على تطويرها والارتقاء بها نحو فضاءات السياحة العالمية.

وشدد نفاع في مقابلة اجرتها “الرأي”، على أهمية أن تكون السياحة لدينا، (مشروع دولة)، وفي سلم اولوياتنا، وان لا تكون مشروع (حكومة) تكتفي بتسويق وترويج الاماكن السياحية أو البحث عن مستثمر كحد أعلى، وانما لابد من تشخيصها شمولياً من ناحية اقتصادية وسياسية.

وثمن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة من خفض لضريبة المبيعات ورسوم الخدمات وتخفيض تعرفة الكهرباء على القطاع السياحي، الامر الذي صب–بحسب نفاع–في خدمة القطاع وعمل على تحريك عجلة الاقتصاد، وادى إلى زيادة الدخل السياحي، ما يؤكد وعي الحكومة لأهمية هذا القطاع الحيوي وتأثيره على الناتج المحلي للدولة.

وأكد نفاع، ان قطاع السياحة يستطيع ان يستقطب اكثر من 35% من العمالة الاردنية، ويساهم بذلك بتقليل نسب البطالة إلى مستويات منخفضة، في حال التعامل الانسب مع تطوير وتنمية هذا القطاع الذي يعتبر اكبر وأهم قطاع لتشغيل العمالة الوطنية.

وتاليا نص المقابلة:

* كيف يمكن استغلال السياحة بالشكل الامثل؟

نفاع: السياحة تعتبر الرافد الأساسي، ان لم يكن العصب الرئيسي للاقتصاد الاردني، ولدينا ثروة سياحية ضخمة ومقومات سياحية ولكن هذه المقومات لم ترتق الى العالمية بعد.

وفي وقتنا الحالي اصبح النهوض بالسياحة يعتمد على السياسة والاقتصاد، وكلاهما مندمجتان معا للوصول إلى مقومات سياحة عالمية، نستطيع البناء على ارضية صلبة واضحة الملامح ونعمل على تطويرها والارتقاء بها نحو فضاءات السياحة العالمية.

واليوم السياحة في العالم تبدأ بالطيران العارض، والاهتمام بسياحة شواطئ البحار، فالسائح البسيط يسعى للحصول على العروض التي تشمل ثمن التذكرة والفندق والبرنامج بأكمله، ويبحث عن مدينة مثل العقبة.

ونستطيع اليوم تسويق 5 آلاف غرفة فندقية، متوفرة حالياً في العقبة، الى السوق الخارجي، مع العلم أننا نفتقر الى البنية التحتية وهنا نتحدث فقط في جزئية معينة عن الفنادق.

والسياحة عبارة عن عملية متكاملة، وهي جزء من المشكلة الاقتصادية في البلاد، ولا بد ان تكون من وجهة نظر المعنيين أحد الاعمدة الاقتصادية للوطن.

وعلينا التأكيد أن السياحة لا بد ان تكون «مشروع دولة»، وفي سلم اولوياتنا، وان لا تكون مشروع حكومة تكتفي بتسويق وترويج أو البحث عن مستثمر كحد أعلى، ولابد من تشخيصها شمولياً من ناحية إقتصادية وسياسية.

* ما بعد جائحة كورونا هل أدركت الحكومة مدى تأثير القطاع السياحي اقتصاديا في موازنة الدولة؟

نفاع: قرارات الحكومة كانت حكيمة ومدروسة لتتناسب مع تداعيات الازمة، وأعتقد أن قناعة الدولة اصبحت واضحة بأن السياحة من أهم اعمدة الاقتصاد الاردني، وأنها الجاذب الاهم للاستثمارات الكبرى.

وكل الاجراءات التي تتخذها الحكومة الخاصة بالقطاع من خفض لضريبة المبيعات وغيرها من قرارات، يخدم قطاع السياحة ويحرك عجلة الاقتصاد ويزيد من الدخل السياحي، وذلك مثبت بتجارب الدول المتقدمة.

كما قامت الحكومة بتخفيض رسوم الخدمات من 10% الى 5%، واقرت قبل عدة اشهر تخفيض تعرفة الكهرباء على القطاع السياحي، وهذا يؤكد وعي الحكومة لأهمية هذا القطاع الحيوي وتأثيره على الناتج المحلي للدولة.

* هل ترى من وجهة نظرك تطورا في آلية التعامل مع منظومة السياحة وتطبيق الاستراتيجيات في آخر عشر سنوات؟

نفاع: نحن بحاجة الى مشروع وطني تنموي نهضوي اقتصادي للدولة الاردنية، وان تكون السياحة احد اعمدة الاقتصاد الاردني، فبعد عقد من الزمان يجب أن يكون لدينا في منطقة المثلث الذهبي ما لا يقل عن 25 فندقا من فئة 5 نجوم و100 فندق فئة 4 نجوم و150 فندقا من فئة 3 نجوم، وليصبح الاردن مقصدا سياحيا دوليا لابد ان نرتقي في البنية التحتية الى العالمية، ولدينا ثروة سياحية ولكن البنية التحتية لم ترتق بعد الى العالمية و نحن بحاجة الى اسواق تجارية عالمية عملاقة، والى وضع قوانين استثمارية جاذبة.

* هل لدينا منتج سياحي جاذب للسياحة؟

نفاع: لغاية اليوم الاردن ليس موجوداً على خارطة السياحة العالمية بالشكل الذي نصبو اليه، نحن نتعامل مع مكاتب سياحة وسفر خارجية وهذه معادلة صعبة، فالمكتب السياحي الخارجي لا يصنع السياحة أو يروج لها بالشكل المطلوب وانما يقوم بترويج وتسويق المنتج السياحي الدارج والمطلوب في بلده ولا يأخذ على عاتقه ان يقرع الابواب لجلب السياحة للأردن وانما هدفه بالدرجه الأولى المنفعة المادية فقط، لذلك عندما يتوقف تدفق السياحة الخارجية نحن بحاجة الى ائتلافات بين مكاتب السياحة الاردنية، وما المانع من مشاركة المكاتب في الخارج واستئج?ر طائرات عارضة ودخول اسواق دول العالم بقوة وان نكون موجودين بالاسوق العالمية.

* هل هناك ثقافة سياحية عالمية نستطيع الاستفادة منها؟

نفاع: ان ثقافة السياحة في العالم، تعني زيارة الاماكن المتميزة على مستوى العالم في كل دولة، فمثلا زيارة الهند تعني زيارة حتميه لتاج محل، وتركيا تعني زيارة آيا صوفيا، وفي الاردن حتماً البترا والمغطس.

ولذلك يجب تقسيم الاردن الى 3 اقاليم سياحية، اقليم الشمال جرش وعجلون وام قيس، واقليم الوسط يتركز في العاصمة التي لا بد ان تصبح عاصمة قاطبة للمؤتمرات الدولية في فصل الصيف، والبحر الميت في فصل الشتاء لاهميتها من سياحة تدر الدخل أولا وتستقطب اثرياء العالم ورجال الاعمال الذين من المحتمل الاستفادة منهم كمستثمرين مستقبلا.

وعليه لا بد من التركيز على عمان والبحر الميت كسياحة مؤتمرات بالدرجة الاولى، وام الرصاص ونيبو ومادبا ومكاور نزولا الى المغطس وأهميتها كمواقع سياحية دينية تستقطب الحج المسيحي كل بداية العام، حيث يأتي السواح المسيحيون بداية كل عام من جميع أنحاء العالم ليحتفي بعيد الغطاس او عيد المعمودية او العماد، فلابد من عمل برامج ترويجية تحفيزية خاصة لتصبح تلك المعالم السياحي مستغلة على مدار العام حج وعمرة مسيحية.

أما اقليم الجنوب فيعتبر كنز الاردن من خلال «المثلث الذهبي» والذي يمثل سياحة الشواطئ وسياحة الصحراء والسياحة النبطية في البترا، ونحن بحاجة الى عمق جغرافي لمدينة العقبة وألا تتوقف السياحة خلف شواطئ العقبة وعملية تشبيك بطرق ابتكارية وإبداعية لتسويق ما نمتلكه من ثروات سياحية.

* كيف تؤثر تجربة السائح الأجنبي في ترويج السياحة للمملكة؟

نفاع: الزائر سفير لتجربته الشخصية ينقلها إلى بلده، اذ يتحدث عمّا لمسه وعلق في ذهنه خلال زيارته، سواء كان ذلك في جانب الاسعار والخدمات أو فيما يخص البنية التحتية وأماكن زيارته وثقافة البلد وشعبه.

وهناك زائر اقتصادي هدفه دراسة البلد بنظرة خاصة به، والسؤال الذي يطرحه من تجربته هل من المجدي ان استثمر في الأردن؟ وهنا دور البلد بتوفير بيئة جذب لذلك المستثمر من خلال تسهيل القوانين والانظمة الخاصة بالاستثمار.

* يقال إن الاردن بلد طارد بسبب أسعار السياحة، هل تتوافق مع هذا؟

نفاع: للأسف لا يوجد اعتناء واهتمام بالسياحة الداخلية، فلماذا لا نستأجر غرفا فندقية للاردنيين مثلما نفعل للسياح الأجانب، مثلا اليوم نحن نستأجر 30 غرفة في فندق 3 نجوم مدة 6 اشهر من أجل السياحة الاجنبية، والسعر حتما سينخفض على سبيل المثال لنحو 30–40 ديناراً، والغرفة فيها شخصان تصبح عندها تكلفة الشخص الواحد نحو 20 دينارا لليلة الواحدة و60 دينارا لثلاث ليال، واذا ما استخدم الحافلة والطائرة ستصل التكلفة لنحو 150 دينارا، اذن يمكننا فعل ذلك مع السياحة الداخلية لتصبح الاسعار بمتناول الجميع.

ونحن اليوم بحاجة إلى عمل مؤسسي في هذا الجانب بحيث يحصل السائح المحلي على عروض مقاربة للعروض التي يحصل عليها الاجنبي.

* من يتحمل مسؤولية جذب الاستثمار إلى هذا القطاع؟

نفاع: عندما نتحدث عن المسؤوليات والمرجعيات علينا أن نعلم ابتداء من هي الجهات المعنية بجذب الاستثمارات لقطاع السياحة، وانا لا استطيع في الحقيقة في الوضع القائم حاليا تحديد من هي الجهة الحقيقية المعنية بشكل مباشر باستقطاب الاستثمارات في قطاع السياحة، خاصة في ظل غياب وزارة الاستثمار.

ولا شك هناك تشتت، في جانب تحديد المسؤوليات في هذا القطاع الذي لا بد أن يعامل على انه أحد ابرز أعمدة الاقتصاد الوطني، وعلينا أن نبدأ برسم خارطة استثمارية وأن نعمل على توسعة البنية التحتية، والاهم من ذلك هو وجود استدامة لهذه البنى، ثم تأتي مهمة ومسؤولية تحديد نوعية الاستثمارات والعمل على جلبها.

* ما هو حجم العمالة المحلية التي يستوعبها قطاع السياحة؟

نفاع: ان قطاع السياحة هو اكبر وأهم قطاع لتشغيل العمالة الوطنية، فالسياحة تستطيع ان تستقطب اكثر من 35% من العمالة الاردنية، وذلك في حال عملنا على ان نصبح دولة سياحية بامتياز، ويمكن للاجور والرواتب أن تصل إلى ضعفين وثلاثة اضعاف معدل الدخل في الاردن، فالسياحة عبارة عن عجلة اقتصادية، والكل يستفيد منها.

* ما هي اهم الاولويات التي علينا البدء بها لتطوير هذا القطاع؟

نفاع: علينا بذل كل ما بوسعنا لاستقطاب الكم الاكبر من المستثمرين، وتوجيههم للاستثمار في قطاع السياحة، لتوسعة رقعة البنية التحتية وحتى نرتقي الى مصاف العالمية على الصعيد السياحي.

وكذلك علينا دعم كافة العاملين في هيئة تنشيط السياحة وفي القطاع الخاص، وان يكون لدينا جسور طيران مع دول العالم، بمعدل 70% للطيران العارض مقابل 30% للطيران منخفض التكاليف.

* ماذا تحب ان توجه في نهاية المقابلة؟

نفاع: اصبحت مقتنعا بعد عقدين ونيف من اهتمامي اليومي وحديثي عن السياحة في الاردن، ان هناك اهتماما رسميا وشعبيا بهذا القطاع، وطموحاً بأن نرتقي بسياحتنا إلى مصاف العالمية، ولكن لا نريد أن نبقي ذلك في طور الامنيات والاحلام، وعلينا أن نتجاوز مرحلة اطلاق الشعارات والبدء فورا باتخاذ القرارات الاقتصادية والسياسية، لبلوغ هذه المرتبة التي نصبو إليها، وعلينا البدء بعمل نقلة نوعية في هذا القطاع بأسرع وقت.

Share and Enjoy !

Shares
Exit mobile version