عمان – “باب محل.. ممنوع الوقوف” عبارة منمقة على لوحات أو بخط اليد على الجدران قد تتحول في مكان آخر الى “موقف خاص” تتراءى أمام العديد من البيوت والمحال التجارية، وقد احتل اصحابها الشارع أو جزءا من الرصيف وكأنهم مالكوه، مع ان ذلك يتنافى مع مفهوم عمومية الرصيف والشارع بحكم القانون.
فتحول مناطق عمان والمدن الرئيسة في المملكة الى العصرنة بأدواتها العديدة ومنها شيوع امتلاك السيارة القى بظلاله على أزمة سير خانقة في مختلف الشوارع الضيقة والواسعة على حد سواء، وهو ما يدفع أصحاب المحال التجارية والمنازل-تجاوزا للمعايير الأخلاقية والقانونية- إلى وضع حواجز أمام محالهم وبيوتهم، كالأقماع البرتقالية أو الكراسي أو غير ذلك للحيلولة دون اصطفاف السيارات، وهناك أيضا من يستغل الأرصفة لزراعة الأشتال أو الأشجار لمنع مرور المشاة من امام المنزل او الدكان، أو لاستخدام هذه الأرصفة كمرآب لسياراتهم، ما يضطر المشاة للسير على الشارع بين السيارات معرضين انفسهم واطفالهم لخطر الدهس.
أبو وديع أب لثلاثة أطفال من سكان جبل اللويبدة واحد من مواطنين عدة عبروا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن امتعاضهم وربما تضررهم من هذه السلوكيات. يقول ابو وديع “أجد صعوبة كبيرة في إيجاد مكان للاصطفاف عند حاجتي للتسوق، فالمحال التجارية من مطاعم ومقاه تضع حواجزَ تحول بيننا وبين الاصطفاف لفترة قصيرة لتناول حاجياتنا من مطعم او دكان”، موضحا الأمر أكثر بالقول “إذا حاولت اقناع صاحب المحل بإزالة العائق فقد يتحول النقاش إلى مشادة كلامية تنتهي بالشجار، لذا أضطر في كثير من الأحيان للاصطفاف بعيداً عن وجهتي المنشودة”.
لكن نضال، العامل بأحد مطاعم المنطقة ذاتها فيبرر وضع الكراسي أمام المطعم لحجز مكان لسيارتين على الأقل للزبائن”، موضحا أن بعض سكان المنطقة يركنون سياراتهم أمام المطعم لساعات طويلة، وهو ما يعيق وصول زبائننا بسبب عدم وجود مكان اصطفاف لسياراتهم”.
وبين هذا وذاك، يحسم مدير الإدارة المشتركة بأمانة عمان الكبرى المهندس محمد الفاعوري المشكلة بالتأكيد أن “قيام أصحاب المحال التجارية على اختلاف نشاطاتها بوضع حواجز أمام محالهم على الرصيف أو الشارع ممنوع”، مشيرا الى ان فرق وكوادر الامانة تصادر هذه الحواجز خلال جولاتها التفتيشية والرقابية وتحرر مخالفة لصاحب المحل وتوجه له انذارا.
لكن للمشكلة جانبا آخر كما تقول هند التي تضطر لإيصال ابنها الى مدرسته الواقعة في نهاية شارع مكان سكناها، “خوفا عليه من حركة الباصات والسيارات الكثيفة أمام المدرسة لا لشيء إلا لأن الرصيف مزروع من أوله إلى آخره بالأشجار، أو بالأحواض الاسمنتية المزروعة والتي تحتل اجزاء كبيرة من الرصيف المخصص للمارة اصلا، وهذا يعني بداهة اضطرارها لمرافقة ولدها بسبب استلاب حق المشاة بالرصيف”، وهو ما دفع “الأمانة” في وقت سابق الى تنفيذ حملة لخلع أشجار الزيتون وغيرها عن الأرصفة، “لأنها تعطل الغاية من إنشاء الرصيف وهي حق المواطن بالسير عليها حفاظا على سلامته”، وفقا للمدير التنفيذي لتراخيص الأبنية بأمانة عمان المهندس مهنا قطان، الذي يشير الى ان “مساحة الأرصفة مقارنة مع عرض الشوارع لا يحتمل اقتطاع اي جزء منه لهذه الأغراض”.
واشار قطان الى أن “تعليمات خاصة انبثقت عن نظام أرصفة مدينة عمان تناولت كيفية إنشائها، وتمنع في الوقت نفسه انشاء أحواض للزراعة، لأنها تصبح غير مؤهلة للوظيفة التي أنشئت من أجلها، وهي حق المارة بالمشي عليها”، مؤكدا انه “إذا ألحق أحد عطلا أو ضررا بالرصيف وخالف الشهادة الممنوحة لإنشائه، فإن الأمانة تطلب منه بموجب نظام تنظيم المدن والقرى إعادة تصويبه، وإذا رفض ذلك، تقوم الأمانة بموجب هذا النظام بإصلاح الضرر أو تصويب العطل، مع تسجيل الكلفة على صاحب العلاقة، وأن الأمانة تعمل حاليا على الحد من هذه السلوكات المخالفة من خلال حملاتها التفتيشية”.
ومع ذلك، يضع أبو أسامة مواسير أمام منزله لمنع جيرانه من الاصطفاف، وعند سؤاله أجاب: “لقد ضقت ذرعا بهذه المشكلة، وتشاجرت مع جاري الذي يملك خمس سيارات له ولأبنائه، ويحجز الشارع بها ولا أجد مكانا أركن فيه سيارتي، فلجأت لوضع المواسير لحل المشكلة”، ويعلق قطان على ذلك بالقول إنه “لا يحق لأي مواطن الاعتداء على الحق العام بالشارع بوضع ما يمنع الآخرين من الاصطفاف وحجز مكان محدد له لأن الأصل بالشارع أنه ملك عام ومن حق الجميع استخدامه وأن الجهة الوحيدة التي تملك حق منع الاصطفاف أو السماح به هي دائرة السير فقط”.
ولفت قطان إلى أن بإمكان أي مواطن تسجيل شكوى لدى “الأمانة” بحسب منطقته، بخصوص الاعتداء على الأرصفة أو الشوارع وبناء عليها تتخذ الإجراءات المناسبة بحق المخالف.
مدير العلاقات العامة والتعاون الدولي بدائرة الإفتاء العام الدكتور حسان أبوعرقوب قال، “من حق الطريق كفُّ الأذى، بكل صوره وأشكاله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إياكم والجلوس على الطرقات، قالوا: ما لنا بُدّ، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: فإذا أبيتم فأعطوا الطريق حقها..”.
وأضاف ابو عرقوب، إن من صور الأذى الملحوظة وغير الجائزة التضييق على المشاة في ممراتهم أو السيارات في عبورها، بوضع الحواجز أو البسطات أو البضائع، أو الزراعة بشكل يخالف النظام المنصوص عليه في تنظيم المدينة أو القرية.
ويقدر عدد السيارات داخل عمان وحدها بحوالي 3ر1 مليون سيارة تقوم ينجم عنها حوالي عشرة ملايين رحلة مرورية يوميا، وفقا لإحصائيات رسمية لأمانة عمان الكبرى لعام 2018.
-(بترا – هبة العسعس وعائشة عناني )