عاش الأردنيون الساعات الأخيرة من اليوم الجمعة بمشاعر عارمة من الفرح أملا بعودة أبنائهم الى مقاعد الدراسة الأحد المقبل ، وطيّ صفحة سوداء سجلت بتاريخ الوطن ، امتدت شهرا كاملا بين طرفي العملية التربوية ، وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين ، وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تهاني الفرح والتبريكات بين الأهالي ، مهنئين أنفسهم والمعلمين والطلبة ، بالانتظام مجددا في الغرف الصفية ، واستمرار العملية التعليمية.
لكن هذه الفرحة تلاشت وتبددت بعد دقائق من انتهاء الإجتماع الذي تم بين النقابة والفريق الوزاري اليوم ، الذي اشرأبت له أعناق كل الأردنيين ، فجاء تصريح الناطق باسم نقابة المعلمين بعدم التوافق مخيبا للآمال ، سيما أن تسريبات نشرت بأنه تم التوصل لتوافق بين الطرفين والإعلان عن قرار مرتقب بوقف الإضراب، والمراقب والمتابع لتصريح الناطق باسم النقابة يخيل له أن ما يدور بين الطرفين حالة حرب بين عدوين شرسين ، أحدهما يحرص على دق عنق الآخر وكسر شوكته.
التصريح الأخير لنقابة المعلمين على لسان ناطقها رفع وتيرة مخاوف الأردنيين مما هو قادم ، لا سيما أن الأسئلة المقلقة لازالت تطرق أذهانهم بشدة، ما مصير أبنائنا ؟؟ وكيف نؤمن مستقبلهم التعليمي ؟ معربين عن مخاوفهم بأن تكرر النقابة كل عام الإضراب وتعطل العملية التعليمية ، مما يضع مصير أبنائهم في المجهول ، معتبرين أن وجود النقابة بهذا الشكل وهذه الممارسات ، أصبح يشكل خطرا محدقا على مستقبل أبنائهم.
في الجهة المقابلة يرى الجميع حكومة عاجزة عن مواجهة الأزمة ، والتعامل معها بمنطق سيادة الدولة ، وهيبة القانون ، إذ أعرب الأهالي عن استيائهم الشديد لعدم اتخاذ الحكومة الإجراءات القانونية الكفيلة بوقف هذه المهزلة، مطالبين في الوقت ذاته الحكومة بالاستقالة فورا في حال استمرت بعجزها عن طي هذا الملف وحل الأزمة.
بالعودة الى الطرف الآخر من الأزمة وهي نقابة المعلمين ، كان الأولى بها تسجيل أهداف في مرمى الحكومة ، من خلال وقف الإضراب واستمرار الحوار ، للحصول على مطالبهم ، فلماذا يا نقابة المعلمين لا تتوقفي عن التعنت وتقفي لحظة تفكر بهذه الفكرة ؟.
الأزمة امتدت شهرا كاملا ، وبات أبناؤنا الطلبة ضحية لعبة تفاوض بين الطرفين ، فغابت مصلحة الوطن العليا ومصلحة الطلبة عن أهدافهم ، وتحولت الغايات من الجلسات مجرد إثبات الأنا من الطرفين.
على نقابة المعلمين أن توقف تعنتها فورا ، وأن تتجه للقيام بواجبها الإنساني مع استمرار الحوار والجلسات للمطالبة بحقهم ، ولا تنسي يا نقابة المعلمين أن رواتب أعضائك تدفع من المواطن الأردني الذي يدفع الضريبة تلو الضريبة ، أملا في الحصول على تعليم أفضل لأولاده ، ولا تنسي أن رسالتك إنسانية في الدرجة الأولى ، ولا تنسي ايضا أن رسالتك في الكرامة وصلت ولكن بدأت تخرج عن مسارها لتتحول الى غضب مقيت من الشارع على النقابة ، فالأردني همه بالدرجة الأولى بعد وطنه أولاده.
نقول لطرفي الأزمة ، وفي الدرجة الأولى نقابة المعلمين ، كفى تلاعبا بمصير الطلبة ، الذين هم أبناؤك ، والرائد ” أي القائد” لا يكذب أهله ولا يضيعهم ، ونقول للحكومة يجب أن يكون الأحد القادم دواما رسميا معتادا للطلبة على مقاعدهم الدراسية ، باستخدام كافة الإجراءات القانونية المخولة لك ، وهذه الإجراءات هي مناطة بك ومن صلاحياتك.الجميع يأمل أن يخرج اجتماع السبت بنتائج تفضي الى وقف الإضراب وعودة أبنائنا لمقاعد الدراسة ، ووضع خطة زمنية للوصول الى تفاهمات بين الطرفين ، وهذه آمال جميع الأردنيين ، فلا تراهني يا نقابة المعلمين على الأصوات التي تؤيد وتشجع على استمرار الأزمة ، فإن غالبية الأردنيين وبيوتهم أصبحت تنظر الى النقابة نظرة تخوف ، فنتمنى أن تنهي سياسة التعنت فهناك طرق بديلة للاحتجاج بعيدة عن الإضراب ، وكما يفكر الأردنيون بمصير أبنائهم فتفكري يا نقابة بمصير أعضائك.الوطن أكبر من الحكومة ومن نقابة المعلمين ، فكفى تلاعبا بمصيره.