أكد خبراء اقتصاديون أهمية التفكير بوضع خطة طوارئ لإنقاذ الاقتصاد الوطني لمرحلة ما بعد ازمة فيروس كورونا، وأن يكون هناك تشدد في تطبيقها لضمان نجاحها.
وقالوا لوكالة الانباء الاردنية (بترا) إن الحديث عن وضع الاقتصاد المحلي في ظل تفشي فيروس كورونا لا ينفصل بأي شكل عن الحديث عن الاقتصاد العالمي الذي يعيش حاليا “واحدة من أسوأ الازمات الاقتصادية في العصر الحديث”.
نائب رئيس الوزراء الاسبق الدكتور جواد العناني، قال “الوضع خطير ونحتاج الى احكام عرفية لمدة سنتين للخروج من ازمة الاقتصاد المحلي ما بعد كورونا، واتخاذ اجراءات جراحية في الشأن الاقتصادي تضمن قيام كل جهة بمسؤوليتها، ويجب ان تعلو مصلحة الوطن على مصلحة الافراد وبتكاتف الجهود سنخرج من هذا النفق المظلم”.
واشار الى ان حجم التأثير سيكون اكثر خطورة كلما طالت ازمة الفيروس، موضحا ان المؤشرات الاقتصادية السلبية ما قبل الازمة ستتفاقم الى حد كبير.
وبين العناني ان موازنة الحكومة ستعاني من عجز كبير اضافي للعجز ما قبل الازمة، والذي فاق المليار دينار، جراء توجه النمط الاستهلاكي للأفراد نحو الحاجات الاساسية والتي تبتعد عن الضرائب الى حد كبير وبالتالي تفاقم مستويات العجز بين 1.5 – 1.8 مليار نهاية العام الحالي.
ودعا الى ضرورة اعداد موازنة جديدة يتم بحثها مع اللجان المختصة في البرلمان وبمشاركة القطاع الخاص، لاعتمادها كخطة طوارئ بديلة وبافتراض معدل نمو يتراوح بين صفر – 1 بالمئة بأفضل الاحوال.
كما دعا الحكومة الى التوجه نحو الاقتراض الخارجي وعدم الاكتراث لارتفاع نسبته من الناتج المحلي، فالمرحلة الان مرحلة اولويات على حد قوله، كما اقترح اعادة جدولة الديون الخارجية والبحث عن مصادر اقتراض أقل تكلفة.
من جانبه قال وزير المالية الاسبق الدكتور محمد ابو حمور، إن الاقتصاد الوطني يعيش ظروفا استثنائية تتطلب حلولا استثنائية، وتضافر الجهود من قبل مؤسسات المجتمع كافة، بما فيها الادوات التحفيزية في الفترة المقبلة من الجانب الحكومي، موضحا انه يقع على عاتق البنوك حمل كبير في دعم معظم القطاعات الاقتصادية سواء أكانت تجارية، صناعية ام خدمية.
وبين ابو حمور أن دور المواطن يشكل الحلقة الرئيسة في أي سيناريو مقترح سواء أكان صحيا أم اقتصاديا، والمطلوب منه الاستجابة لقرارات الحكومة الصحية لمنع انتشار الفيروس ووقوع اصابات جديدة كون الاختلاط وعدم التقيد بالأوامر سيسبب ضغطا على الكادر الصحي ويرتب تكاليف اقتصادية جديدة.
وأكد الخبير المصرفي مفلح عقل، أهمية ضخ سيولة نقدية في السوق، مبينا ان الوضع الاقتصادي ما بعد كورنا يتطلب استدامة الاقتصاد واستمرار المنشآت في عملها بنشاط.
وتوقع عقل أن يحتاج الاقتصاد الأردني، لتجاوز الازمة، ما لا يقل عن مليار دينار، لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل الركن الأكثر أهمية في الاقتصاد الوطني، من خلال تقديم تسهيلات بمعدلات فائدة منخفضة والمساهمة الحكومية في هذه الشركات، وتقديم حوافز ضريبية وتسهيلات بنكية.
واشاد عقل بالدور الكبير الذي اضطلع به البنك المركزي الأردني، مبينا في الوقت نفسه ان هناك اجراءات اضافية على المركزي اتخاذها كتخفيض اسعار الفائدة الاساسية الى 1 بالمئة فما دون، وضخ السيولة الاضافية في السوق النقدي من خلال شراء الاوراق الحكومية.
وأكد أن على القطاع الخاص وفي مقدمته القطاع المصرفي الاستجابة للقرارات الحكومية والخروج من النظرة الكلاسيكية فيما يتعلق بالضمانات لمنح التسهيلات، والتي تستهدف الحصول على الارباح في المرتبة الاولى باقل مخاطر، وتقديم ديمومة وبقاء الاقتصاد على سلم اولوياتها .
نائب رئيس الوزراء الاسبق الدكتور محمد الحلايقة، قال ان الاردن يواجه تحديا كبيرا، مشددا على أن الجهود التي بذلتها الحكومة والقوات المسلحة “جهود جبارة ومقدرة”، وهذا تطلب انفاقا كبيرا يؤثر على الاقتصاد.
واشار الى ان الاجراءات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي ومختلف الجهات بما فيها الضمان الاجتماعي، اجراءات جيدة للتعامل مع الوضع الحالي، داعيا إلى البدء بإعادة الحسابات، بعد انتهاء الازمة، الامر الذي يتطلب من الحكومة تشكيل خلية من الخبراء والقطاع الخاص لوضع خارطة طريق للتفكير في مرحلة “ما بعد كورونا”.
واكد الحلايقة ضرورة إعادة النظر ببنود الموازنة والتوقعات التي تم بناؤها بالفترة الماضية، موضحا ان كثيرا من الامور تغيرت وعلى رأسها انخفاض الايرادات الحكومية وتعطل عجلة الاقتصاد .
من جانبه بين رئيس منتدى الفكر الاقتصادي والديمقراطي الدكتور خلدون نصير، ان على الحكومة الاستمرار بالقرارات الاقتصادية التي تم اتخاذها سابقا ضمن الحزم التي اعلنت عنها.
ودعا البنوك للقيام بتخفيض فوائد القروض وتسهيل شروط منحها، والاستجابة الى السياسة النقدية الحصيفة التي ينتهجها البنك المركزي الاردني في هذه الازمة.
كما اكد ضرورة توجيه دعم مباشر وغير مباشر للقطاع الزراعي والانتاج الحيواني وقطاع الصناعة المحلية وتعزيز فرص الاعتماد على الذات في الصناعات المحلية وتوفير الايرادات.
وقال المحلل الاقتصادي الدكتور معن القطامين، إن الدولة تقف أمام مسؤولياتها وتتعامل مع الأزمة بحرفية واقتدار، داعيا مؤسسات القطاع الخاص وخصوصا البنوك العاملة في المملكة إلى القيام بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه الدولة.
وأوضح أن التعامل مع تداعيات الازمة الحالية يجب ان يسير بالتوازي مع الوضع الصحي، مبينا ان الايرادات الحكومية ستنخفض بشكل كبير في ظل تعطل بعض الاقتصادات الفاعلة في الاقتصاد عن العمل، الامر الذي يتوجب تدخلا سريعا وانتشال الاكثر تضررا من الازمة.
ورأى أن السماح غير المشروط لرخص المهن وتخفيض تكليف الطاقة على القطاعات الفاعلة في الاقتصاد بالإضافة الى منح اعفاءات ضريبية لجميع القطاعات سيسهم في تجاوز تداعيات الازمة من الناحية الاقتصادية.
من جانبها دعت استاذة القانون التجاري في جامعة الزيتونة، الدكتورة صفاء جمال العموش، الحكومة إلى وضع خطة إنقاذ اقتصادية وقانونية شاملة وعاجلة للحد من تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد الوطني بشكل عام والقطاع الخاص (الشركات والمؤسسات الفردية).
كما دعت إلى إنشاء صندوق وطني لدعم المؤسسات المتعثرة، للحد من تأثير ازمة كورونا على الاقتصاد الوطني.
وقالت “كان الاقتصاد الوطني يعاني قبل ازمة كورونا، التي زادت من معاناته حيث توقفت عجلة العمل والانتاج، وتم اغلاق المؤسسات وتوقفت عملية التصدير والاستيراد وعدم توفر التدفق المالي لدفع اجور العمال.
وتتضمن خطة الانقاذ الاقتصادية، وفقا للعموش، حلولا عامة تتبناها الدولة مثل تخفيض الضرائب على القطاع الخاص ومدخلات الانتاج وإعادة النظر بالمدد القانونية التي تنقضي خلال فترة حظر التجوال (اجتماعات مجالس الادارة وانتخابات مجالس ادارة الشركات والآجال القانونية المترتبة على الالتزامات المالية ومنها المقاصات”.
من ناحية اخرى، دعت العموش إلى ضرورة أن تترافق الحلول الحكومية المقترحة مع تشكيل لجان متخصصة من خبراء قانونيين وماليين واقتصاديين لدراسة حالة كل مؤسسة متعثرة، وتقديم الحلول للخروج من تداعيات الازمة، مشددة على ان الحلول المقترحة تهدف إلى توفير السيولة النقدية اللازمة لتسديد الديون والالتزامات المالية المترتبة عليها من جهة ودفع اجور العمال خاصة ان المعادلة الاقتصادية تتكون من دائن ومدين بنفس الوقت.
ولفتت إلى ضرورة ان تكون الحلول العلاجية سريعة لمنع تطور الازمة وإدامة عجلة الانتاج والمحافظة على مواطن العمل التي تعتبر المحرك الاقتصادي الاول، لوقف زيادة أعداد العاطلين عن العمل.