17.1 C
عمّان
الإثنين, 23 ديسمبر 2024, 20:31
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

الإفتاء: إجراء التجارب الاجتماعية بقصد نشرها لجمع المتابعين “غير جائز”

 أكدت دائرة الإفتاء العام اليوم الإثنين، عدم جواز إجراء التجارب الاجتماعية حول سلوك وأخلاق الناس ونشرها وإظهارها للعامة، سواء على منصات التواصل الاجتماعي أو على غيرها من وسائل.

وقالت الدائرة، في منشور لها عبر منصة فيسبوك، “إن الحكم فيه أشد؛ لأنه أبلغ في كشف ستر المسلم من غير حاجة ولا ضرورة، بل ربما كان النشر لأجل المتعة واللهو وجمع أكبر عدد من المتابعين”.

في حين بينت الدائرة، أنه يجوز إجراء هذه التجارب الاجتماعية إن كانت لغايات البحث العلمي لغرض إجراء دراسات اجتماعية متخصصة، على عينات عشوائية؛ لأن هذه الدراسات فيها مصلحة علمية، مع الحرص على ستر المسلمين وعدم هتكه، وعدم تصويرهم أو إحراجهم بتهديدهم أنه قد تم التصوير، أو السخرية ممن أساء التصرف في الاختبار.

وتاليا الفتوى:

الموضوع : حكم إجراء التجارب الاجتماعية حول سلوك وأخلاق الناس

السؤال:
ما حكم إجراء التجارب الاجتماعية حول سلوك وأخلاق الناس على عينات عشوائية؛ بهدف إجراء دراسات اجتماعية متخصصة لغايات البحث العلمي، مثلاً: رمي نقود في الشارع وإعطاؤها لأحد المارة على أنها وقعت منه، وما حكم عرض هذه التجارب للعامة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

التجارب الاجتماعية هي من قبيل الاختبار وتعريض الآخرين لمواقف معينة؛ لمعرفة خفايا صفاتهم وأخلاقهم، ويقصد بها وضع الإنسان تحت ظروف اختبار تم إعدادها وتهيئتها، لكشف ما بطن منه وخفي من حاله، قال الراغب الأصفهاني: “إذا قيل: ابتلى فلان كذا وأبلاه فذلك يتضمن أمرين: أحدهما تعرّف حاله والوقوف على ما يجهل من أمره، والثاني ظهور جودته ورداءته، وربما قصد به الأمران” [مفردات ألفاظ القرآن 1/ 146].

وقال أيضاً: “وتستعمل الفتنة في الاختبار نحو: {وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} [طه: 40]، وجعلت الفتنة كالبلاء في أنهما يستعملان فيما يدفع إليه الإنسان من شدّة ورخاء، وهما في الشّدّة أظهر معنى وأكثر استعمالاً” [مفردات ألفاظ القرآن 1/ 623].

والتجارب بهذه المعاني اشتركت مع تعريف التجسس المنهي عنه والذي هو “التفتيش عن بواطن الأمور” [لسان العرب 6/ 38]، فعلى هذه المعاني يكون فيها شيء من التعرض إلى خصوصية الإنسان مما خفي على الناس بغير وجه حق.

وحكمها من حيث الأصل التحريم، لكن قد يطرأ عليها حكم آخر لاعتبارات أخرى، ومن هذه الاعتبارات، السبب الدافع لمثل هذه التجارب، فلو كان السبب مشروعاً، ويحقق مصلحة أو يدفع مفسدة، جاز اختبار الإنسان على قدر الحاجة، كأن يختبر الرجل خاطب ابنته، بغرض التحقق من كفاءته لها كزوج، أو لأجل اختباره كشريك يمكن الثقة به وعلى قدر تحمل المسؤولية إذا شاركه في مشروع تجاري ما.

ومثل هذه المصلحة ذكرت عند أهل العلم، كمسألة القائف الملحق للنسب عند الاشتباه، ومسألة اختبار الصبي ليعرف حاله في الرشد، قال الإمام النووي رحمه الله: “لا بدَّ من اختبار الصبي ليعرف حاله في الرشد وعدمه، ويختلف بطبقات الناس، فولد التاجر يختبر في البيع والشراء، والمماكسة فيهما، وولد الزارع في أمر الزراعة والإنفاق على القوام بها، والمحترف فيما يتعلق بحرفته، والمرأة في أمر القطن والغزل وحفظ الأقمشة وصون الأطعمة عن الهرة والفأرة وشبهها من مصالح البيت، ولا تكفي المرّة الواحدة في الاختبار، بل لا بدَّ من مرتين فأكثر بحيث يفيد غلبة الظن برشده” [روضة الطالبين وعمدة المفتين 4/ 181]، وأما إن كان لا لحاجة بل لمجرد الفضول أو لكشف ستر المُختَبر فلا يجوز عوداً إلى الأصل.

وعليه؛ يجوز إجراء هذه التجارب الاجتماعية إن كانت لغايات البحث العلمي لغرض إجراء دراسات اجتماعية متخصصة، على عينات عشوائية؛ لأن هذه الدراسات فيها مصلحة علمية، مع الحرص على ستر المسلمين وعدم هتكه، وعدم تصويرهم أو إحراجهم بتهديدهم أنه قد تم التصوير، أو السخرية ممن أساء التصرف في الاختبار، وأما نشر هذه التجارب وإظهارها للعامة، سواء على منصات التواصل الاجتماعي أو على غيرها من وسائل، فالحكم فيه أشد؛ لأنه أبلغ في كشف ستر المسلم من غير حاجة ولا ضرورة، بل ربما كان النشر لأجل المتعة واللهو وجمع أكبر عدد من المتابعين. والله تعالى أعلم.

Share and Enjoy !

Shares