7.1 C
عمّان
الثلاثاء, 26 نوفمبر 2024, 5:19
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

تفسيرات إسرائيلية جديدة لتأجيل اجتياح غزة

 لماذا تَتَأَخّر الحملة البرية، وهل أصلاً ما زالت خياراً؟ سؤال يشغل الأوساط الإسرائيلية، في اليوم الثامن عشر للحرب على غزة، وتتفاوت الإجابات عليه، فيما تطرح تفسيرات جديدة لم تُسمَع من قبل. ونقلت الإذاعة العبرية العامة عن نواب إسرائيليين أعضاء في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (لجنة تراقب وتنتقد الحكومة والجيش في حالات الحرب بشكل خاص) قولهم إنهم سمعوا، خلال اجتماع للجنة، قبل أيام، من مسؤولين عسكريين إسرائيليين يوضّحون أن الجيش ينتظر استكمال حيازة كميات من عتاد وأسلحة متطورة من الخارج، خاصة من الولايات المتحدة. الإذاعة العبرية

 التي لم تطرح السؤال حول عدم كفاية كل هذه الأيام التي انقضت، منذ بدء الحرب على غزة، للحصول على هذه الأسلحة المطلوبة من الخارج، تنقل أيضاً عن النواب المذكورين قولهم إنهم سمعوا عسكريين إسرائيليين يزعمون أن إسرائيل قررت التريث أملاً بالحصول على معلومات إضافية من الأسرى لدى “حماس” خلال التحقيق معهم.

ويلفت هؤلاء إلى أن أسرى “حماس” (نحو 200 جندي) يقدمون تحت التحقيق معلومات استخباراتية مهمة وحيوية للحملة البرية الوشيكة.

لا توجد خطة إسرائيلية

تنقل صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن مصادر أمنية عليا في الولايات المتحدة قولها إن البيت الأبيض قلق لعدم وجود خطة بيد إسرائيل لتحقيق هدفها المعلن بإسقاط وتدمير “حماس”، ولا أهداف واضحة يمكن تحقيقها. ونوهت الصحيفة الأمريكية إلى أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن وَصَفَ لوزير الأمن في حكومة الاحتلال يوآف غالانت، قبل أسبوع، ملامح المعركة القاسية التي أدارها الأميركيون ضد تنظيم “داعش” في الرقة وفي الموصل، في العامين 2016 و 2017، واستعرض المصاعب الجمة التي واجهتهم خلال القتال داخل مناطق سكنية.

 وتضيف “نيويورك تايمز، اليوم الثلاثاء: “من هذه الأحاديث، وغيرها، تكوّنت انطباعات لدى الجانب الأمريكي أن الجيش الإسرائيلي لا يملك خطة واضحة لتدمير حماس”. ونوهت بأن الولايات المتحدة ترى أنه على إسرائيل أن تقرر هل تحقق هدفها من خلال القصف الجوي المنهجي، علاوة على غزوات مركزة تنفذها وحدات كوماندوز، كما فعل الجيش الأمريكي في الموصل، أم من خلال اجتياح بري مع قوات مشاة ودبابات واحتلال كل القطاع، كما فعل الأميركيون والبريطانيون في الفلوجة في العراق عام 2004.

وتشير إلى أن البنتاغون مقتنع بأن الهجمات الجوية مع غزوات كوماندوز أكثر جدوى وأقل خسائر في مثل هذا النوع من المعارك.

وتقول “نيويورك تايمز” إنه، مع ذلك، ورغم الشكوك الأمريكية حيال جهوزية وقدرات الجيش الإسرائيلي على تحقيق الهدف المعلن، تُشدّد الإدارة الأمريكية على أنها لا تدعو إسرائيل للامتناع عن الحملة البرية، ولا تملي عليها كيف تتصرف”.

فترة الانتظار

من جهته، يعود المحلل العسكري الإسرائيلي في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل للتوقف عند هذا السؤال بحثاً عن معلومات وأجوبة جديدة لأسئلة الإسرائيليين اليوم. تحت عنوان ” فترة الانتظار” يقول هارئيل إن إسرائيل تتلكأ في الاجتياح، رغم التهديد والوعي المتكرر يومياً بإبادة “حماس”، لأنها تريد استغلال نافذة للإفراج عن الأسرى والمخطوفين في القطاع.

كما يشير لمخاوفها من اشتعال الجبهة الشمالية بالتزامن مع الحرب على غزة، ما يثقل على إسرائيل عسكرياً ومدنياً، رغم مزاعمها بأنها جاهزة للقتال على عدة جبهات. كذلك يكرر هارئيل الإشارة لوجود شكوك لدى المستوى السياسي حيال الحملة البرية وقدرة الجيش على القيام بها بنجاح.

 ويتابع: “حالياً تتفاقم الأزمة بين المستوى السياسي وبين الجيش، الذي، على ما يبدو، لا يشكل عقبة أمام الاجتياح البري، ونتنياهو، طبقاً لحاشيته، يؤيد الاجتياح، لكن القرار حول موعده لم يتخذ بعد”.

رجّحَ بيري أن الإفراج بالتقسيط عن الأسرى والمخطوفين هو محاولة من “حماس” لاستنزاف إسرائيل، وإعاقة الاجتياح البري، وربما تخفيف وطأة القصف

 يشار إلى أن نتنياهو كان قد اجتمع مرتين، في الأسبوعين الأخيرين، مع الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك، “نبي الغضب” الإسرائيلي المناوب، والذي كرّرَ، في الأسبوعين الأخيرين، ما أكده منذ سنوات بأن الجيش الإسرائيلي غير جاهز لحرب برية، بل عاجز عن حماية الإسرائيليين في حال نشوب حرب مباغتة.

وفي حديث صحفي، اقترح بريك، اليوم الثلاثاء، استمرار القصف الجوي والحصار ومنع الغذاء والدواء والماء للقطاع، بدلاً من الدخول لمنطقة سكنية، لأن الجيش غير جاهز لحرب برية الآن، وطالَبَ بإرجائها.

كما التقى نتنياهو بالقائد الأسبق للجيش الجنرال في الاحتياط  غابي إشكنازي، الذي استبدل دان حالوتس بعد فشله في حرب لبنان الثانية، عام 2006. وقالت أنباء صحفية عبرية إن نتنياهو اجتمع مع إشكنازي لسماع نصائحه، خاصة بما يتعلق بالحملة البرية، دون الكشف عن فحوى ما دار بينهما.

لم أر خطة عملياتية

وفي حديث لإذاعة عبرية، أمس الإثنين، قال آرييه درعي، رئيس حزب “شاس”، عضو المجلس الوزاري الأمني- السياسي المصغّر، إنه لا توجد خطة إسرائيلية لتدمير “حماس”. ونفى درعي وجود توتر بين المستويين السياسي والعسكري، أو بين نتنياهو وغالانت، واعترف أن الهدف المتفق عليه إسرائيلياً بإبادة “حماس” لا تقف خلفه خطة كهذه، ويقومون بتجهيزها الآن خلال الحرب.

 وفي اجتماع لحزبه “شاس”، قال درعي أيضاً: “نحن، منذ أسبوعين ونيف، بعد الهجمة الإرهابية المرعبة التي خبرناها، علينا قول الحقيقة: لم يكن أحد مستعداً لها، ولم نكن جاهزين لكارثة مهولة كهذه. كمية القتلى والمخطوفين. المواجهة قاسية جداً في عدة جبهات”.

واعترفَ درعي بأن “الهدف المتوافق عليه من قبلنا أن لا تبقى حماس بعد اليوم، لا من الناحية السلطوية ولا العسكرية”. وتابع: “لم أر خطة لتدمير حماس، والموجود هو أن الجيش ليس جاهزاً، وأن على المستوى السياسي اتخاذ قرارات”. وتابع درعي: “لا تحسدوا صنّاع القرار. أرافق المجلس الوزاري المصغر منذ عقود، ولم أصطدم يوماً بهذا المقدار من المواجهات والتحديات. أنا سعيد بقيام حكومة طوارئ، وحدة وطنية، وعلينا كلنا الانضمام لها. الشعب الإسرائيلي في البلاد والعالم تحت التهديد”.

لا بدّ من التعاون مع قطر

بعض المراقبين المحليين يشيرون إلى رغبة إسرائيل والولايات المتحدة باستنفاد فرصة إطلاق الأسرى أولاً، وقال يعقوب بيري، رئيس سابق للمخابرات العامة (الشاباك)، في حديث للإذاعة العبرية، اليوم الثلاثاء، إنه يستصعب إسداء نصائح لأي جهة. ورجّحَ أن الإفراج بالتقسيط عن الأسرى والمخطوفين هو محاولة من “حماس” لاستنزاف إسرائيل، وإعاقة الاجتياح البري، وربما تخفيف وطأة القصف.

ورداً على سؤال، تابع بيري: “نستصعب رفض شروط حماس بإطلاق سراح كل الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن الأسرى والمخطوفين الإسرائيليين. قطر دولة إسلامية، وهي رأس الحربة، ورأس الأفعى، فلها علاقات عميقة مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وتملك نفوذاً معها، ولكن لا بدّ من أن تتعاون إسرائيل معها بسبب ذلك، بهدف إطلاق سراح مخطوفينا، فعائلاتهم تواجه الجحيم الآن، مثلما خَبِرَ الجحيم كلُّ الإسرائيليين في السابع من أكتوبر”.

وعلى غرار يتسحاق بريك، دعا بيري أيضاً لمنع المساعدات الإنسانية عن غزة قبل الإفراج عن كل الأسرى الإسرائيليين.

وفي نظرة لكل ما حصل ويحصل، اعتبرَ بيري أن الحديث يدور عن  فشل استخباراتي وعسكري وتكنولوجي إسرائيلي. وأضاف: “ليس سهلاً أن أفهم لماذا لم تستوعب مخابراتنا الإشارات والإنذارات. وهناك فشل بعدم وجود قوات على الحدود. هناك فشل ذريع في كل المستويات، بما في ذلك المستوى السياسي. كافّتهم مسؤولون عن هذه الفضيحة. علينا مواصلة محاصرة القطاع بالكامل ما دام بقي مخطوفونا هناك”.

وكشف موقع “واينت” العبري أن أعضاء لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، من الائتلاف والمعارضة على حد سواء، وجّهوا، في اجتماع قبل أيام، انتقادات للجيش لأنه يقوم أحياناً بإنذار سكان بعض العمارات بالرحيل قبيل قصفه”.

وكشف الناطق بلسان جيش الاحتلال، ليلة أمس، أن عدد الأسرى الإسرائيليين داخل القطاع يبلغ 222 شخصاً، منهم عدد غير قليل من حملة الجوازات الأجنبية. وفي هذا الشأن دعت صحيفة “هآرتس”، في افتتاحيتها اليوم، للإفراج عن الأسرى والمخطوفين في غزة أولاً، دون تمييز بين من يحمل الجنسية الإسرائيلية والأجنبية.

في التزامن، يتواصل الحجيج الغربي لإسرائيل، وقد وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم، للبلاد، بعد عدد من القادة الغربيين ممن تطابقوا بالكامل مع المواقف والرواية الصهيونية، والتقى مع عائلات الأسرى الإسرائيليين. ومن المتوقع أن يعرب ماكرون، كسائر الرؤساء الغربيين، عن قلقه من اتساع دائرة الحرب، والمساس بمصالح بلادهم في المنطقة. ومن المتوقع أن يلتقي ماكرون، اليوم، مع رئيس إسرائيل ورئيس حكومتها ورئيس المعارضة فيها، قبل الانتقال لرام الله ولقاء الرئيس عباس.

 وقبيل وصول ماكرون بقليل بادرت شرطة الاحتلال لإزالة إعلانات شوارع ضخمة في مداخل القدس المحتلة تدعو للانتقام من غزة.

Share and Enjoy !

Shares