تقدم ثلاثون نائبا بمذكرة لطرح الثقة بالحكومة. حدث هذا التطور على إثر نقاش ساخن تحت قبة البرلمان حول اتفاقية الغاز دفع بعدد غير قليل من النواب إلى الانسحاب من الجلسة.
المذكرة جاءت في أجواء انفعالية بعدما كشف رئيس المجلس أن ما يقال عن وجود مذكرة سابقة بهذا الخصوص ليس دقيقا ولم تتسلمها رئاسة المجلس.
بهذا المعنى، المذكرة مناورة سياسية هدفها الضغط على الحكومة، وكسب الدعم الشعبي قبيل الانتخابات النيابية. وفي خزائن المجلس عدد وفير من مذكرات مشابهة لم يعد يسأل عنها احد حتى الموقعين عليها.
من الناحية التشريعية تعطي أنظمة المجلس لرئيسه هامشا واسعا للتعامل مع مذكرة طرح الثقة، وثمة آليات متعددة لمعالجتها سواء عند تحويلها للجنة القانونية لدراستها ومن ثم إعادتها للرئاسة من جديد، وصولا إلى تجاهلها بشكل كامل كما حصل من قبل.
رئيس المجلس عاطف الطراونة، حرص خلال السجال مع نواب المعارضة على تذكيرهم بأن مجلسهم يمر في ربع الساعة الأخير من عمره، ولا مبرر للدخول في مواجهة مصيرية على أبواب انتخابات نيابية مقبلة.
في عرف المعارضات البرلمانية، تعد خطوة النواب الموقعين على المذكرة، سلوكا مفهوما، لتسجيل موقف عند القواعد الانتخابية، دون أي أوهام حيال قدرتها كمعارضة على إسقاط الحكومة. لا بل إن رأيا نيابيا وازنا ذهب إلى القول إن طرح الثقة بالحكومة في هذا التوقيت، سيمنحها دعما برلمانيا يجدد الثقة بها مرة ثانية. وقد سبق للمجلس الحالي أن خاض امتحانا مشابها، وخرجت الحكومة السابقة منه رابحة.
العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب لم تصل إلى مرحلة انسداد الأفق، فالتعاون على مستويات كثيرة ما يزال فعالا، وآليات الرقابة البرلمانية تشتغل بشكل معقول مقارنة مع مراحل سابقة. وكان لتعاون المجلس والحكومة في معالجة مخالفات تقارير ديوان المحاسبة أثر إيجابي ملموس، وكذلك في التعامل مع ملفات تدور حولها شبهات فساد، ناهيك عن تنامي تأثير دور النواب في التشريعات المعروضة على طاولته، وفعالية لجانه في مراقبة أداء الوزراء.
نواب المعارضة، وعلى وجه التحديد كتلة الاصلاح يلعبون دورا مهما في مجال التشريع، وهم أكثر النواب مشاركة في المداخلات تحت القبة، وعادة ما ينجحون في كسب الدعم لتعديل بعض التشريعات وفق مقترحاتهم.
الذهاب أبعد من ذلك في الموقف من الحكومة، ينطوي على تصعيد محفوف بمخاطر شتى. إسقاط الحكومة في هذا التوقيت، قد يعني رحيل المجلس مبكرا، واللجوء لخيار الانتخابات المبكرة، بينما لا يفصلنا عن الموعد الدستوري سوى بضعة أشهر قليلة.
وفي الدول الديمقراطية، عندما تصل العلاقة بين السلطتين لمرحلة الأزمة المستحكمة كما حدث في بريطانيا مؤخرا، تتجه الدولة نحو الانتخابات المبكرة، فيرحل المجلس النيابي قبل الحكومة.
المرجح أن مذكرة طرح الثقة بحكومة الرزاز لن يكتب لها أن تبلغ مرحلة التصويت الحاسم تحت القبة، وستجد مكانا لها في دهاليز المجلس وخزائنه كما هو حال مذكرات سابقة.
ثم من قال ان إسقاط الحكومة، سيسقط اتفاقية الغاز الاسرئيلي؟!