32.1 C
عمّان
الجمعة, 5 يوليو 2024, 12:20
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

مقتل قاسم سليماني وعقدة تصدير الثورة!!

عوض الصقر

قامت ثورة الخميني في عام 1979 على أنقاض نظام شاه ايران السني، وتبنت، منذ البداية، مبدأ تصدير الثورة، أي بعبارة أخرى تصدير المذهب الشيعي الذي تحكمه عقيدة الولي الفقيه الى دول المنطقة، بالتزامن مع بزوغ نجم صدام حسين، ذي العقيدة القومية العروبية الراسخة.
واضح أن هذا المشروع الايراني يتقاطع بقوة مع المشروع الأمريكي في المنطقة فلكل طرف أجندته وأطماعه التوسعية للاستحواذ على الثروات الطبيعية التي تزخر بها المنطقة العربية ذات الموقع الاستراتيجي البالغ الأهمية.
وقد تعاطفت الشعوب العربية مع ثورة الخميني منذ بدايتها الأولى، ولكن ومع تطور الأحداث، اندلعت الحرب بين العراق وايران في العام 1982 واستمرت ثماني سنوات أكلت خلالها الأخضر واليابس وحصدت أرواح مئات الالاف من الطرفين، ومع انكشاف ايران على حقيقتها في معاداة كل ما يمت الى العرب بصلة تحولت غالبية الشعوب العربية الى حالة من الكراهية والعداء لايران والفرس.
لكن وبعد أن ارتكب العراق خطأه التاريخي الفادح عندما اجتاح الكويت، وجدت إيران فرصتها الذهبية خاصة بعد أن ضعفت سلطة صدام حسين نتيجة الحصار الدولي واستغلت سلطة الملالي في طهران هذه الوضع لتحقيق أحلامها التوسعية وكان الجنرال قاسم سليماني، أو كما سمي بوزير المستعمرات الإيراني، عراب هذا التوسع الشيطاني حيث كان يتبجح علانية بأنه يسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
لقد ترجم سليماني مبدأ تصدير الثورة حقيقة ملموسة على أرض الواقع وقد جاء دعمه اللامحدود للحوثيين في اليمن في هذا الإطار.
ووفقا للتقارير الصحفية فقد وصل سليماني إلى بغداد قادماً من سوريا ولبنان لتنفيذ انقلاب عسكري تنفذه قوات الحشد الشعبي في العراق بعد حالة الفوضى والمظاهرات التي عمت أنحاء البلاد وكانت النية تتجه الى إعلان  حالة الطوارىء والأحكام العرفية بدعوى الإمساك بزمام الأمور بعد استقالة حكومة عادل عبدالمهدي وتعذر اختيار حكومة جديدة.
وكان رئيس الجمهورية برهم صالح قد لوح بالاستقالة بعد الضغوط التي مارسها عليه الجنرال سليماني لتسمية رئيس وزراء من كتلة البناء الموالية لايران وهو ما يرفضه المحتجون العراقيون جملة وتفصيلا.
واستغل الأمريكان حادثة اقتحام قوات الحشد الشعبي للسفارة الأمريكية في بغداد بإشراف ومتابعة مباشرة من سليماني وهو ما اعتبره الأمريكان تجاوز لجميع الخطوط الحمراء، فقررو تصفيته.
فهل أفشل مقتل سليماني مشروع التوسع الإيراني في المنطقة؟
قبل الرد على هذا السؤال يجب الإشارة الى أن تمثيلية إطلاق الصواريخ الإيرانية على قواعد عسكرية أمريكية في الأنبار وأربيل تتواجد فيها قوات أمريكية للرد على مقتل سليماني، حيث ادعت ايران بأنها قتلت أكثر من (80) جنديا أمريكيا ليتبين أنها لم تقتل أي شخص بحسب تأكيدات الصحافة العالمية، ولم ترد ايران على هذه التأكيدات نهائيا، بمعنى أنها مجرد خزعبلات موجهة للاستهلاك الايراني المحلي.
لقد قدم ترمب هدية سياسية ثمينة لنظام الملالي في ايران باغتيال قاسم سليماني الذي يبدو انه تمرد على أسياده في طهران خاصة عندما أعلن، متباهيا، أن بلاده تسيطر على أربع عواصم عربية على عكس توجه الملالي الذين يكرسون عقيدة التقية والمداهنة بعيدا عن الأضواء الاعلامية.
أعتقد أن نظام الملالي في طهران سيواصل سياسة تصدير الثورة وتثبيت وجودهم في الدول العربية التي يسيطرون عليها والتأكيد على أن خليفة الجنرال سليماني، إسماعيل قآآني، سيكون أكثر دهاء وأكثر دبلوماسية وأكثر تكتما في تصريحاته الصحفية خشية من تأليب الرأي العام ووسائل الإعلام العالمية ضده تماما كما حصل لقاسم سليماني، والله أعلم.

Share and Enjoy !

Shares