العلم كرمز يعبر عن الوطنية والانتماء، وهو الذي يستظل بظله اسم الوطن، ولعل من أجمل القصائد التي قيلت في العلم الأردني، قصيدة الشاعر عبد المنعم الرفاعي (1917 – 1985). رددتها حناجر طلبة المدارس لعقود، وكان يفتتح بها اليوم الدراسي أثناء الطابور الصباح التي تبدأ بـ: خافـــقٌ في المعالــي والمنى عربيّ الظـلال والسَّنــا … وتزامنا مع الاحتفالات بمئوية الاردن الثانية، تتجدد حكايات الوطن ومنجزاته وتتجدد معها معاني النشيد الذي تعلق به الاردنيون كبارا وصغارا شيبا وشبانا رجالا ونساءً، ليواصل العَلَم شموخه سامقا بأمجاد الاجداد والاباء المؤسسين التي تعانق الفَخار بتاريخ ناصع أبلج، وتنسج من مآقي الاعين الشاخصة لسمو العَلَم، حاضر ومستقبل وطن وشعب، عصياً على النائبات مهما بلغت المدى. العَلم الاردني الذي يحتفل الاردنيون اليوم بـ”يومه” الاغر، وترتقي ارواحهم عناقاً لفداه، يُعتبر رمزا مبجلا لشرف الوطن وسؤدده وجلاله وكرامته واستقلاله وعزة أبنائه، ويتشح بسناء الوان استمدت دلالاتها وحضورها وتواصلها من أصالة التاريخ المضمخ بالعراقة والرفعة؛ العلم الاردني يستقر في أفئدة الاردنيين جميعا قيادة وشعبا وحكومة وأجهزة عسكرية ومدنية، فهو رمز البلاد والصورة الوطنية التي تشكل محطة اعتزاز وطني يشار لها بالبنان على سبيل رفعة الوطن وإنجازاته. يوم العلم الأردني معان تجسد التضحية والفداء، وهو ذاكرة وطن وسيرة أبطاله العطرة، وهو رمز من الرموز الوطنية الحاضرة في كل المناسبات والاحتفالات الرسمية والوطنية والشعبية، وخفاقا في المعارك والحروب وفي قوات حفظ السلام، وهو الكفن الذي يتغطى به شهداء الوطن على مر الزمان، وهو الفرح الذي يرفرف في سماء الاردن، والذي تداعبه رياح الاخلاص والفداء والوطنية والانتماء لقائد هذا الوطن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه وحفظ علمنا الاردني من السقوط. المعاني التي يجسدها العلم في نفوس الأردنيين، مجرد رؤية العلم يرفرف عالياً، يشعر الفرد بأن وطنه بخير، فالعلم يشير إلى الدولة في جميع المحافل الدولية، فهو الأيقونة الثابتة التي يفخر بها المواطن عندما يشاهد علم وطنه عالياً يرفرف مجداً وشموخاً. نعم، نحن نؤكد لكم بأنه في نسيج العلم فقط يجتمع عمق التاريخ وتتجلى دلالة الهوية الأردنية، لكون العلم الجامع لجميع المكونات والفئات والجهات والمناطق والأديان والطبقات الاجتماعية والذي يتفيأ به الجميع ظلال الوطن كونه يمثل رمز لقيم الدولة والقيادة الهاشمية المتمثلة بالوسطية وبالاعتدال وبالاعتزاز بالتراث العربي والإسلامي المنفتح على العالم أجمع. ويعلم الأردنيون أن العلم الأردني تم اعتماده رسمياً في 16 نيسان 1928 وهو مستوحى بفخر شديد من علم “الثورة العربية الكبرى” الذي رفرف ذات يوم عام 1916 بإعتباره يمثل رمزية الثورة على الظلم والتوق للحرية. تأتي المناسبة هذا العام لتؤكد للجميع مدى قيم الاعتزاز برمزية هذا العلم الذي يجسد معنى بأن يرتفع العلم بشموخ على سارية المجد وبيوت العز والكرم في أردن الحضارة والتاريخ والإباء وتحت ظل القيادة الهاشمية المظفرة.. يتحول العلم إلى رمز للوحدة والحرية والكرامة عندما ينظر إلى العلم بوصفه جزءا لا يتجزأ من عملية بناء الأمة، ويشير إلى ذلك الشعور المتنامي بالوطنية بين الناس، ويكثف إحساسهم بجملة من الرموز والعلامات والألوان ويمنحها معان ودلالات متراكمة مع الأيام، ليحفظ ذاكرتهم الوطنية حيث يسجل الأردنيون وقائع لا تمحى كان العلم خفاقا مع انعقاد المؤتمر الوطني الأردني الأول في 25 تموز عام 1928، وشارك فيه أكثر من مئة وخمسين شخصية من رموز الوطن، أكدت على اعتبار الشعب مصدر السلطات والمحافظة على مصالح الأمة. هذا العلم نفسه هو الذي رفعه الأردنيون مع إعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في 25 أيار عام 1946، الذي كرس سيادتهم على الأرض، وانتهاء الانتداب البريطاني الذي دام نحو خمسة وعشرين عاما ومبايعة المغفور له بإذن الله عبد الله بن الحسين ملكا على البلاد، ويكتب يوما تاريخيا في صفحة الأردن في موعد مع التحديث والتطوير والكرامة. وفيما يتعلق بتاريخ العلم الأردني وتطوره ما هو التسلسل التاريخي للعلم الأردني منذ الدولة العثمانية وحتى الآن، يعود أصول العلم الأردني إلى إعلان مملكة الحجاز (1916 – 1925)، إذ اتخذت عند استقلالها علمًا رسميًا للدلالة على طموحاتها، وقد مرت شعارات العلم بثلاث مراحل؛ فخلال الفترة (1916 – 1921) اتخذ الحسين بن علي الراية الحمراء الداكنة (العنابي)، لون راية أمراء الحجاز وأشرافه، ولون الراية التي رفعها الشريف حسين في 10 حزيران 1916. إلا أنّه عدل عنها بناءً على اقتراح بعض الأوساط العربية. في سنة 1916 اتخذ الشريف حسين علما ذا ألوان ثلاثة، الأبيض والأخضر والأسود، مع مثلث أحمر يتصل بأطراف الألوان الثلاثة، وكان لهذه الألوان دلالات تاريخية؛ فاللون الأبيض هو شعار الأمويين، والأسود يرمز إلى راية العقاب الخاصة بالنبي محمد ﷺ، والتي كانت تتصدر حملاته العسكرية، كما يرمز إلى الدولة العباسية التي اتخذت منه راية لها، وأمّا الأخضر فهو شعار الفاطميين وآل البيت عموما، بينما يرمز اللون الأحمر إلى راية الأشراف التي اتخذوها منذ عهد الشريف أبو نمي(1512 – 1566) في عهد السلطان سليم الأول (1512 – 1520). بعد دخول الأمير فيصل دمشق تم اعتماد علم الثورة العربية خلال الفترة (30 أيلول 1918 – 8 آذار 1920). وعندما أعلن المؤتمر السوري استقلال سوريا بحدوها الطبيعية بتاريخ 8 آذار 1920، أصبح فيصل ملكا لسوريا، وتقرر أن يكون علم الدولة العربية الجديدة هو علم الثورة العربية، مضافا إليه نجمة واحدة بيضاء في المثلث الأحمر، باعتبار أنّ الدولة السورية هي أول دولة من دول الوحدة العربية المنشودة بعد الحجاز. وبقي هذا العلم حتى خروج فيصل من دمشق بعد معركة ميسلون (24 تموز 1920). في اجتماع أم قيس (2 أيلول 1920) بين زعماء عجلون والضابط السياسي البريطاني سمرست، كان من ضمن مطالب الأهالي الست عشرة أن يكون شعار الحكومة العلم السوري ذا النجمة، فظهرت بذلك فكرة النجمة على العلم الأردني في ذلك الوقت. عندما قدم الأمير عبد الله إلى شرقي الأردن 1920- 1921، اعتبر نفسه نائبا عن أخيه فيصل ملك سوريا ونائبا عن أبيه، ولذلك رفع العلم السوري باعتبار أنّ شرقي الأردن جزء من سوريا الطبيعية. في الفترة بين 1921 – 1928 استمر العلم على هيئته مع تغيير ترتيب الالوان ليكون الأبيض في الوسط بعد أن كان في الأسفل لتسهل رؤيته من بعيد، وهو ذات العلم لمملكة العراق سنة 1921، وعلم فلسطين حتى اليوم. في 16 نيسان 1928 أضيفت النجمة إلى العلم الأردني الحالي. وقد تضمن القانون الأساسي لسنة 1928 وصفا للراية الأردنية من حيث الألوان والمقاسات والأقسام، فقد جاء في المادة الثالثة منه ما يلي :” تكون راية شرقي الأردن على الشكل والمقاييس التالية: طولها ضعف عرضها، وتقسم أفقيا إلى ثلاث قطع متساوية متوازية، العليا منها سوداء والوسطى بيضاء والسفلى خضراء، يوضع عليها مثلث أحمر قائم من ناحية السارية، قاعدته مساوية لعرض الراية، والارتفاع مساو لنصف طولها. وفي هذا المثلث كوكب أبيض مسبع حجمه مما يمكن أن تستوعبه دائرة قطرها واحد من أربعة عشر من طول الراية، وهو موضوع بحيث يكون وسطه نقطة تقاطع الخطوط بين زوايا المثلث، وبحيث يكون المحور المار من أحد الرؤوس موازيا لقاعدة المثلث. أما الرؤوس السبعة للكواكب فترمز إلى الآيات السبع التي تتألف منها سورة الفاتحة”. وتكرر ذات الوصف في المادة الرابعة من دستور سنة 1947 ودستور 1952. بعد إعلان الاتحاد العربي بين الأردن والعراق في 14 شباط 1958، اعتمد علم جديد للاتحاد، وهو في تصميمه مطابق لعلم الأردن الحالي بالألوان وحتى بالشكل ولكن دون النجمة السباعية، وقد وردت مواصفاته في المادة السابعة من دستور الاتحاد العربي، بأن يكون «طوله ضعفا عرضه ومقسم أفقياً إلى ثلاثة ألوان متساوية ومتوازية أعلاها الأسود فالأبيض فالأخضر، يوضع عليها من ناحية السارية مثلث أحمر متساوي الأضلاع تكون قاعدته مساوية لعرض العلم». وترك لكلا الدولتين الاحتفاظ بعلمها الخاص. ولكن اعتماد هذا العلم لم يدم إلا لفترة وجيزة بعد قيام انقلاب/ثورة 14 تموز 1958 في العراق، وإعلان النظام الجمهوري. دلالة الألوان والنجمة السباعية في تصميم العلم الأردني الحالي، اللون الأسود: راية العقاب، وهي راية الرسول محمد-صلى الله عليه وسلم. وقد اتخذه العباسيون شعارًا لهم. اللون الأبيض: راية الدولة الأموية. اللون الأخضر: راية الدولة الفاطمية، وشعار آل البيت. اللون الأحمر: راية الهاشميين منذ عهد جدهم الشريف أبي نُمّي. في حين يمثل المثلثُ الأحمر الذي يجمع أجزاءَ العلَم الأسرةَ الهاشمية. وترمز النجمةُ السباعيةُ في منتصف المثلث الأحمر إلى السبع المثاني في فاتحة القرآن الكريم. العلم كرمز وطني جامع كيف يجسد العلم وحدة الأردنيين قيادة وشعباً ومؤسسات، وينظر إلى العلم بوصفه جزءا لا يتجزأ من عملية بناء الأمة، ويشير إلى ذلك الشعور المتنامي بالوطنية بين الناس، ويكثف إحساسهم بجملة من الرموز والعلامات والألوان ويمنحها معان ودلالات متراكمة مع الأيام، ليحفظ ذاكرتهم الوطنية حيث يسجل الأردنيون وقائع لا تمحى كان العلم خفاقا مع انعقاد المؤتمر الوطني الأردني الأول في 25 تموز عام 1928، وشارك فيه أكثر من مئة وخمسين شخصية من رموز الوطن، أكدت على اعتبار الشعب مصدر السلطات والمحافظة على مصالح الأمة. ومكانة العلم في الاحتفالات الوطنية والمناسبات الرسمية، يعد يوم العلم الأردني من الأيام المهمة في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية، حيث يُحتفل به في 16 نيسان من كل عام، ويشكل فرصة لتجديد الولاء والانتماء للأرض والوطن، ويُعتبر علامة بارزة على الفخر الوطني للشعب الأردني. وكل هذا يشير إلى أهمية يوم العلم الأردني، والى تفسير رمزية العلم، وكيفية الاحتفال به بالمناسبات الوطنية والرسمية وحتى الشعبية. العلم والهوية الوطنية كيف يساهم العلم في ترسيخ الانتماء الوطني خصوصاً بين الأجيال الشابة، يوم العلم يشعر الشباب بالفخر والولاء والانتماء وتجعلهم يشعرون بالانتماء لوطنهم وفخورين بإنجازات وطنهم، ولعل تحمل وزارة التربية والتعليم والجامعات والمؤسسات التعليمية والنوادي الشبابية العبء أو تأدية الواجب الأكبر في سياق احتفالات الأردن الرسمي والشعبي بيوم العلم لدليل على أهمية ترسيخ هذا المفهوم لدى الشباب على مختلف الأعمار. الدور الذي يلعبه العلم في تعزيز مشاعر الفخر والاعتزاز بالوطن. ننظر اليوم الى علمنا الذي خضبت حمرته دماء الشهداء وروت خضرته قطرات الندى ممزوجة بعرق فلاحيه، وعتقت سواده علامات الجد على محيا أبناء الأردن وإخلاصهم لماضيه ومستقبله، وأظهر بياضه قلوب محبة نقية تحلم بوطن حر وتموت من أجله. العلم في وجدان الأردنيين في الداخل والخارج كيف يربط العلم الأردني بين المواطن ووطنه في الغربة؟ لا يستغرب هنا إذا قلنا، أن معظم الأردنيين المغتربين يحتفظون في بيوتهم الخاصة وهم في بلاد الغربة بنسخة أو أكثر من العلم الأردني، قماشاً أو ورقياً أو على شكل مدالية، وهي أجمل هدية يمكن أن يرسلها الأهل الى أبنائهم في الغربة، فالعلم، إضافة الى الكوفية الحمراء المهدبة، من أكثر ما يمثل من رابط قوي بين المواطن ووطنه في الغربة. العلم كرمز سيادي في الدستور والقانون ما هي المكانة القانونية التي يحتلها العلم الأردني في الدستور؟ يكفي هنا أن نتحدث عن إلزامية وضع سارية علم أمام كل مبنى أو منزل يرخص جديداً والذي يعتبر الأردن سباقاً في هذا التشريع العصري المتطور جداً، إذ وفق النظامان المعدلان للأبنية وتنظيم المدن والقُرى لسنة 2025م، والأبنية والتَّنظيم في مدينة عمَّان لسنة 2025م، فإنه ينص على وجوب تهيئة المباني المرخَّصة الجديدة لوضع سارية علم أمام كل منزل أو مبنى. وهذا الأمر في طور التطبيق حالياً ويعطي صورة واضحة كم يشكل العلم من رمز سيادي في الدستور والقانون والنظام. وهل هناك نصوص قانونية تحدد شكل العلم وألوانه ومقاييسه بدقة؟ تم وصف العلم في الدستور الأردني، في المادة الرابعة عام 1952م. كالتالي: تكون الراية الأردنية على الشكل والمقاييس التالية: طولها ضعف عرضها وتقسم أفقياً إلى ثلاث قطع متساوية متوازية، العليا منها سوداء والوسطى بيضاء والسفلى خضراء، ويوضع عليها من ناحية السارية مثلث قائم أحمر قاعدته مساوية لعرض الراية وارتفاعه مساو لنصف طولها وفي هذا المثلث كوكب أبيض سباعي الأشعة مساحته مما يمكن أن تستوعبه دائرة قطرها واحد من أربعة عشر من طول الراية وهو موضوع بحيث يكون وسطه عند نقطة تقاطع الخطوط بين زوايا المثلث وبحيث يكون المحور المار من أحد الرؤوس موازياً لقاعدة هذا المثلث. أما الحماية القانونية للعلم ما العقوبات القانونية المترتبة على إهانة أو الإساءة للعلم الأردني. فرض القانون الأردني عقوبات صارمة على المخالفات المتعلقة باستخدام العلم الأردني أو الأعلام الأجنبية، وبحسب القانون فإنه يُعاقب كل من رفع أو استعمل الأعلام الأجنبية دون إذن رسمي مسبق من الحاكم الإداري بالحبس من 3 إلى 6 أشهر أو غرامة تصل إلى 1000 دينار. كما يمنع استخدام العلم الأردني لأغراض تجارية أو دعائية، أو رفعه بحالة بالية أو غير لائقة، وكذلك تحظر رفع أعلام المؤسسات الخاصة دون أن يرافقها العلم الأردني بحيث يعلو عليها، مع فرض غرامات مالية تتراوح بين 50 و250 ديناراً للمخالفين، بحسب المادة (11). ويقتصر رفع الأعلام الأجنبية وفق المادة (10) على مباني السفارات والقنصليات والمنظمات الدولية، مع السماح برفعها خارج هذه المباني فقط في المناسبات الرسمية، شريطة أن يرفع العلم الأردني بجانبها بمقاييس متناسبة. شددت المادة (8) على ضرورة الالتزام بالمواصفات الرسمية للعلم الأردني، وضمان عدم رفع أي علم أعلى منه في المكان نفسه “أن لايعلو عليه أيّ علم في المكان الواحد”، مع منحه مكان الشرف عند رفعه مع أعلام دولية أو أعلام المؤسسات الخاصة. هل تُصنّف إهانة العلم كجريمة تمس هيبة الدولة؟ نعم، بدليل أنه فرض بموجب القانون الأردني عقوبات صارمة على المخالفات المتعلقة بإستخدام العلم الأردني ، إذ نصت المادة (12) قانون الأعلام الاردنية لسنة 2004 على الحبس من 6 أشهر إلى سنتين وغرامة مالية تتراوح بين 1000 و3000 دينار لكل من يسيء عمداً إلى العلم الأردني بالتمزيق أو الإهانة أو بأي وسيلة تهدف إلى الإساءة.