الأحد, 23 نوفمبر 2025, 13:49
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

التصميم التجاري لمطاعم الوجبات السريعة .. هل الهوية البصرية محمية؟

– كتب المحامي اسامة البيطار – يشهد السوق الأردني في السنوات الأخيرة دخول علامات تجارية جديدة في قطاع الوجبات السريعة، بعضها محلي وبعضها وافد من أسواق عربية مجاورة وقد خلق هذا الحضور المتزايد نقاشًا عامًا حول درجة التشابه بين بعض هذه العلامات وبين مدارس التصميم العالمية في هذا القطاع. وغالبًا ما يستند هذا النقاش إلى انطباعات بصرية سريعة تعتمد على الألوان، شكل الواجهة، طريقة عرض الوجبات، أو نمط تغليف الطعام.

غير أنّ القانون — بخلاف الرأي الشعبي — لا يُبنى على الانطباعات، بل على معايير دقيقة تتعلق بالعلامة التجارية، والتصميم التجاري (Trade Dress)، واحتمال اللبس لدى المستهلك.

أولًا: مفهوم التصميم التجاري (Trade Dress) وأثره في حماية العلامة

في القانون المقارن، يُعرّف التصميم التجاري بأنه المظهر الخارجي المتكامل للنشاط التجاري؛ الواجهة، الألوان، شكل التغليف، طريقة عرض المنتجات، طراز التصميم الداخلي، بل وحتى التجربة التي يتلقاها المستهلك عند دخوله المكان.

ويستحق هذا المظهر الحماية القانونية عند تحقق شرطين أساسيين:

1. التميّز: أن يكون التصميم قابلًا للتعرّف على مصدره.

2. احتمال اللبس: أن يؤدي تقليده إلى اعتقاد المستهلك أن الخدمة صادرة عن الجهة الأصلية.

ثانيًا: معيار احتمال اللبس (Likelihood of Confusion)

طوّر القضاء الأميركي والأوروبي مجموعة اختبارات دقيقة لتقييم احتمال اللبس، تشمل:

أ- درجة التشابه بين العلامتين،

ب- فئة المستهلكين وطبيعة عنايتهم،

ج- مدى شهرة العلامة الأولى،

تشابه المنتجات،

د- وجود نية للإيهام إن وُجدت.

ومع ذلك تبقى القاعدة الحاكمة ان استخدام ألوان شائعة أو أسلوب تصميم معروف لا يكفي لإثبات التعدّي، ما لم يصل الأمر إلى درجة الإيهام الفعلي بمصدر واحد.

ثالثًا: الإطار القانوني الأردني

يتبنى القانون الأردني رؤية محافظة لكنها واضحة، فالحماية تُمنح للعلامات المميزة، ويحظر تسجيل أو استخدام أي علامة تسبب غشًا أو لبسًا لدى الجمهور. ومع ذلك فإن التشابه البصري العام لا يرتقي بمفرده إلى مرتبة المخالفة القانونية.

فالقضاء الأردني لا يعاقب “التقارب الجمالي” ولا “المدرسة التصميمية المشتركة”، بل ينظر إلى ثلاثة عناصر أساسية:

1. الاسم التجاري

2. الشعار

3. التصميم المسجل أو المحمي

وما لم يقع الاعتداء على أي من هذه العناصر، لا يقوم أساس قانوني للدعوى.

رابعًا: الهوية البصرية وفقًا للمراجع الحديثة

تشير الأدبيات المتخصصة — ومنها دراسات حديثة حول بناء الهوية البصرية — إلى أنها تمثل مجموعة العناصر التي تُعرّف المشروع في ذهن الجمهور: الألوان، الخطوط، نمط التصوير، شكل التغليف، الشعار، والمسار البصري العام للمكان.

لكن من منظور الملكية الفكرية، ثمة فارق جوهري:

الهوية البصرية ليست محمية بذاتها، بل تُحمى فقط عندما تتضمن عنصرًا ابتكاريًا يتمتع بالانفراد والتميّز.

وبالتالي فإن عناصر مثل:

اللون الأحمر والخط السميك والواجهة الزجاجية وأو أسلوب التغليف الشائع عالميًا لا تُعد ملكيات فكرية قابلة للاحتكار، لأنها تنتمي إلى “لغة الصناعة” لا إلى مجال التميّز القانوني.

خامسًا: متى تتحول الهوية البصرية إلى حماية قانونية؟

تتحول الهوية البصرية إلى عنصر محمي قانونيًا عندما:

1. تكون ابتداعية وغير شائعة في القطاع،

2. تكتسب تميّزًا ثانويًا عبر الاستعمال الطويل،

3. يؤدي تقليدها إلى لبس حقيقي لدى المستهلك.

أما عندما تكون الهوية مستمدة من المدرسة العالمية للوجبات السريعة — وهي مدرسة موحدة تقريبًا في الألوان والأشكال — فإن عنصر “الانفراد” يكون ضعيفًا، ولا ينهض معه أساس قانوني للحماية وعليه فانه ومن منظور مهني واستراتيجي، على العلامات الناشئة في الأردن أن تتجه نحو بناء هوية بصرية فريدة، لأن:

• التميّز يحمي العلامة،

• ويعزّز مكانتها في السوق،

• ويمنع المقارنات الشعبية المربكة،

• ويمنح العلامة شخصية طويلة الأمد.

فكل ما ينتمي إلى مدرسة التصميم العالمية للـ Fast Food — من الألوان إلى أسلوب الواجهة — لا يدخل أصلاً في نطاق الملكية الفكرية المحمية.

Share and Enjoy !

Shares