أستاذ تغير مناخي: توصيف خاطئ للحالة الجوية أربك المشهد
شارك
– أكد أستاذ التغير المناخي وخبير التنبؤات الجوية الدكتور قاسم الطراونة، أن التوصيف الخاطئ للحالة الجوية الأخيرة التي أثرت على المملكة هو السبب في ارباك المشهد في الشارع الأردني.
وقال الطراونة لـ عمون، إن العاملين في التنبؤات الجوية في الأردن اعتادوا على تسمية حالة عدم الاستقرار لأي امتداد لمنخفض البحر الأحمر يترافق معه هواء علوي بارد في طبقات الجو العليا والمتوسطة، مشيرا إلى أن هذه دروس قديمة “تعلمناها من استاذنا الدكتور علي عبنده رحمة الله عليه”، ولكن التغيرات المناخية والتي بدأت تؤثر على المنطقة حديثا اصبحت تخدع هذا الجيل الذي بنى خبرته على معلومات لم تعد صالحة هذه الأيام.
وبين الطراونة، أن الاعتماد على قراءة الخارطة الجوية بالطريقة الكلاسيكية لم تعد تصلح ولا تجدي في ظل التغيرات المناخية الحديثة.
وأوضح أن ما حدث في الحالة الجوية الاخيرة، من وصف على انها عدم استقرار هو خطأ كبير يجب ان يعترف به العاملون بهذا المجال وهم قرارة انفسهم ( ولو اخفوا ذلك)، وكل من يفهم بهذا العلم ادركوا ان الحالة ليست عدم استقرار.
وأكد أن الحالة الجوية كانت امتداد لمنخفض مداري شامل امتد من ينبع في سواحل البحر الأحمر في السعودية مرورا بالأردن حتى أواسط سوريا.
وأشار الطراونة إلى أن هطول الامطار الشامل لكل محافظات المملكة ليست حالة عدم استقرار، لأن حالة عدم الاستقرار ليست من سماتها الشمولية حيث انتظمت الامطار كافة مناطق المملكة.
وبين أن هذا أحد اشكال التغير المناخي الذي بدأ بحالات لم يعتاد عليها العاملون في هذا المجال، فبالرغم من تنبيه مراكز التنبؤات من خطر تشكل السيول لم يكن في ذهن المتنبئ الجوي ان ما حصل سيحصل بهذا الحجم. حيث انه يعرف ان حالة عدم الاستقرار تشمل منطقة محدودة وبشكل غير منتظم من حيث الزمان والمكان أي ان في ذهنه نطاق محدود زمانيا ومكانيا وعشوائيا، الا ان السيول داهمت غالبية مناطق المملكة عمان، الزرقاء، وعجلون، الاغوار، الطفيلة، اربد، المناطق الشرقية والمناطق الجنوبية.
وقال، إن نفس هذا المنخفض تكرر قبل سنتين حيث كانت الامطار المصاحبة لذلك المنخفض تمتد من مكة المكرمة وحتى شمال الأردن وقد أطلقت مراكز التنبؤات الجوية آنذاك على ذلك المنخفض بانه حالة عدم استقرار، ومع كل اسف يتكرر المشهد للمرة الثانية.
وأضاف، أن التغيرات المناخية أحدثت تغيرات كبيرة في مرجعيات التنبؤات الجوية القديمة وما عادت تصلح تلك القيم المرجعية القديمة لان يبني عليها المتنبئ الجوي تنبؤاته والحكم على أحوال الطقس.
ودعا الطراونة الحكومة إلى الاستعانة بأصحاب الخبرة لأجراء جراحة وهيكلة لهذا القطاع “الذي بات يلعب فيه كل من هب ودب” وفق ما قال.
وأشار إلى أن الخبراء هم من يملكون المشرط الحقيقي لأجراء هذه الجراحة المستعصية، فبلدنا زاخر بالعلماء والخبراء في مجال الدراسات المناخية والبرمجيات والذكاء الصناعي وهم قادرون على صنع النجاح وإيجاد فرق بين العبثية المضللة للمواطن وإيجاد حالة من الوعي في هذا المجال.
وأشار إلى أن أي خطأ في النشرة الجوية له انعكاس كارثي على الاقتصاد وحياة الناس، فتنبؤ خاطئ بوجود حالة ثلج مثلا يربك الناس ويجعلهم يهرعون لشراء الخبز والمواد وتعطيل الناس والدوائر الحكومية والجامعات والمدارس، وكذلك في حالة وجود نشرة جوية خاطئة يترتب عليه انعكاس سيء على الاقتصاد الذي نحاول النهوض به.
وقال الطراونة، “لا يليق بالأردن بلد العلم والعلماء ان يستعين بغير المختصين في التنبؤات الجوية ليكونوا على رأس الهرم في هذا المجال، ولنسمي الأشياء بمسمياتها. فكما أن القوانين لا تسمح للطبيب البشري ان يدعي انه يفهم بالهندسة المدنية ويشرف على بناء عمارة وبالمثل يجب ان لا يسمح لغير المتخصصين بالطقس والمناخ ان يمارسوا هذه المهنة”.