يترقب العرب وبخاصة الاردنيين والفلسطينيين بحذر وتشاؤم ما سيعلنه الرئيس ترمب خلال الاثنين وسبعين ساعة القادمة وربما اقل حسب مانسب الى البيت الابيض عزم الرئيس ترمب الكشف عن تفاصيل، ما يسمى بصفقة القرن او خطة السلام الاميركية للشرق الاوسط، تلك الخطة التي بدأ الحديث عنها بتكتم شديد منتصف العام الفائت مع تسريب مقصود لبعض بنودها وتأجيل الافصاح عنها اكثر من مرة حسب الاجندة الداخلية للادارة الاسرائيلية.
ومنذ الاعلان الاول عن الصفقة اتخذت الولايات المتحدة عدة قرارات قيل انها جزء من بنود الصفقة مثل نقل السفارة الاميركية الى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة لاسرائيل وتأييد ضم هضبة الجولان العربية السورية وعدم اعتبار بناء المستوطنات الاسرائيلية على اراضي الضفة الغربية معيقا للسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وتأييد ضمني لتوجه اسرائيل لاعلان يهودية الدولة والسكوت عن الاقتحامات اليومية للأماكن المقدسة من قبل المستوطنين الصهاينة ووقف المساهمة في تمويل كلفة وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين واخيرا عدم ال?عتراض على نية اسرائيل ضم منطقة غور الاردن وشمال البحر الميت واخضاعها للسيادة الاسرائيلية وهو ما يتوقع ان يكون ضمن بنود صفقة القرن المرتقبة.
في هذه الاثناء ظل الاردن يتحرك في كل العالم ويتحدث عبر كل المنابر والمنصات محذرا من خطورة ما ستقدم عليه الولايات المتحدة واسرائيل من خطوات تقتل عملية السلام وتنهي اي امل في ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، لكن دعوات الاردن ظلت تواجه بالتأييد اللفظي وابداء التقدير والاحترام لدور الاردن في تحقيق السلام في المنطقة وابعادها عن العنف والارهاب تأكيدا لسياسة الاعتدال التي ينتهجها ولا شيء اكثر من ذلك.
وفي الاثناء ايضا كان العالم العربي مشغولا اما بالبحث عن حلول لمشاكله الداخلية او بالبحث عن ركائز تثبيت الانظمة الحاكمة حيث تطوعت الولايات المتحدة واسرائيل بالعمل على ضمان بقاء بعض الحكام على كراسيهم رغما عن إرادة الشعوب ومهما ارتكبوا من افعال ضد هذه الشعوب من تنكيل وقهر وفساد افقر الشعوب وصادر مقدرات بلادهم.
هذه الحال ابعدت هذه الدول عن اي اهتمام بالقضية الفلسطينية ووضعتها على المدرجات تتفرج على مجريات اللعب دون تأثير فيه.
اذن اقتربت لحظة الحقيقة ولم يعد التحذير من مخاطر الصفقة ونوايا الذين خططوا وقرروا مفيدا فما العمل؟
اردنيا يفترض ان يترجم شعار الاردن اولا ومصلحة الاردن العليا الى اجراءات تحمي الارض الاردنية والشعب الاردني من اي مخاطر تعصف بوطننا الذي بناه الأباء والاجداد بالعرق والدم بمعنى ان الالتفات الى ترتيب البيت من الداخل وتأييد متطلبات منعته وقوته وبقائه يجب ان يتصدر جهد الدولة والشعب ويكون معيار الرفض او القبول لما يترتب على الاردن من آثار صفقة القرن، مبنيا وقائما على مدى عدم الاضرار بالمصلحة الوطنية للدولة الاردنية كيانا وارضا وشعبا.
وبموازاة الحرص على مصلحة الاردن فإن الدفاع عن حق الفلسطينيين في اقامة دولتهم المستقلة يجب ان لا يتوقف بل يستمر بنفس الزخم والقوة حتى لا تتحول الاوضاع في فلسطين المحتلة بعد الصفقة الى حالة مستقرة دائمة وان لا يسمح بالاستسلام للامر الذي تفرضه شروط الصفقة على الارض المحتلة شعبا وسلطة لان في تصليب موقف الفلسطينيين الرافض للصفقة مصلحة اردنية اضافة الى الواجب القومي والاخوي تجاه الشعب الذي تربطه بالشعب الاردني روابط تاريخية تجاوز شكل التعاطف العروبي نتيجة انصهار الدم بالتشابك الانساني بخصوصية ينفرد فيها الشعبان ?ي علاقة تميزهما عن بقية الشعوب العربية.
يجب ان لا يستسلم العرب لصفقة القرن وان لا يعتبروها نهاية مسيرة النضال لاستعادة الارض الفلسطينية المحتلة بل يجب ان تتحول الى نقطة انطلاق جديدة لمواصلة السعي لتحقيق هدف التحرير وكنس العدو الصهيوني عن الارض المحتلة، فالصراع مهما طال لا بد وان ينجلي بانتصار الحق على الباطل.