هو اسما ليس كالأسماء وتاريخ لا يشبه باقي الأيام، هو معاذ الكساسبة، الذي جعل منه حالة نضالية اردنيةـ كان ثلاثاء بغيوم سوداء عمت الأردن، نكست الاعلام ، حالة من الصمت عمت عمان عامة وأبناء عشيرة الكساسبة خاصة، ، فلم يمض وقتا ً طويلاً على نبأ اعلان تنظيم داعش إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة، حتى عم الحزن كل مكان، غضب ممزوج بالذهول والصدمة ساد الشارع الأردني واقعة آسىً أصبح الأردن بعدها الأقوى ، تماسك الشعب و اتحد ، هتافات غضب هنا واستنكارات هناك انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورا للشهيد ورسائل نصية عبر تطبيق “الواتس آب ” تضمنت ادعية للترحم على الشهيد، وقرعت الكنائس أجراسها حدادا على الفقيد.
تحولت الاذاعات والبث الأردني الرسمي الى تغطية مباشرة، عشرات الناس تجمهرت امام وزارة الداخلية الأردنية، أقيمت صلاة الغائب، بهذا أعلن الشعب الأردني انضمام الشهيد الكساسبة الى قائمة الشهداء الأردنيين في معارك الجيش العربي، ليكون الشهيد رقم 2475
فكما قال جلالة الملك عبد الله الثاني بن المعظم في ذلك الوقت مشددا ً “لقد قضى الطيار الشجاع معاذ دفاعا عن عقيدته ووطنه وأمته، والتحق بمن سبقوه من شهداء الوطن، الذين بذلوا حياتهم ودماءهم فداء للأردن العزيز.” كما تحدث جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم في أحد مقابلاته مع طالبتين جامعيتين، عن مشاعره تجاه لحظات وأحداث مهمة في حياته، وما الذي يفرح جلالته ويغضبه، وما يحب من الصفات وما يكره، قائلا إن من أكثر المواقف التي أغضبته في آخر عشرين عاماً، استشهاد البطل معاذ الكساسبة.
كان وحشية مبتكرة، وتوقيت تصوير وبث اخرق لمشاهد الجريمة البشعة، هز الأردنيون ووحدهم في مواجهة “داعش”، فالحرب أصبحت بعد معاذ حربهم ضد تنظيم مقيد ومفزع، فتنظيم داعش الإرهابي حرق الشهيد الطيار معاذ الكساسبة حيا، مقدمين دليلً قوي على أن الإرهاب لا يميز بين دين أو آخر أو طائفة أو أخرى.
معاذ الكساسبة حكاية لن تنتهي، فرحيلك سطر أعظم الحكايات، وبعد كلنا مستمرون في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه حكاية توحدنا للاستمرار في محاربة التطرف والكراهية والإرهاب الذي لا دين له.
وعلينا ألا ننسى حلا ً يسير جنبا إلى جنب مع استعمال القوة، وهو مجابهة الفكر بالفكر، ومقارعة الحجة بالحجة لتحويل ذات الفكر المتطرف الى فكر متقبِّل لنتحول بها معا ً إلى سلوكيات وممارسات على ارض الواقع تحارب الأنشطة الارهابية. فلن يتزحزح هذا الفكر إلا من خلال فكر نيّر، ومسالم، وعادل، ومحب، محاربة الفكر تكون بالفكر. متمسكين بالثقة العالية بمؤسسات الدولة الأردنية وأجهزتها العسكرية والأمنية والإعلامية، ومستوى التنسيق الكامل بينها، وبقدرتها على حماية الوطن ومكتسباته، والذود عنه في مختلف الظروف مؤكدين على عمق التلاحم بينا والوقوف صفاً واحداً في وجه الأخطار والتهديدات الإرهابية، بإصرار على محاربه الإرهاب والمضي قدماً بمسيرة هذا الأردن الغالي.