7.1 C
عمّان
الإثنين, 23 ديسمبر 2024, 11:18
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

الاقتصاد الأردني .. نظرة من الخارج

الأردنيون قلقون على أوضاعهم الاقتصادية؛ فقد طال انتظارهم دون ان تتحقق الوعود بتحولهم إلى سنغافورة العرب. المحاولات التي جرى الحديث عنها لتطوير التعليم والتحول الرقمي وريادة الاعمال وجذب الاستثمار لم تحقق الكثير لإخراج الاقتصاد من عنق الزجاجة والوصول الى النهضة التي تحدث عنها رؤساء الحكومات مرارا. بالنسبة للأردن ما يزال الخليج العربي احد اهم ضمانات الاستمرار الاقتصادي وامل الخلاص الذي يراود الكثير من الأردنيين على المستويين الرسمي والأهلي. لهذه الاسباب فقد حرصت السياسة الرسمية الأردنية على ادامة علاقات ايجابية تتجنب الصدام او التوتر مع دول المحيط العربي في حين بقيت دول ومجتمعات الخليج العربي اهم الاسواق والمقاصد التي يتطلع اليها الشاب الأردني المؤهل ويجد فيها ضالته.

اليوم وبعد مرور اكثر من نصف قرن على انطلاق النهضة الاقتصادية الخليجية تقيم على الاراضي الخليجية عشرات آلاف الأسر الأردنية التي يعمل ابناؤها في الاقتصاد والادارة والتجارة والتعليم. الكثير من الأردنيين المقيمين في الخليج العربي لا يخفون إعجابهم بالمجتمعات المستضيفة ويكنون لقياداتها وشعوبها الكثير من التقدير والاحترام .

بعض الاسر الأردنية المقيمة في البحرين والامارات وقطر اندمجت تماما فتمثلت الهوية الثقافية لهذه المجتمعات، واصبح افرادها يرون أنفسهم كبحرينيين او قطريين أو إماراتيين، وانعكس ذلك على اللهجة ونمط اللباس والطعام.

منذ ايام التقيت بعدد من الشباب الأردنيين الذين تلقوا تعليمهم في الولايات المتحدة وانجلترا وكندا. بعض هؤلاء الشباب ابناء لأسر أردنية تملك شركات ومراكز مالية وادارية وثروات كبيرة . هؤلاء الشباب انخرطوا في برامج تعليمية هجينة “Interdisciplinary” تبدو غريبة على سوق العمل الأردني لكنها مطلوبة في بلدان الخليج العربي والاقتصادات سريعة النمو.

مصطلح إدارة الثروة “wealth management” تسمع به في كل محادثة ذات طابع اقتصادي او مالي في دبي والدوحة. والشباب الأردني يهيئون أنفسهم لسوق العمل الخليجي اكثر مما يفكرون بسوق العمل في بلدهم الذي تتقلص فرصه بالرغم من بيانات الشركات الريادية ومراكز الاعمال والمناطق الصناعية التي تتوالد ارقام توقعات العائد على شاشات العروض الالكترونية اكثر مما نشاهدها على ارض الواقع.

الشباب الأردني الذي تعلم في الغرب وسئم ثقافة الكسل والمحاصصة والامتيازات الموروثة يجد في كل من دبي والدوحة فرص عمل ونمو مهني في بيئة اعمال ميسرة تخلو من التعقيدات وتحترم الموهبة والإبداع.

في حوار مع الشباب الأردني حول أوجه التشابه والاختلاف بين كل من الأردن ودبي وعناصر الجذب والطرد في كل منهما افاد الشباب بأن الأردن يملك كل عناصر النجاح التي تتمتع بها دبي وربما أنه الأقدر على تنفيذ كل ما تنفذه السلطات في دبي من خلق لفرص العمل وسيادة القانون والحد من حجم تدخل الإرادة الإنسانية في نظم العمل الواضحة والعادلة. الشباب الأردني المغترب يرى ان المعوقات والتعقيدات الموجودة في بيئة الاعمال مصطنعة ويمكن التخلص منها بوجود إرادة تعمل على وقف أشكال العرقلة والتعطيل والابتزاز وبطء الاجراءات.

الشباب الأردني المغترب لا يرغب في العودة ولا يرى املا في التغيير في ضوء المعطيات القائمة. استمرار نزف الموارد البشرية وهجرة أكثر الشباب الأردني موهبة وقدرات الى الخارج يجعل من الأردن موطنا لمن لا تقبل به الاسواق العربية الواعدة ويحرم الاقتصاد والمجتمع من العناصر الخلاقة القادرة على إحداث الاختراق المطلوب للانطلاق نحو آفاق جديدة وواعدة.

ما لم تعمل الحكومات على تطوير بيئة الاعمال من حيث إيجاد تشريعات مستقرة وتبسيط الإجراءات وتوفير التمويل ورعاية الابداع ومحاربة الروتين والقضاء على الرشوة والفساد وأشكال المضايقات التي يتعرض لها المستثمر فسيبقى الوضع يسير من سيئ الى اسوأ.

Share and Enjoy !

Shares