17.1 C
عمّان
الإثنين, 23 ديسمبر 2024, 16:00
صحيفة الأمم اليومية الشاملة
ماجد توبة

حتى يكتمل النجاح الأردني في معركة الوباء

أغلب المؤشرات الصحية والحكومية باتت تؤشر إلى اقتراب العودة إلى الحياة الطبيعية في المملكة لكن بصورة جزئية ومتدرجة وضمن اشتراطات صحية مطلوبة، حيث تبعث الأمل بذلك قدرة البلاد على السيطرة على الوباء والحد من انتشاره بصورة واسعة بخلاف ما حصل بدول كثيرة، فيما يساعد إغلاق الحدود ووقف حركة القادمين على تعطيل أهم مصدر أساسي لنقل العدوى.
ورغم هذه السيطرة وانخفاض عدد الحالات المسجلة بالكورونا أردنيا، فإن الثابت أن العامل الصحي لا يؤيد من حيث المبدأ خروج الناس من بيوتها حتى فترة طويلة مقبلة تحوطا من التقاط العدوى وإعادة نشرها، إلا أن عوامل أخرى، اقتصادية واجتماعية وأمنية، ترجح كفة خيار العودة التدريجية لقطاعات الأعمال والحياة الاقتصادية لأن أضرار استمرار الحظر والمنع قد تفوق الأخطار الصحية التي نسعى لتجنبها من حيث تعمق الفقر والبطالة وانهيار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتضرر الكبيرة منها.
والمؤشرات الصحية على الأرض تساعد بحمد الله للإقدام على هذا الخيار قريبا والبدء بتطبيقه جزئيا وتدريجيا ربما خلال أيام قليلة، ويمكن أن يكون حجم الانفتاح وعودة الحياة لطبيعتها أكبر ببعض المحافظات التي يثبت السيطرة فيها على الوباء، كذلك فإن بعض القطاعات الإنتاجية يمكن لها العودة للعمل ضمن الالتزام بأعلى شروط الصحة والحد من العدوى.
إلا أن هذا التفاؤل وحتى التأييد للانتقال لمرحلة الرفع الجزئي والتدريجي للتعطيل وحظر الحركة لا يعني بحال الركون للطمأنينة والتساهل بالالتزام بشروط منع العدوى وعدم أخذ الاحتياطات الشخصية فخطر الوباء سيبقى قائما حتى وقت طويل بحسب كل المعطيات، والحياة ما قبل كورونا ليست كما بعدها بلا شك، وخيار العودة للحظر وضبط الإيقاع الاجتماعي بقرارات رسمية سيبقى خيارا قائما في حال- لا سمح الله- عادت بعض المؤشرات الصحية المقلقة.
الراهن أن الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تضرب حول العالم كله، وتطالنا في الأردن، باتت تضغط بقوة على عصب الحكومة وعلى عصب المواطنين ومختلف القطاعات الإنتاجية والاقتصادية، وهو ضغط لا يقل خطورة وحساسية عن ضغط الخطر الصحي الذي يتسبب به فيروس كورونا.
وإذا كانت الحكومة وأجهزة الدولة قد نجحت بصورة كبيرة بإدارة أزمة محاصرة الوباء والحد من انتشاره فمن الواجب الاعتراف أن ثمة تخبطا وقصورا بإدارة ما نتج عن الأزمة من النواحي الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، وقد يكون قرار الدفاع رقم (6) عنوانا واضحا لمثل هذا التخبط والذي رمت فيه الحكومة كرة مواجهة الأزمة الاقتصادية والمعيشية في حضن القطاع الخاص وموظفيه وعماله دون تقدير حقيقي ومسؤول لما يمكن أن ينتج عنه من اختلالات ومشاكل! نعلم أن أغلب دول العالم، بما فيها الأردن، أُخذت على حين غِرة بهذا الوباء الذي عطل الحياة والإنتاج والعجلة الاقتصادية وألقى بظلال سوداء على حياة مئات الملايين من البشر من العمال والموظفين والحرفيين والعاملين بالقطاعات غير المنظمة، لكن التحفظ هنا أردنيا هو على عدم تقديم مقاربات ومعالجات رسمية طارئة واستثنائية.. وصديقة – إن جاز التعبير- لأوضاع الشرائح الفقيرة وتلك التي تعطلت عن العمل وتوقفت مصالحها الصغيرة.
صحيح أن المعونات والمساعدات الرسمية بقيت مستمرة لأصحابها عبر صندوق المعونة الوطنية وبعض الجهات الرسمية الأخرى، وهو أمر إيجابي ومقدر بلا شك، لكن الحديث هنا بات عن عشرات آلاف الأسر الجديدة التي انضمت مع الحظر وتعطيل الأعمال إلى صف العوز والحاجة وانقطاع الدخل، وكل هؤلاء لم يروا بعد معالجة رسمية لأوضاعهم. دع عنك ما يمكن أن يسببه قرار الدفاع (6) من تسمين لشريحة المعوزين وفاقدي الدخل!
متفائلون بالانتصار قريبا على هذا الوباء وما خلقه من أزمات، ونتمنى أن تنجح الحكومة بمواجهة الأزمات الاقتصادية والمعيشية كما تفوقت صحيا وإداريا في محاصرة ومكافحة الوباء.

Share and Enjoy !

Shares