الطفيلة- بين أودية وسفوح عفرا والبربيطة وسيل الحسا شمال مدينة الطفيلة هناك عشرات من الطلبة في مدرستي سيل الحسا والبربيطة ممن أصبحوا لا حيلة لهم بمواصلة التعليم عن بعد الذي أصبح النافذة المعتمدة بين الطالب والمدرسة بعد تعطيل المدارس بسبب تداعيات فيروس كورونا، لولا فزعة المعلم عمر البدور الذي أبى إلا أن يتواصل مع طلبته ويعوضهم ما فات من دروس.
فهذه التجمعات المتنقلة بين رحلتي الشتاء والصيف، بحثا عن الكلأ والماء لأغنامهم بين الشعاب والهضاب تفتقر لعناصر التكنولوجيا الحديثة كالتلفاز والإنترنت وغيرها وسط وجود أكثر من مئة طالب وطالبة انقطعوا عن دروسهم.
وفي ظل هذه الظروف القاسية التي يعاني منها سكان هذه المنطقة تطوع المعلم (عمر البدور) الذي يعمل مدرسا في مدرسة البربيطة الأساسية بالتنقل بين طلبته الذين لم يعرفوا بعد بمنصات التعليم عن بعد مثل “درسك او سبيس” كونهم بمناطق لم تصلها خدمات الكهرباء والماء، باستثناء تجمع المكرمة الملكية السكني في واد الحسا الذي يحتضن نحو 15 مسكنا، فيما الفقر والبطالة والحاجة للخدمات الأساسية عناوين الحياة البارزة في صفحات تلك المناطق النائية، وذلك لمساعدتهم في مواكبة دروسهم وحصصهم المدرسية كي لا تفوتهم.
ويقول المعلم البدور لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، ان سكان البربيطة وسيل الحسا يتنقلون صيفا وشتاء بين جروف عفرا والبربيطة وتخدمهم مدرسة البربيطة المختلطة التي يتفاوت عدد طلبتها بحسب المواسم بين 50 – 60 طالبا يأتون سيرا على الأقدام من تجمعات الخيم المتباعدة لتلقي العلم واستكمال دراستهم بكل حب وشغف، بينما خرجت هذه المدرسة أجيالا عدة بينهم معلمون وضباط وغيرهم، ومثلها مدرسة سيل الحسا، مشيرا الى ان المعلمين بتلك المدرسة يبذلون جهودا كبيرة في تقديم كل أشكال الدعم والمساندة لأطفال هذه المناطق بالإضافة الى واجبهم المهني في التعليم.
واوضح البدور ان “واجبي تجاه هذه الفئة من الطلبة التي انقطعت عن التعليم لأكثر من شهرين جراء الظروف الراهنة في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وما تعانيه من افتقارها لوسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية وحتى التلفاز، ان أتواصل معهم لاستكمال الحصص والمنهاج مع اتخاذ احتراز التباعد الاجتماعي في خيمهم”.
وأضاف، ان برنامجي اليومي يقوم على الوصول لآخر نقطة تستطيع مركبتي اجتيازها لتبدأ رحلة زيارة الطلبة من الصفوف الأولى في خيمهم وتدريسهم ما فاتهم من المنهاج كل طالب في خيمة أسرته حفاظا على السلامة وعدم اختلاط الطلبة منعا لانتشار الفيروس، مؤكدا أن الحاجة ماسة لإيجاد حلول سريعة لهذه الشريحة من الطلبة التي وجدت نفسها وسط ظروف وخيارات صعبة. واكد البدور أن وسيلة التعليم التي يستخدمها في حصصه التي يعطيها لطلابه في الخيم هي عبارة عن “لوح ومجموعة من الأقلام”.
من جانبه قال وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي في تعليق عن هذا المعلم “نعم يحق لنا أن نفخر بمعلمينا، فمعهم دائما نكسب الرهان”.
وأضاف، إن “المشهد الجميل الذي ظهر به المعلم عمر البدور من مدرسة البربيطة الأساسية المختلطة بمحافظة الطفيلة وهو يكمل مشوار التعليم لطلبته في منازلهم ليس غريبا على معلمينا، فقصص نجاحهم مستمرة، ونبع عطائهم لا ينضب، فبوركت جهودهم، ولهم خالص الشكر والتقدير”.-(بترا)