من أكثر القطاعات التي تأثرت بجائحة كورونا، الصحافة الورقية ، التي توقفت طبعاتها عن الصدور في كثير من الدول وبالتالي تراجعت فيها نسبة الاعلانات كون جزءا منها ذهب الى الصفحات الالكترونية ،وتم تسريح العديد من العاملين ، الامر الذي تسبب بأزمة كبيرة في قطاع حيوي ظلت الدولة وما زالت تعتمد عليه في ايصال رسالتها الى مواطنيها والعالم .
هذا الأمر حدا ببعض الدول الى وضع خطط لمساعدة الصحافة وانعاشها عن طريق ضخ أموال ومساعدات وبالذات في دول اوروبية اعتبرت أن جائحة كورونا مثلها مثل الكوارث الطبيعية التي تهدد البشرية،مما يستدعي من الدول تقديم المساعدات للمتضررين ومنها الصحافة ،حتى لا يُرمى العاملون على قارعة الطريق في صفوف البطالة ،كون بعض الصحف قامت بتسريح اعداد من الصحفيين ،والاعتماد على أعداد محدودة من العاملين ،نتيجة انخفاض الايرادات عن طريق الاعلانات او الاشتراكات .
الدول التي يهمها الصحافة كواجهة ديمقراطية،وإرث يجب المحافظة عليه ، تحركت بشكل سريع لدعم الصحافة بحيث لا يكون المستقبل غامضا لهذا الصناعة ،وساهمت بعض الدول بدعم الصحافة ،ودول أخرى بحثت عن حلول سواء عن طريق بناء تحالفات مع شركات الاتصال ، أو تخصيص مبالغ مالية من شركات التكنولوجيا التي استفادت من الصحافة كصناعة تعمل على تدفق المعلومات التي تم ضخها بصورة غير معهودة في فترة الحظر التي اعتمدتها الكثير من الدول في العالم ،بالمقابل فانها تحصل على أموال طائلة من المعلومات التي يتم بثها ،مما يستوجب من الشركات التكنولوجية دعم الصحافة .
هناك جدل عالمي وبالذات من المؤسسات الدولية المعنية بحرية الصحافة ، أيهما يمكن أن يكون أكثر فاعلية وفائدة للصحافة دون أن يؤثر على حرية الرأي ، الدعم الحكومي أم تحديد نسبة من الاموال أو الايرادات لصالح الصحف تؤخذ من أرباح شركات التواصل الفاعلة في العالم ؟ ويبدو أن دول مثل بريطانيا أخذت بالطرف الثاني الذي وجدته الاقرب وخصصت نسبة 6 % من ارباح شركات التواصل لتذهب الى الصحافة الورقية .
ونحن في الاردن مع اغلاق جميع الحلول ، يبدو أن الاتجاه الواضح، إعادة ترتيب الوضع الداخلي للاعلام ومنه الصحافة ،وكان واضحا تصريح رئيس الوزراء عمر الرزاز بتوجه الحكومة نحو دمج العديد من المؤسسات الحكومية ومنها دمج المؤسسات الاعلامية الرسمية،وهذا يعني تسريح اعداد كبيرة من الصحفيين والاعلاميين المهنيين الذين تعبت عليهم مؤسساتهم في سوق يعاني من البطالة ، معتقدة ان دعمها لمؤسسات بعينها يمكن ان يحافظ على حيوية الصحافة بالنسبة للمجتمع،مع أن هذه فترة مؤقته ستنتهي بانتهاء وباء كورونا ، حيث ستعود الاذاعات والمحطات الفضائية والمواقع الالكترونية والصحافة الورقية التي ستعيد هيكلتها الى التنافس والتمسك بجذورها وهويتها، مجرد ان يخرج الانسان من عزلته ،لانه سيعيش بالطريقة التي يريدها وليس في عالم من الوهم ،يفتقد الى التفاعل والتقارب بين الناس .
التحدي الحقيقي للمؤسسات الاعلامية يكمن في وجودها ، فالقاريء سيظل مشغولا وفي مختلف الحالات ، في البحث عن المعلومة الموثوقة والاخبار الصادقة التي تقوم على حقائق تساعده على فهم ما يواجه من ازمات ومنها أزمة كورونا التي لم تتضح لغاية الان لا مصادرها ولا مضاعفاتها وحتى مع صافرة النهاية للحظر الذي عاشه العالم لمدة ثلاثة شهور لم يخرج علاج من اي دولة لهذا الفيروس …
الدولة تتحمل مسؤولية في حماية الصحافة الورقية لانها هي التي تنقل رسالتها ووجهها الحضاري وهي التي تقلل من نسبة الاخطاء وتحفظ الاخبار من التزييف بعد ان تناثرت المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يتم التحقق منها .
الموضوع السابق
الموضوع التالي