27.1 C
عمّان
الأربعاء, 3 يوليو 2024, 22:31
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

وصفات الخراب للصندوق الدولي

..!! منذ بداية نشوء الدولة الأردنية، امتلكت الحكومة وأذرعها المختلفة نصيب الأسد من الدخل الوطني، ما وضع الاقتصاد على سكة الطُفيليّة والريعي والإنفاق الاستهلاكي مثّلت أزمة الثمانينات الاقتصادية، والتي تكلّلت بانخراط الأردن ببرامج الصندوق، انعطافة نوعية فتحوّلت الدولة الأردنية من إدارة الاقتصاد إلى لعب دور الرقيب عليه، بما فيه ملف الدين العام يعتبر الأثر الأبرز للانتداب البريطاني على إمارة شرق الأردن، هو المساهمة في إنشاء اقتصاد وطني على أساس مشوّه، حيث أن بريطانيا كانت تُموّل النفقات العامة للإمارة بنسب تتراوح بين 60٪ إلى 70٪، وذلك طوال الفترة التي سبقت إلغاء المعاهدة البريطانية – الأردنية في آذار من عام 1957، وهنا لم يتم التخلي عن مبدأ المساعدات لتمويل الإنفاق الجاري، وإنما جرى فقط استبدال هذه المساعدات بأخرى أمريكية. والملفت هنا أن جزءًا كبيرًا جدًا من هذه المساعدات كان مخصصًا للقطاع العسكري، على حساب دعم أو خلق قطاعات إنتاجية يتمخض عنها تراكم رأسمالي يضع الخطة الأولى لتكوين شكل من أشكال الاقتصاد المتولّد ذاتيًا. فمنذ بداية نشوء الدولة الأردنية، امتلكت الحكومة وأذرعها المختلفة نصيب الأسد من الدخل الوطني، ما وضع الاقتصاد على سكة الطُفيليّة والريعية والإنفاق الاستهلاكي، بالإضافة إلى استمالة الرأسمال الوطني الممثل بشكل رئيسي بالبرجوازية التجارية، آنذاك، إلى القبول بالسياسات الحكومية غير الإنتاجية مما أدى إلى اندماجها في الجهاز الرسمي للدولة التي كانت طريق سهلًا وسريعًا للإثراء الشخصي وكسب المال. خمس برامج اصلاح اقتصادي دفع بها صندوق النقد الدولي على شكل وصفات لانقاذ الاقتصاد الأردني منذ عام 1989 لكنها جميعا فشلت بل فاقمت الوضع الاقتصادي على نحو ينذر بالخطر، فهل المشكلة في برنامج صندوق النقد أم في السياسة الاقتصادية الاردنية ام في الية التنفيذ والتطبيق لدى الحكومات المتعاقبة؟ مراقبون يرون ان افضل ما قدمته هذه الوصفات للأردن هو منع الانهيار لكنها لم تنجح في النهوض باقتصاد تحول بشكل موحش الى الاقتصاد الحر الخصخصة ومؤخرا ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد على اتفاق يغطي 3 أعوام للاستفادة من تسهيلات بقيمة تعادل 514.65 مليون فيما اعتبره مراقبون مصيدة جديدة وورطة اخرى لسحب الاقتصاد الاردني نحو الهاوية ، واعتبر خبراء اقتصاد أن البرامج التي ارتبط بها الأردن مع صندوق النقد الدولي، لم تثبت نجاحها التام، في إحداث نقلة اقتصادية نوعية في المملكة، رغم أنها جنبته من الانهيار في مرحلة ما . مراقبون اخرون يقولون انه نتج عن برامج التصحيح هذه تشريعات عديدة زادت الهوة الاقتصادية وحولت البلاد الى النهج الجبائي ووترت العلاقة بين الشارع والحكومة على نحو مقلق ومضر . وفي توصيف للآثار السلبية التي جلبتها علينا اسشتارات صندوق النقد بل املائاته، يمكن القول ان الصندوق تسبب الى جانب سياسات الحكومة الخاطئة في رفع مديونية الاردن من 6 مليارات دينار إلى ما يقرب من 29 مليار دينار ،جانب آخر يراه المحللون وهو رفع حصة الخدمات، من الناتج المحلي الإجمالي على حساب قطاعات منتجة مثل الصناعة والزراعة، رغم أنها القطاعات الأقدر على مواجهة البطالة والفقر، وتوفير عملة صعبة والتخفيض من فاتورة الاستيراد . الى جانب ذلك تبدو حقيقة انتقال الاردن من البرامج غير الإلزامية إلى البرامج الإلزامية واحدة من اسباب تدمير الاقتصاد الاردني خلال العلاقة مع صندوق النقد الدولي ، لا نعرف ماذا بقي من وصفات بعد تحرير الأسعار وإلغاء أنواع الدعم الحكومي وتخفيض أو انهاء ملكيات الحكومة في الشركات، وزيادة الضرائب ، بين الحين والاخر تزور بعثة الصندوق الاردن ، في إطار المراجعة للسياسات الاقتصادية فهل نحن مقبلون على وصفة خراب جديدة ؟ تكاد وصفات هذا الصندوق النكد تتشابه ولا تختلف لكل دولةٍ تلجأ إليه وتطلب مساعدته أو ترغب في استشارته، فهو يدفع الحكومات لاتباع سياساتٍ تقشفيةٍ حادةٍ لمناسبة العجز المالي الذي تعاني منه، وقد أدت سياسة التقشف التي يعتمدها إلى تدمير الخدمات الاجتماعية، وتلف الضمان الصحي، وانهيار المؤسسات التعليمية، فضلا عن تفشي ظاهرة البطالة وإغلاق المؤسسات العامة، والمعامل والمصانع الصغيرة التي فقدت السند والحماية من الدولة . صندوق النقد الدولي يدعو إلى تحرير التجارة الخارجية ورفع القيود عنها، والسماح للمنتجات الغربية بالمنافسة والدخول إلى أسواق البلدان الوطنية، حيث تجتاح الشركات العملاقة العابرة للقارات حدود هذه الدول، الأمر الذي من شأنه أن يقود دوماً إلى حدوث حالة بطالة عامة، تسفر عن خرابٍ وفقرٍ مدقعٍ بين الطبقة الأكبر والأكثر عدداً في البلدان النامية . الدول التي خضعت لوصفة صندوق النقد الدولي وطبقت شروطه، ازدادت مديونيتها وتضخمت أزماتها، وتضاعفت مشاكلها، وزادت نسبة بطالتها، وانخفضت قيمة عملتها، وتراجع مستوى دخل أفرادها، واتسعت الهوة بين مواطنيها، وخلقت طبقة صغيرة غنية فاحشة الثراء، وأخرى كبيرة فقيرة محرومة من كل شيء

Share and Enjoy !

Shares