(عامر الشوبكي)
يوم أمس لجأت الحكومة إلى التحكيم لمواجهة شركة العطارات للطاقة على أرضية الغبن الفاحش مما يعني إيقاف دخولها على النظام الكهربائي لحين صدور قرار التحكيم، جاء ذلك بعد تعالي الاصوات ومطالبنا الدائمة عبر الإعلام الاردني وعن طريق الدوائر الحكومية المختلفة بضرورة إيقاف أو مراجعة اتفاقية العطارات للكهرباء، وتقدير الخسائر الحكومية بأكثر من 200 مليون دينار سنوياً، او ان الحكومة ستضطر إلى رفع اسعار الكهرباء على المواطن بنسبة 17% بعد ادخال هذا المشروع على الشبكة الكهربائية، وأن شراء كهرباء من مشروع العطارات بسعر 11.8 قرش للكيلو واط فيه غبن فاحش وإجحاف وهو يُنتج الكهرباء من وقود محلي وهو الصخر الزيتي، وهذا يخالف العقل و المنطق عندما نعلم أن إنتاج الكهرباء من محطة السمرا الحكومية التي تعمل على الغاز المستورد يكلف فقط 4.6 قرش للكيلو واط وبعد تأمين الكلف والمرابح،
الا أن شركة العطارات كانت مستمرة في بناء مشروعها طيلة السنوات الماضية دون إزعاج حقيقي سواء من الحكومة أو من مجلس النواب، خاصة بعد دخول شركة محلية تعود لمتنفذ وتوليها اعمال التعدين والحفر ونقل الصخر الزيني في مشروع العطارات.
ومع ان هذا المشروع كان سيرفع مستوى امن الطاقة الاستراتيجي للاردن ويدعم التنوع في مصادر الطاقة ويوفر التشغيل للعمالة والخبرات المحلية في حال التعاقد العادل، الا ان الفساد الإداري وسوء التخطيط والتعاقد الخاطئ أدى إلى وصول الحكومة الاردنية إلى التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس، وتعريض السمعة الاستثمارية للاردن للتشويه.
ومع ذلك وبعد هذا الإجراء فمن المناسب مراجعة كافة عقود توليد الكهرباء والتي تمت بنفس اسلوب تعاقد شركة العطارات من حيث الشريك المتنفذ او المنسحب بعد الموافقة الحكومية على عقود فيها غبن فاحش،
ونطالب أيضاً بمراجعة جميع اتفاقيات الطاقة بشكل كامل لتخفيف عبئ هذا الملف الضاغط على المواطن وعلى الموازنة والحكومة،
وكذلك نطالب بمراجعة اتفاقيات التعدين في الفوسفات والبوتاس الذي يمكن الشركات الاجنبية من إحتكار ثروات الأردن الطبيعية،
كما ومن المناسب اجراء تحقيق موسع ومحاسبة جميع من وقع على هذه الاتفاقيات سواء من المتسببين من المسؤولين السابقين، أو من الحاليين ممن هم على رأس عملهم، بسبب صمتهم طيلة عامين ونصف على إتفاقيات فيها غبن فاحش، وعلى إدخالهم مشروع العطارات ضمن إستراتيجية الطاقة الوطنية 2030 المعلنة قبل 4 أشهر مع علمهم بالغبن الفاحش الواقع في هذه الإتفاقية،
وبغير هذا الإجراء لن نستطيع تفسير ايقاف مشروع العطارات وحيداً في هذا الوقت وقبل موعد التسليم بشهر واحد، الا من باب سعي الحكومة ووزارة الطاقة الاردنية على إستمرار إتفاقية الغاز مع الحكومة الاسرائيلية وشركة نوبل إنيرجي، و التي كانت ستتأثر بتراجع الكميات المصدرة للاردن من الغاز الطبيعي بنسب تتراوح ما بين 15-25%.
وقد تمت اتفاقية العطارات في عهد حكومة عبدالله النسور بتوقيع وزير الطاقة الأردني محمد حامد و بتاريخ 22 تشرين اول/اكتوبر من العام 2014 وذلك مع شركة العطارات للطاقة، وهي في حينه كانت إئتلاف شركات من الاردن وماليزيا وإستونيا، وذلك لإنشاء محطة لتوليد 470 ميغا واط من الكهرباء من خلال الحرق المباشر للصخر الزيتي المتوفر بكثرة في منطقة عطارات ام الغدران، حيث يعد الاردن رابع دولة في العالم من حيث احتياطي الصخر الزيتي.
اما في العام 2016 وفي 5 ايلول/سبتمبر فقد باع الشريك الأردني (شركة الشرق الأدنى)حصته لصالح الشركة الصينية (YUDEAN) بعد تأمين القفل المالي للمشروع من بنك الصين والبنك الصناعي التجاري للصين، والحصول على قرض بقيمة 1.623 مليار دولار ولاحقاً في العام 2017 تم الاغلاق المالي الثاني بقيمة 2.1 مليار دولار ، وبتأمين على القرض من الحكومة الصينية وشركة تأمين الدين والتصدير الصينية (Sinosure)، واصبحت الصين تملك 45% من المشروع عبر شركة يوديان المذكورة، و45% لشركة (YTL) الماليزية، و10% لشركة ( Eesti Energia ) الاستونية و لمدة زمنية محددة حسب اتفاقيات المشروع.
الا ان ما شجع شركة العطارات الأجنبية بالكامل على هذا الاقتراض الكبير وتحمل أعباء خدمة الدين والفوائد الكبيرة للبنوك، هو وجود قيم تعاقدية مرتفعة مع الحكومة الاردنية بسعر 11.8 قرش لكل كيلو وات في السنوات الاولى من التعاقد الذي يمتد لثلاثين عام ومرشحة للتمديد، عدا عن علامات إستفهام أثارها خروج الشريك الاردني بعد اخذ الموافقة الحكومية وبعد التعاقد بقيم سعرية يتضح فيها الغبن الفاحش.