7.1 C
عمّان
الثلاثاء, 26 نوفمبر 2024, 0:53
صحيفة الأمم اليومية الشاملة

أسباب الاصابة بحساسية الطعام

من الصعب فهم حقيقة أن الحساسية للطعام قد تسبب أضرارًا جسيمة، حيث يمكن لنوع معين من الطعام أن يؤدى إلى وفاة شخص بالغ يتمتع بصحة جيدة، ونوع طعام آخر يتسبب في انتشار حبوب على بشرة طفلك، أو يصيبك بمشاكل تنفسية كبيرة، وأعراض الحكة والتورم وآلام المعدة.

وفقًا لأطباء التغذية، فإن شخصًا واحدًا من كل أربعة أشخاص، يُصاب بحساسية تجاه الطعام، وسيواجه في مرحلة ما رد فعل شديدًا، المعروفة باسم: الحساسية المفرطة، وتُعرَّف بأنها رد فعل، وتتميز بأعراض مثل الدوخة والقىء. يمكن أن ينخفض ضغط الدم، ويمكن أن تنغلق المسالك الهوائية ويتوفى الشخص.

إحدى النظريات العلمية وراء ارتفاع نسبة المصابين بحساسية الطعام، هي أننا ببساطة أصبحنا أكثر وعياً بالحساسية الغذائية.

وبالنظر إلى البيانات الطبية، فإن معدل الحساسية الغذائية في جميع أنحاء العالم قد ارتفع من حوالى 3٪ من السكان في عام 1960 إلى حوالى 7٪ في عام 2018.

ولا يقتصر الأمر على الزيادة في المعدل، فقد اتسع نطاق الأطعمة التي يعانى الأشخاص من الحساسية تجاهها.

ففى البداية، قبل عقود، كانت الأطعمة الكلاسيكية فقط: المأكولات البحرية والحليب والمكسرات. الآن توسع الأمر بشكل كبير ليشمل مجموعة كاملة من المنتجات.

يذهب أحد التفسيرات إلى ما يُعرف بـ«فرضية النظافة»، والتى تعنى أنه كلما كنا أكثر نظافة، زاد احتمال إصابتنا بالحساسية، لكن هذا ليس صحيحًا تمامًا.

تم افتراض النظرية من قبل عالم الأوبئة، ديفيد ستراشان، الذي لاحظ في عام 1989 أن الأطفال الذين لديهم أشقاء أكبر سنًا، هم أقل عرضة للإصابة بالإكزيما.

كتب: «على مدى القرن الماضى، أدى انخفاض عدد أفراد الأسرة، والتحسينات في المرافق المنزلية، والمعايير العالية للنظافة الشخصية، إلى تقليل فرصة انتقال العدوى بين العائلات الشابة».

التفسير الأكثر حداثة للفرضية، هو أنه لا يتعلق بما إذا كنت تحافظ على منزلك نظيفًا أم لا، بل يتعلق بما إذا كانت أمعاؤك تواجه أنواعًا مختلفة من الكائنات الحية الدقيقة.

السبب في أن وجود الأشقاء الأكبر سنًا كان أمرًا جيدًا في الواقع، لأن ذلك يزيد من احتمالية انتقال الكائنات الحية الدقيقة للعائلة، وعلى وجه الخصوص الكائنات الحية الدقيقة من الأم، فعند حدوث ذلك، فإنك تملأ أمعاءك بالكائنات الدقيقة التي «تقوى» جهاز المناعة.

هذا هو أحد الأسباب الذي قد يكون له صلة بين حساسية الطعام والأطفال الذين يولدون بعملية قيصرية، فعدم خروج الطفل من قناة الولادة الطبيعية يعنى أن الطفل لا يبتلع البكتيريا المفيدة في أمعاء الأم.

في الدنمارك، ثبت أنه كلما زاد عدد القطط والكلاب لديك، قل احتمال إصابتك باضطراب الحساسية.

الفول السودانى والحساسية
هناك نظرية رائعة أخرى، وهى التعرض لمسببات الحساسية المزدوجة.

تقول كلير ميلز، أستاذة الحساسية الجزيئية في جامعة مانشستر بإنجلترا: «عندما بدأت هذه الحساسية تجاه الطعام في الظهور في التسعينيات، كان الناس قلقين للغاية بشأن إدخال الأشخاص الفول السودانى في وجبات الأطفال الغذائية، وانتهى بنا الأمر في الواقع بإرشادات تقول: لا تعطِ طفلك هذه الأطعمة حتى يبلغ من العمر ثلاث سنوات».

وتقول إن هذه النصيحة لم تكن تستند حقًا إلى أي دليل. في الواقع، كان يجب على الآباء فعل العكس تمامًا، من خلال إدخال الأطعمة المسببة للحساسية وإطعام اطفالهم منها.

والسبب هو أن مجرد عدم تناول الرضيع للفول السودانى، لا يعنى أنه أصبح في أمان. يمكن أن يكتسب الطفل تأثيرات الفول السودانى من التلامس مع الكريمات التي تحتوى على زيت الفول السودانى، فهذا التلامس مع الجلد يمكن أن يؤدى إلى استجابة من جهاز المناعة.

على سبيل المثال، إذا كان لديك رضيع صغير مصاب بالإكزيما المبكرة، وكان الوالدان يأكلان الفول السودانى دون غسل أيديهما، ثم تلامسا مع الطفل، يمكن أن يشعر الطفل بالحساسية من خلال تلامس الجلد.

ولكن.. عندما يأكل الطفل الطعام بعد ذلك، فإن جهاز المناعة يدرك أنه تهديد ويهاجم أي خطر. حوّل أحد الاطباء تلك النظرية الطبية إلى قافية لا تُنسى: «من خلال الجلد تبدأ الحساسية. من خلال النظام الغذائى، يمكن أن تظل الحساسية هادئة».

كان هذا هو السبب في إجماع الخبراء، خاصة بالنسبة للأطفال المصابين بالإكزيما، على أنه يجب تقديم مجموعة متنوعة من الأطعمة في مرحلة الفطام، حيث يبدو أن تناول الفول السودانى أثناء الحمل يمكن أن يحمى الأطفال بشكل أكبر.

ولكن.. في عام 2000، حذرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال والنساء، من تناول الفول السودانى أثناء الحمل. ومع ذلك، في عام 2008، بعد أن فشلت مجموعة واسعة من الدراسات في العثور على رابط قاطع بين النظام الغذائى قبل الولادة والحساسية الغذائية، غيرت الأكاديمية مسارها، وقالت إنه لا يوجد دليل مقنع على أن الحوامل يجب عليهن إما تجنب أو تفضيل المواد المسببة للحساسية المحتملة.

هناك عامل آخر يمكن أن يكون فيتامين د.
هل نعانى من ارتفاع معدلات حساسية الطعام لأننا نقضى المزيد من الوقت داخل المنازل، ونحرم أنفسنا من فيتامين د، الذي يلعب دورًا مهمًّا في تطوير آليات تنظيم المناعة؟

حساسية الطعام
أظهرت بعض الدراسات وجود صلة بين فيتامين (د)، ومخاطر الحساسية الغذائية المعدلة، لكن الباحثين في ألمانيا وجدوا ارتباطًا إيجابيًّا بين مستويات فيتامين د، لدى الأمهات وخطر الإصابة بحساسية الطعام قبل سن الثانية. ووجدت دراسة ألمانية أخرى أن الأطفال الذين لديهم معدلات أعلى من فيتامين (د) عند الولادة، كانوا أكثر عرضة للإصابة بحساسية تجاه الطعام في سن الثالثة.

مع استمرار البحث في ارتفاع الحساسية الغذائية، يبقى السؤال: كيف يبقى الشخص آمنًا وسط ارتفاع حالات الحساسية تجاه الطعام؟

إن تجنب الطعام بالكامل لن يساعد بالضرورة بل قد يضر. إذا كنت شخصًا يعانى بالفعل من الحساسية، فإن العلاج المناعى، مع استهلاك كميات خفيفة من الأطعمة المسببة للحساسية، وزيادة كميات الأطعمة المسببة للحساسية، في فترات متباعدة، يحقق نتائج واعدة للغاية. بالنسبة لبعض الناس، قد يعنى ذلك الفرق بين الحياة والموت.

Share and Enjoy !

Shares